نقرأ في سُورة الضُحى هذهِ الآيات: {ألمْ يَجدكَ يتيماً فآوى¤ وَوجدكَ ضالّاً فهدى¤ وَوَجدكَ عائلاً فأغنى}
• ما المعنى المُراد مِن هذهِ الآيات، لا سيّما الآية السابعة بَعْد البسملة في سُورة الضُحى.. وهي قولهِ تعالى: {وَ وجدكَ ضالّاً فهدى}..؟!
• هل المعنى المُراد أنّ رسول الله كانَ ضَالاً أو مُتحيّراً، فَهداهُ الله تعالى إلى طَريق الجادّة والصواب..؟!هل هذا المَنطق مقبول..؟!
• هل يُعقل أنّ
#سيّد_الكائنات وأشرف الموجودات الذي هُو الإسمُ الأعظم الأعظم الأعظم لله تعالى، والإسم المكنون المخزون.. هل يُعقل أن يكون اسمُ الله الأعظم ضالاً أو مُتحيّراً لا يعرف طريق الهُدى..؟!
،
قَطعاً هَذا الهُراء مِن القول لا يُمكن أن يُقبَل أبداً..
الذين قَبِلوا هَذا الهُراء هُم الذين أَعرضوا عن حديث العترة الطاهرة، وذَهبوا يركضون خَلْف تُرّهات و روايات النواصب الفاسدة ومنهجهم الضال في تفسير القرآن..
:
❄ إذا أردنا أن نفهم الآية بشكلٍ صحيح، فلابُدّ أن نتوجّه إلى العُيون الصافية، إلى أحاديث أهل بيت العصمة "صلواتُ الله عليهم"، لأنّهم هم القرآن الناطق.. هم وحدهم تَراجمةُ وحي الله.
❁ جاء في تفسير القُمّي عن أهل بيت العصمة "صلواتُ الله عليم" في معنى قولهِ تعالى: {أَ لم يجدك يتيماً فآوىٰ} قال: اليتيم الذي لا مِثْل لهُ، و لذلكَ سُمّيتْ "الدُرّة اليتيمة" لأنّه لا مِثْل لها).
❁ وكما يقول إمامنا الثامِن ووليّنا الضامن عليّ بن مُوسى الرضا "صلواتُ الله عليه" في معنى قولهِ تعالى: {أَ لم يجدك يتيماً فآوىٰ¤ وَ وَجدكَ ضالّاً فهدى¤ وَ وجدك عائلا فأغنى} قال: {يتيماً} أي فَرْداً لا مِثْل لكَ في المَخلوقين فآوى الناس إليكَ، و {ضالًا} أي ضَالاً في قَومٍ لا يَعرفون فضلك فهداهم إليك، و {عائلًا} تَعولُ أقواماً بالعِلم فأغناهم اللهُ بك).
[تفسير العيّاشي]
والمُراد أنّه "صلّى اللهُ عليه وآله" كانَ مَنسوباً إلى الضَلالةِ عند قَومهِ.. أي أنّ قَومَهُ كانوا يَرونه ضَالّاً، فهداهُم اللهُ به..
كما يُشير إلى ذلك إمامنا الرضا "صلواتُ الله عليه" في رواية أُخرى إذْ يقول في قولهِ تعالى: {وَ وَجدكَ ضالّاً فهدى} يعني عند قومك، {فهدى} أي: هداهم إلى معرفتك).
[عيون أخبار الرضا]
:
❁ ويُشير إلى هذا المعنى أيضاً ابنُ عبّاس حِين سُئِل عن قول الله عزّ و جلّ: {أَ لم يجدك يتيما فآوىٰ} قال:
(إنّما سُمّي يتيماً لأنّه لم يكنْ لهُ نَظير على وجْه الأرض مِن الأوّلين ولا مِن الآخرين، فقال اللهُ عزَّ وجلَّ مُمتنّاً عليه بنعمته: {أَلَم يجدكَ يتيماً} أي وحيداً لا نظيرَ لك}
{فآوى} أي: آوى إليكَ الناس وعرّفهم فضلكَ حتّى عرفوك).
{وَ وجدكَ ضالّاً} أي: منسوباً عند قومكَ إلى الضَلالة، فهداهم لمعرفتك).
[معاني الأخبار: ج1]
:
✨ومضات توضيحيّة
✨● قوله تعالى {ألم يجدكَ يتيماً فآوى} صَحيح أنّ المعنى المُتبادر لليتيم في الّلغة: هو الذي مَاتَ والداه.. ولكنّ الأئمة "صلواتُ الله عليهم" لم يُشيروا إلى ذلك.. المُخالفون هُم الذين أشاروا إلى ذلك،
أمّا في كلمات
#أهل_البيت "عليهم السلام" فكما مرّ أنّ المُراد مِن {ألم يجدكَ يتيماً} أي: وُجوداً نادراً لا مَثيلَ لهُ و لا يُشابهه مُشابه.. كما نُعبّر ونَقول (دُرّةٌ يتيمة أي نادرة).
(عِلماً أنَّه لا اعترض هُنا على الحقائق التأريخية ولا المعنى الّلغوي العُرفي، ولكن الذي يُريده أهل البيت "عليهم السلام" هو معنىً آخر غير المعنى التأريخي العرفي)
:
● قوله الآية الكريمة {فآوى} هذهِ المُفردة على المعنى الأوّل (الظاهري) المُراد منها: أيّ أنّ النبي كان يتيماً بلا أب ولا أم، والذي آواهُ هُو أبو طالبُ وفاطمة بنت أسد.. يعني أنّ النبي آوى إلى بيت أبي طالب وفاطمة بنت أسد.
وإذا دقّقنا النظر في تعبير الآية، فهي تقول: {ألم يجدكَ يتيماً فآوى} يعني أنّ اللهَ تَعالى يَنسب الفِعل الذي قام بهِ (أبو طالب وفاطمة بنت أسد) ينسبهُ إلى نفسه. (هذا على المعنى الّلغوي).
وأمّا على المَعنى المَذكور في كلماتِ أهْل البيت "عليهم السلام"، فَإنّ أبا طالبَ وفاطمة بنتْ أسد وجَميعُ الخَلْق هُم الذين آووا إلى رسول الله "صلّى الله عليه وآله"..
والمُراد مِن (آوى إليكَ الخلق) أي أنّ الخَلْق رجعوا إليك..
وما جنّةُ المأوى إلّا مَظهر مِن المَظاهر المُحمّدية، وما شجرةُ طوبى إلّا صُورة لجنّة المأوى..
وفي كلماتهم الشريفة: أنّ شجرة طُوبى تنبتُ في بيتِ عليّ وفاطمة.
● قوله تعالى {وَ وجدكَ ضالّاً فهدى¤ وَ وجدكَ عائلاً فأغنى} في المعنى الّلغوي الظاهري (عائلاً) أي فقيراً..
أمّا في كلمات أهل البيت "عليهم السلام" فالمُراد منها: أي مُعيلاً لغَيرك، لجأ الآخرون إليكَ فأعلتهم بعلْمك..
:
#آية_ومعنى#تفسير_القرآن#الثقافة_الزهرائية