الخصيصة الرابعة عشر (من الخصائص العشرين)
في معنى «#الصديقة_الكبرى»#الصديقة_الكبرى: وهو لقب شريف عظيم مدح الله تبارك وتعالى به
مريم (عليها السلام) في القرآن المجيد قال تعالى: (ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام أنظر كيف نبين الآيات ثم انظر أنى
يؤفكون) (١).
ولقب
#رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) السيدة
#فاطمة الطاهرة ب
«الصديقة الكبرى» قال (صلى الله عليه وآله وسلم):
«وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى» (٢).والصديق على وزن فعيل من أبنية المبالغة كما
يقال: وهو كثير الصدق، والصدق نقيض الكذب، ومنه قوله
تعالى: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) (٣).
والصديق والصديقة بالتخفيف: الخل والمحب، رجلا أو امرأة، والصديق
يطلق على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.
وبديهي أن مقام الصدق والاستقامة في القول والفعل يأتي تلو مقام النبوة
ومنه قوله تعالى: (ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) (١).
وقال أيضا: (والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون) (٢).
وقال أيضا: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (٣).
وقال #رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مدح #أميرالمؤمنين (عليه السلام): «هذا خير الأولين وخير
الآخرين من أهل السماوات وأهل الأرضين، وهذا سيد الصديقين وسيد
الوصيين» وقد مدح القرآن الكريم يحيى بن زكريا ونعته بالتصديق فقال: (إن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله) (٥).
روي أنه لما دخلت مريم على أم يحيى لم تقم، لها فأذن الله تعالى ليحيى وهو
في بطن أمه فناداها: يا أمة تدخل إليك سيدة نساء العالمين مشتملة على سيد رجال العالمين فلا تقومين لها، فانزعجت وقامت إليها وسجد يحيى وهو في بطن أمه
لعيسى ابن مريم، فذلك كان أول تصديقه له» (٦).
وإنما مدحت مريم ووصفت ب «
الصديقة» لصدقها في دعواها أن عيسى منها
ولم يمسسها بشر، فشهد الله لها بالصدق، فصارت صديقة لأن الله صدقها.
وسميت السيدة
#فاطمة الزهراء (عليها السلام):
#الصديقة_الكبرى (عليها السلام) لأنها صدقت بوحدانية
الحق تعالى ونبوة أبيها وإمامة بعلها وإمامة أبناءها المعصومين واحدا بعد واحد وهي في رحم أمها وعند ولادتها.
ثم إنها كانت - وهي طفلة صغيرة - أول من سبق إلى التصديق بنبوة
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أمها، وعاشت في كنف الرسالة، واقتدت في جميع أحوالها وأفعالها
وأقوالها بمربيها العظيم، وأكملت منذ طفولتها ملكاتها القدسية النفسانية، وعاشت مع الصادقين والصديقين، وقد وصفها أبوها - وهو أصدق القائلين وأفضل الصديقين - بأنها «
الصديقة الكبرى» وفضلها بذلك على مريم العذراء، وقد قال:
«
فاطمة مريم الكبرى» (١).
وشهد لها بذلك - أيضا - عائشة بنت أبي بكر على ما رواه المشاهير
والنحارير من العلماء أنها قالت مرارا «ما رأيت امرأة أصدق منها إلا أباها» (٢).
وهذا الخبر صحيح ومعتبر عندهم، ومع ذلك فقد آذاها أبو عائشة وأعوانه
حينما طالبت بحقها الثابت، وغمها وخذلها المهاجرون والأنصار وهي تشكو
وتتظلم بينهم وتستنصرهم لإحقاق حقهم، فلم تجد منهم ناصرا ولا من مغيث،
ولم يصدقوا قول تلك الصادقة المصدقة، وكانت العاقبة أن عاشت أياما قليلة
تكابد الهم والألم، وفارقت الدنيا لتقف لهم غدا يوم القيامة بين يدي المنتقم الحق،
وتحاسب الرجال والنساء القساة الجفاة الذين صدقوا قولها وأذعنوا أن الحق معها
ولها، فدعواها حق وقولها الصدق، ولكنهم ما تبعوا تصديقهم القولي بالعمل،
فكذبت أفعالهم أقوالهم وناقضوا أنفسهم، وستحاجهم وتخاصمهم وتتظلم إلى الله،
فينصرها الله المنتقم نصرا عزيزا ويجازيهم بما كسبوا.
قال الطبرسي (رحمه الله) في مجمع البيان في ذيل الآية المذكورة (ومن يطع الله ورسوله... الخ) (١)
الصديق المداوم على التصديق - أي دائم الصدق - بما يوجبه
الحق. وقيل: الصديق الذي عادته الصدق، وهذا البناء يكون لمن غلب على عادته
فعل، يقال لملازم الشرب شريب (ولملازم الشكر شكير) وقيل في معنى الصديق:
إنه المصدق بكل ما أمر الله به وأنبيائه، لا يدخله في ذلك شك، ويؤيده (٢) قوله:
(والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون) (٣).
وسيأتي في غسل السيدة
#فاطمة الزهراء (عليها السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «
والصديقة لا يغسلها إلا صديق» (٤).وبناء على ما مر، فقد اتفق المخالف والمؤالف على أن السيدة
#فاطمة الزهراء هي
#الصديقة الكبرى قولا وقلبا وفعلا، لم تكذب قط كذبة واحدة،
وكانت تفعل ما تقول، ولم تتخلف قط في أداء أي تكليف أو امتثال أي أمر، وكان لها في ذلك صدق نية وعزم وثبات ومداومة ومراقبة تامة.
قال أهل التحقيق: إن التصديق يلازمه التبعية في الأقوال والأفعال، كما
صنع يحيى (عليه السلام) حين صدق بنبوة عيسى (عليه السلام) وتابعه متابعة كاملة من المهد إلى اللحد.