نور عدنان الزرعي

Channel
Logo of the Telegram channel نور عدنان الزرعي
@nourzaraaePromote
2.82K
subscribers
♥️♥️
البعض...
يرسلهم المولى إلى حياتنا كالسحاب الثِّقال المحمّل بالخير والعلم والتقوى والقرآن، يرسلهم الله بُشْرًا بين يدي رحمته، تحملهم إلينا رياح نوايا الخير فيهم والقدر السعيد، حين يسوقهم الله لقلوبٍ ميتة قحط، فينهمرون كالغيث فوقها بالخير، فيخرج الله بهم من كل أصناف الأخيار وحماة الثغور، وتنبت على القلب أوراق الأمل.

(ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا...).

مجالستهم زاد، ورؤيتهم للقلب ضياء، وحديثهم للعقل علمٌ ووعيّ، وصوتهم نور، وحضورهم حبور، وأمانٌ واطمئنان.
هم يحبّون الرحمن، فجعل لهم الرحمن في قلوبنا وُدّا.
تراهم كالجبل الخاشع المتصدّع من خشية الله.
ومن دونهم لا تستطيع، ومن غير إمساك أيديهم تضيع.
العينُ العين، برؤيتهم تتملّى أنوار، لذلك المولى قال:
(ولا تعدُ عيناكَ عنهم...).

وانظر لحالك معهم، إنك تختلف، وهمّتك تختلف، إن روحكَ تتضمّخ بعطرهم شئت أم أبيت، هؤلاء: [مَثَلُ الجليس الصالح...].
جلسةٌ واحدة تعديكَ بالخير.

نور عدنان الزرعي
يا رسول الله!

لقد غاب حرفي طويلًا عن روضتك، وعاد اليوم بتردّدٍ لكنه محتاج.
أحنُّ للحنينِ إليك، واشتقتُ لشعور الحبِّ الدفّاق القديم لك، وللعيش في رعايتك وقربك.
وما أمَرّ من شيءٍ على المحبّين كالجفا، ولا آلام من الهجر.
يكوينا كيًّا الهجر يا سيدي.

لكن تبقى العين عند ذكرك لا تملك من دَفْقِ الحنينِ حبسَ الحنين، ويبقى القلب يزداد خفقانًا حين يسمع اسمك أو يقرأ آيةٍ فيها محمد -صلى الله عليك- وتبقى القشعريرة تسري فينا كلما تحدّثنا عنك بقلوبٍ أذابها البعد والمسافات، حتى غيَّبَنَا فرط الشوق لك عمّن نحدّثهم.

نحزن حين نقصّر في سنتك، حين نغيب عنك، حين نعرف أننا الآن لا كما تحبّ، ونموت خوفًا من أن ينقص حبك فينا أو أن نقصّر في حمل همّك ورايتك البيضاء العليا للعالمين.

ولو رأيتَ قلبي يا رسول الله يا وضيء اليوم، وهو يتأمّل مسجدك النبويّ من وراء الشاشات.
كميتٍ يرنو لمقعده في الجنة مشتاق، للحظة دخولها بسلام.

نبيُّنا نبيُّنا...
ويحنُّ فينا كل شيء مع كل كلمةٍ ليّنة وجّهتها للصحابة وعاشوها وسندتهم عمرهم، مع كل موقفٍ يحلّقُ فيه الدمع نديّا، لأن نكون نحن بطل القصة، ولو في منام.

من ورقِ الخريف اليابس في قلبي الذي اشتاق أن يعود غصنًا أخضرَ طريًّا بين يديك؛ أرسل لك رسائلي ومِداد حنيني، وأنّات حزني، واحتياجي إليك.
صلّى الله عليك.

فكم من أيامٍ فَتَرنا، وجاهدنا أنفسنا ثم انهزمنا، وتبنا ثم عدنا ثم أُبْنا، واختفى البريق من أعيننا، وعبسَ الوجود، وامتلأ الكون بالشحوب، ثم التفتنا حولنا نهرعُ نبحث عنك مثل سلمان الفارسي حين أمضى عمره يبحث عنك، في رحلتنا الطويلة نبحث عنك، وحُقَّ له بعد معاناة السنين حين وجدك أن ينكبَّ عليك يضمك ويبكي.
لقد وجد نفسه، لقد وجد قلبه، لقد وجد سَعدَه في الدارين.
وانطوى...
تحت جناحكَ انطوى فطار لفوق ما يتمنّى.

كل شيءٍ فيَّ يحنّ، وهذي الكتب بما فيها من أحاديث كلها لا ترحمني، المشتاقُ يبقى مشتاق، وما دواء كل مُحِبٍّ إلا حبيبهُ.
فقط.

نور عدنان الزرعي
لمّا تَعَشَّقتُ الهُدى..
لمّا سكنتُ بدفّتيه
راحٌ وريحانٌ أنا..
لا أنتمي إلا إليه

ربّاهُ فاقبلْ ختمتي..
ربّاهُ إنْ ترضى أفوز
يا رِحلةَ الحُبِّ النديّ..
بينَ المعالي والكُنُوز

نور عدنان الزرعي
أن تنخرط في الصالحين، هل تدري أن هذه نعمة بحدِّ ذاتها وعطيّة؟
تجالسهم فتسمع همومهم وما يحزنهم وما يفرحهم، فيوقدون فيك الهمم من دون أن يقولوا لك افعل أو لا تفعل.

هذا صاحبٌ يقول لك كيف عاتبه الله بموقف على كلمةٍ صغيرةٍ قالها بحق إنسان، فيها سوء ظنّ، فتاب منها، تقول يا لله! كيف يحاسب البعض نفسه!
وهذا يقوم الليل يتزود منه نورًا ليضيء به قلوب من يعلّم في اليوم التالي، وهذا يتغنى بسورة في الصلاة، وهذا يحكي لك عن رحلةٍ متجدّدة مع القرآن، وهذا يحمل كتاب الحديث بيده أمامك أو مصحفه يتلو ويحفظ دون هوادة، وهذا يحكي لك قصص تعلّقه برسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة، وعيناه تشعُّ نورَ الأوراد.
وهذا تذكر معه، وذاك تدعو معه وأولاءِ تتلو معهم القرآن وتحضر مجالس العلم.

أحدهم يعاتبك فتنتبه، والآخر يسندك بكلمة جبرٍ تأتي كالغيث على قلبك من الله في وقت حزنك، وأحدهم تأخذ من أدبه أو لباسه أو انتقائه لكلماته أو أسلوبه أو ابتسامته المشرقة دومًا لك، رغم أنّ الحياة لم تعتق رقاب أحدنا من الهموم!

من كلٍّ تأخذ جانبًا مشرقًا فتشرق أنت وتأنس وتتغيّر مقتربًا من الكمال يومًا بعد يوم، ولولا الله ورحمة الله ما جمعك بالصالحين وألّف بين قلوبكم لترقى بهم ويرقوا معك.
(...هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

والمرء وحده مهما حاول وبلغ علمًا وفهمًا، هيهات! سيهوي في مزالق الشيطان من حيث لا يدري.
ولو انزعجت يومًا، يبقى أفضل من ازعاج الشيطان وبليّاته.
هنا تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(...فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ).

وفي مجلسٍ معهم، تحدّثك نفسك أنك لست بأهل، ولست من الصلاح كما ينبغي، ثم تتذكر: لعل الله يهبني لصلاح أحدهم فيقبلني، أليسوا هم القوم لا يشقى بهم جليسهم؟
فذاك.

نور عدنان الزرعي
🌸أرقُبُكَ يا بِضعَةَ قلبي..
أسمَعُكَ تتلُو وتُعيد
🌸فرحي يبلُغُ كُلَّ القِمَمِ..
مع سُوَرٍ تختِمُ وتُجيد

نور عدنان الزرعي
#مجرّد_رأي:
استوقفها رجل سيء قليلُ أدبٍ في الطريق، وقال لها: أريد أن أصوّركِ صورة جميلة بابتسامةٍ منكِ لطيفة.
وهي المسلمة المحجّبة، فرفضت! لأنه غريب وسيّء، ولأن صورتها ليست بالشيء الرخيص الذي يُبذل للغريب والقريب.
فانزعج منها!
هل برأيك معها حق الرفض أم لا؟
لو كنتِ مكانها ماذا تفعلين؟

لندع هذه المسألة ولنتشاور في غيرها:
دخلت امرأةٌ لمحل تشتري شيئًا، فجعل رجلٌ في المحل يحدّق بها ربع ساعةٍ وينظر إليها، وهي تنظر إليه بابتسامةٍ عريضة.
فنهرتهُ عن ذلك ووبّخته.
وقالت له: قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم...) فأنتَ مأمورٌ بغض البصر، يحرم عليك إطالة النظر بامرأةٍ لا تحلّ لك.
هل معها حق أم لا؟
لو كنتِ مكانها كيف كنتِ ستتصرّفين؟

أولًا كل كلامي السابق محض خيال، وثانيًا لا يوجد فتاة مسلمة محجّبة إلا ورأيها أنّ هذان الرجلين أحمقان قليلا أدب، وطبعا الفتاة معها حق في الرفض ونهرهم.

فكيف بكِ وأنت المسلمة المحجّبة الغالية على الله ثم على نبيّك صلى الله عليه وسلم ثم على نفسكِ تُهدين كل شباب الدنيا صورتك بسهولة وبالمجان وبأناقة وخواتم وأسارو وزينة وتعديل على الصورة يشبه المكياج وبابتسامة عريضة ولطفٍ ورقّة؟
هو لم يطلب أن يصوِّرك، ولن يجرؤ على ذلك، وهو لن يحدّق بك النظر كي لا يسمع كلامًا يحرّض عليه المجتمع.
لكنكِ عندما نشرتِ صوركِ على وسائل التواصل أتحتِ للجميع بأن ينظر ويطيل النظر ويحتفظ بالصورة في هاتفه!
تخيلي!
لو كانت صورتكِ الآن بهاتف أحدهم!

هذا عدا عن أضرار الأشرار بالصور لن أخوض بذلك لا يتسع المقام.

أحببتُ غاليتي أن أشرح لك الفكرة في عالم المعمعة، في عالم: (كنا نخوض مع الخائضين) الكل ينساق بهذه الأمور الدارجة دون وعي، ووالله أنتِ أغلى وأغلى وأغلى من أن يحظى أي رجلٍ كان بصورتك والنظر إليك وتكبير وتصغير الصورة بهذه السهولة!
ولكي تعيني الرجال على العفاف وغضّ البصر.
المسؤولية على عاتقنا أيضًا نحن.

أكرر لكم يا كرام: كلامي ليس فتوى، وإنما رأي.

نور عدنان الزرعي
في الحافِلة، جلستُ أمام امرأةٍ معها طفلٌ رضيع في يدها وأمتِعة، فأجلستْ ولدها الثاني في المقعد الخلفيّ لضيق المكان.
كان الطفلُ الجميل يجلس وحده بقرب النافذة حتى غلبه النوم، فنام مسنِدًا رأسه الصغير على شباك الحافِلة.
وفجأةً! استيقظ مع وقوف الحافلة لتُنزِل راكبًا، فوقف فجأةً مذعورًا خائفًا كدنا نسمعُ دقّات قلبه، يُحدِّقُ بكل الراكبين واحدًا تلو الآخر.
لم يقل شيئًا! لكننا كلنا فهمنا فزعه، فقلنا له مشيرين لأمّهِ: حبيبي هاهي ماما لم تنزل، فصرف بصره مباشرةً إليها، فلما رآها وتأكّد أنها لم تنزل وتنسَهُ، اطمئن قلبه وابتسم، ثم جلس ونام مرّةً أخرى.

فالتفتُّ عنه وقلتُ في قلبي:
هو يحبها كل هذا الحبّ، يخاف أن تتركه! وهو لا يعلم أنها تحبه أضعاف حبِّهِ لها.
أوَ يُعقلُ أن تتركه؟!
أوَ يُعقَلُ أن تنزل مثلًا وتنساهُ؟!
يستحيل!
وحدها الأم، ولو تغيّر ولدها وقلَّ حبُّهُ لها، هي لا تتغيّر، ويبقى الحبِّ في ازدياد حتى الممات.

ثم تذكّرتُ شيئًا شفَّ قلبي: تذكّرت أن الله أرحم بعبده من الأم، بكل هذه الحنوِّ من ولدها.
أوَ يعقل أن يظن عبدٌ أن الله يتركه؟ أن يلجأ إليه ثم لا يجيبه؟
أن يعبده ويحسن صنعا ثم يتخلّى عنه وهو خلقه في قابل الأيام؟
واللهِ لو لم يحبنا ما خلقنا ليسعدنا بعد أن كنا تُراب!
أوَ يُعقل أن يحرمه شيئًا يحبُّه إلا لأجل الخير له ولمصلحته، ولأنه يختار له أكثر ما يسعده في آخرته ولو خفيت عنه الحكمة؟

كل هذا الحنوّ، وفيض الحب الذي نحسه في حياتنا، الله أحب وأرحم بنا.

راحمٌ بالحزن الذي تخفيه عن العيون ويسري في شرايينك مسرى الدم، راحمٌ بدمعتك، بحرارة دعوتك، بغصّتك بلوعتك بافتقارك إليه وانكسارك وحاجتك.
راحمٌ بعباراتك التي لا تعرف كيف تصوغها للناس، ولن تجد من يشعر بأنينها، راحمٌ بارتباكك بعثرتك بتكرار توبتك.

يا الله...!
فقط لو تلمّسنا رحمته، وعلمنا من هو الله، لهمنا به سبحانه حبّا.

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ:
قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنْ السَّبْيِ تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟
قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا).

نور عدنان الزرعي
ثم قفلَ راجعًا، مزدحمًا بالكلماتِ لدرجة الصمت!
ممتلئًا لدرجة أنه لم يجد قلبًا يحمل ضخامة ما يُحِسّ.
أدمنَ الصمت، وعيناهُ لا تصمتان أبدًا، فكلما كتم باحت عنه، عن خواطره، مشاعره، دروبه، تجاربه وحيرته.

تحسبهُ ثابتًا متكلِّمًا مبتسمًا، وهو يمر مر السحاب بين الورى.
في بعض الساعات، يعود للصمت، مرهفًا يتنفّس ويحاكي الطريق الطويل، يميل قلبه مع الشجر، ويتساقط منه أشياء مع ورق الخريف، ويفوح إحساسًا كورد الياسمين، ويرقّ حتى تخدشه نظرة!

لا يقرع بابًا يشكُّ أنه قد يُفتَح أو يوصد في وجهه، ولا يشكو همًّا لمن يحسُّ أنه لا يرغب بسماعه، ولا يطلب حاجة إلا بتقليب وجهه في السماء من رب السماء بنظره قبل تكلّمه.

مدمنُ الوحشة ولو كان بين الزحام، يستوحش من الخلق ولو خالطهم لمصالح الدنيا وأشغالها، باكيًا قلبه دومًا من فرط الحنين، والحب يتدفّق من قلبه المرهف لله، ولو في منتصف أحاديثه يغلبه الحنين حتى يشفُّ دمعه عن مكنون صدره، ولو في منتصف خلطته وانشغاله مع الناس لا يشغله عن لمولاهُ شيء.

مشى...
متفكّرًا بالبعد، منذ متى لم أرفع يدي للدعاء؟
ما هذه الجفوة أيا قلب!
وتذكّر كل التقصير، والذنوب، والمآل والحنين رغم وابل النِعم.

عبدٌ!
من فرط ما عجنته التجارب ما عاد يملأ قلبه إلا الله، وما عاد يميل إلا إحسانًا ولطفًا للخلق، بينما هو لله فقط.
الحب
التفاني
الشوق
الحنين
فقط للرحمن.

حتى انتهى نحو مسجدٍ فطار قلبه مع صوت الأذان للملأ الأعلى وقت الغروب، ورفَّ لله.
دخل المسجد بعد غياب تلو غياب، ملّ الدنيا ومن وما فيها! فضمه المسجد، وضمّده المسجدُ من كل الآلام، ووضَّأهُ بالنور فأضاء بعد أن كان قد انطفأ!
وفي زاويةٍ وحده لا يعرفه أحد ولا يعرف أحد سوى مالك البيت الذي هو فيه سبحانه (وأنّ المساجد #لله...).

لقد أُغرِمَ بكل ما له علاقة بمولاه، من سُبحته وسجّادته ومكان خلوته ودعوته وقرآنهِ.
(...إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله...).

وتدفقت أنوار الأنس، وماجت فيه الروحانيات تتخلل عتمتهُ، حين أتى الله يمشي أتاه هرولة، وحام حوله دفء غريبٌ من جبر اللقاء، وسجد وقام معافى، وخفّ الطين فيه، وسمت الروح.
هذي المساجد غار حرائنا، هذي المساجد موعد الفتح والانطلاق.

ثم رفع يديه ظانًّا أنّ عينيه أدمنتِ القسوة والجفاف! فما إن تذكّر لطف الله به وبأيامه، وكيف صنعه، وكيف غمّده بالنعمِ بكى...
وأبكى قلبهُ معهُ.
ثم أرسل لله كلمات أخفى من دبيب النمل، وشعر أنه مهما تطاول بكلماته حمدًا وثناءً تبقى غثاء!
فلا شيء يليق بالملِك سبحانه.

وخرج!
وكان بودّه لو يبقى، لكن هذه المساجد لتزويد الروح أنوارًا، وغسيلها من الذنوب، لنخرج بعد ذلك لظلام العالم، ننشر فيه الأنوار التي قطفناها في المساجد بعد الخلوات، ونهدي التأثير بحروفٍ شفّها تلاوة القرآن والذكر والمناجاة.

خرج وبقي المسجد في روحه بطمأنينته وسكينته ورُوعه، وكأنه مأذنة المسجد المتحرّكة خرجت بيننا تقول للناس: لا تنسوا الله أكبر من همومكم وأحزانكم وذنوبكم وعجزكم.
ولا تنسوا أن تعودوا إليه.

عبدٌ مِزَاجُهُ الحنين.
الحنينُ لمولاه أينما وكيفما يمَّمَ وجهه.

نور عدنان الزرعي
لا غيَّبَ اللهُ، أنواركم عنّي..
زادي هي منّي؛ رُوحِي وإلهامي

تسري سجاياكُم، في قلبي تصنعني..
ويفيضُ بي حبّي، شوقي بأيامي

إنْ سُدِّتِ السُّبُلُ، لمدينةِ الحِبِّ..
سيسافرُ القلبُ، ليعيشَ في أرضِه..

لا صبرَ يحملهُ، والشوقُ أرهَقَهُ..
يبكي على هَجرٍ، ويموتُ من بُعدِه

شرفٌ هي الخِدمة، إيذانُ محبوبي..
فنجاتها الأمّة، قد حُصِرَ في هَديه

نور عدنان الزرعي
قالت لي معلّمةٌ لمادةٍ تخص رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا أستطيع أن أسمع من طالبةٍ كلمةً فيها عدم تقدير وتوقيرٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
سرعان ما أشعر أنني سأبكي!
ثم دمعت عيناها!

وكلما رأيتها تكلّم طلابها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، شعرتُ في المكان وعلى الطلاب سكينةً عجيبةً ومهيبة!

الحبّ...!
أولئك أصحاب الهمِّ الراقي الذي لا يُنسى؛ همُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين حين أراهم يتكلّمون عنه تفيض في المكان سكينته لشدّة صلتهم به وصلاتهم دومًا عليه.
يفيضون حبًّا، وقلوبهم تنبض شوقًا، ودموعهم وحرارة كلمتهم ورجفة صوتهم وهدؤهم يرسل أشعّة الحب للقلوب فتتأثّر وترِقُّ وتتغيّر وتشتاق.

أوراد الصلاة عليه يوميًا تنسابُ نورًا وتأثيرًا وطمأنينةً بين الكلمة والأخرى.

يتركون همومهم على عتبات الدنيا، ويقفون لأجل همّه السامي الذي به النجاة، ملتفتين للأجيال، ينشرون الخير في الأمّة، حاملين رسالته الأسمى للناس، يذودون عنه أي ريبةٍ يصنعها الشيطان لهذا الجيل، بمنتهى التفاني والحب والأدب والوقار.
همّهم همّه.
صلى الله عليه وسلم.

يغيبون عن مَن يسمعهم بانشغالهم بأشواقهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبميل قلوبهم للروضة، وبحنينهم للمدينة المنوّرة.

لا تغيب المدينة المنوّرة عنهم أبدًا، لا تغيب، وهل الشوقُ يرحمنا!

فتحوا قلوبهم لاحتواء قلوب جيلٍ غارقٍ بالضياع والتُرُهات، وما غير حبل حب رسول الله صلى الله عليه وسلم موصلٌ وموقدٌ لهم.
حين ستشتعل فتيلة حبه في قلوبهم سيقطعون أشواط، سيعزفون عن الحرام ويحلّقون نحو مرضاة الله بملءِ إرادتهم هم.

الحبّ...
هو الجذوة الأولى.
معرفتهُ...
هي النجاة.

وما أرقّه وما أعذبه من حب، سرعان ما يسري في القلوب الحائرة، ويُليّن الأرواح الصلبة، ويرقى بأصحابه.

يا أيتها الأنفاسُ التي تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا أيتها الهموم الراقية والمساعي الدائمة والتعب لأجل همّه، لا خبتم ولا خاب مساعكم.
وما نسينا صوت رسولنا فينا.

لا ضاعتْ آمالٌ تشدو...
بهمِّ نبيِّنا.

نور عدنان الزرعي
أهل غزة يحترقون تحت أيدي إخوة القردة والخنازير، ونحن تحترق لأجلهم قلوبنا، والغم لأجلهم وأجل أطفالهم الذين خسروا بعض أعضائهم وأهليهم لا ينفكُّ عنا.

ولمن استشهد في سبيل الله غدا في رحمة الله، لكن الأسى على من هو تحت التعذيب المستديم في سجونهم، وعلى من ينظر بعينه لأهله وهم بالأكفان وقد صار وحيدًا، أو من رأى بأم عينه أهله يقتلون أو يحترقون.

واللهِ إني لأظن أن الله سبحان يفرغ عليهم الصبر أطنانًا، لعظم مصابهم.

وكم بت أتلهّف لذلك اليوم الذي سيدعو الحجر والشجر المسلم ليقتل يهوديًا يختبئ وراءهُ.

اللهم أفرغ على إخواننا في غزة الصبر، وأمددهم بملائكة تقاتل معهم، وأنزل مددك العظيم عليهم وآنسهم برحماتك ونفحاتك، وأبدلهم بالفردوس الأعلى يارب على ما ذاقوا من ألوان العذاب على أيدي اليهود الذين عاثوا في الأرض فسادًا وسبحانك لا تحب المفسدين، وصب على اليهود العذاب وابلًا بعد وابل، واملأ قلوبهم المتحجّرة ذعرًا ورعبًا وخوفًا، اللهم لا تنام لهم عين ولا يهدأ لهم بال ولا يتم لهم أمر، وأحرق قلوبهم وأحرق وجودهم وأحرقهم بعذاب النار في الدنيا والآخرة.

يارب...
واللهِ ما لنا غيرك.

نور عدنان الزرعي
[إني إليكَ مدى الأنفاسِ مُحتاجُ..
لو أَوضَعوا في مَفرِقي الإكليلُ والتاجُ]

يا رب...

#منقول
طلب قوم سيدنا عيسى منه أن يسأل الله مائدة من السماء بهذه الصيغة:
(#هل_يستطيع ربك...)!

قال تعالى على لسانهم:
(إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)

وحين رفع سيدنا عيسى طلبهم لله تعالى بالدعاء، أعاد الصيغة فقال:
(قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)

بدأ بقوله: اللهم ربنا، من باب الثناء والتذلل بالعبودية، ثم قال لله سبب الطلب، أن تكون عيدًا وآية: أي دليل ومعجزة...
ثم ختم بثناء: (وأنت خير الرازقين).
من شدة أدبه وفهمه.

مسألة الأدب مع الله بالكلام، بالدعاء، واختيار الكلمات، بالتذلل بين يديه، تلفت انتباهي كلما قرأت هذه الآيات...
انتبه لكلماتك مع الله!

فأحيانًا يُنعم سبحانه على واحدنا الكثير، ثم إذا أصابته مصيبة واحدة، أو حتى همٌّ واحد يقول: الله لا يريد أن يسعدنا أبدا! الله خلقني للتعب والعذاب! لماذا يفعل الله بنا ذلك! مكتوب علي الشقاء!
وغيرها من الكلمات...! من سوء الظن بالله وقلة الأدب معه سبحانه!

أحيانا كلمة، يلفظها العبد أو يكتبها، أول من يسمعها الرحمن وأول من يقرؤها الرحمن تكون له سبب نعيم ورضا منه سبحانه...
قال تعالى عن أُناس:
(فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ ِمَا_قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ)

هل تعلمون ما قالوا هؤلاء؟
قالوا: قال تعالى:
(وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ).

فأجابهم مولاهم:
(فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ ِمَا_قَالُوا ...).

وأحيانًا كلمة تُكتب تكون سبب شقاء...
(فويلٌ لهم مما كتبت أيديهم وويلٌ لهم مما يكسبون).
(سنكتبُ ما قالوا...).
(ما يلفظُ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد)

أذكر هنا شاعرًا مات ولَده، فحزن عليه حزنًا شديدًا، لكنه ألّف قصيدةً كتب في أحد أبياتها كلامًا فيه رضا وثناء على مولاه سبحانه رغم مصيبته، فقال:
جاورت أعدائي وجاور ربّهُ...
شتّانَ بين جوارهِ وجواري

وعندما مات هذا الشاعر، رُؤي بعد ذلك في المنام يقولُ على ما أذكر أن الله غفر له بهذا البيت من الشعر.

فماذا تكتب، وماذا تقول؟

نور عدنان الزرعي
لكلٍّ منّا هَمّ، فقد، يدفنه في قلبه، يخفيه عمن حوله، ويبكيه بأعماقه، يعانيه بينه وبين نفسه.

ولو حيزت لكَ الدنيا، ثمة مشاعر وأكدار وصعوبات لا يمكنك تجاوزها، إلا بالذكر.

تتخلل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم مساماتك فتورق بالأمل، ويخضرُّ لك الطريق الأسود.
وتفتح له قلبك فيفتح لك قلبه الشريف فيحوطنا جميعًا ويدعو لنا.

تعيش معه في واحته، ترحل إليه، تجلس بين يديه، تحاكيه بأحزانك، تبثّه آهاتك، كأنه يصغي لك، كأنه يقول ما لك يا بني؟
تفرغ كل شيء عندك فيصغي ولا يقاطعك كما كان تمامًا يفعل مع الصحابة، فيُهديك أحوج ما تحتاجه وهو الشعور بالسكينة والسعادة والمواساة رغم وجود أحزانك.

وبشفاعته تحيا، وبظل عنايته تنطوي وتطمئن، ولأجل عينيه صلى الله عليه وسلم ينجيك المولى من كثير من المواقف الصعبة والبلايا والمحن.

قُل لي بربّك، كيف ستكون حياتك والنبي صلى الله عليه وسلم يدعو لك كلما صلّيت عليه؟
كيف ستغدو مع دعاء كل الملائكة لك، ومع نقلة من المولى لك من الظلمات للنور؛ أي من كل أحزانك لكل الأفراح.
وترتقي درجات فوق درجات في الجنة وأنت لا تدري!

وعيك يختلف، قِيَمُك تختلف، همومك ترتقي، والأبوابُ تُفتح لك، وتتشرّب من صفات نبيك فيعالجك من ذنوبك وعيوبك وآفات نفسك.

وبآدمان الصلاة عليه، صلى الله عليه...
كأنك تجلس على سجاد مدينته الأخضر، تبسط له قلبك المكسور ألفَ ألفِ كسر، فيمسحه ويحنو عليه ويُطيِّبه ثم يعيده إليك.

ما غاب عنّا، والمحبّون يدركون ذلك تمامًا (واعلموا أنَّ فيكم رسول الله...)

وواللهِ...
لولا الصلاة عليه لما أحببنا البقاء في الدنيا.

نور عدنان الزرعي
تابعتُ من مدّةٍ يا أكارم حلقة كاملة كانت مقابلة مع الدكتور الداعية الإسلامي الهندي؛ #ذاكر_نايك.

الذي يقف على مسرح أمام آلاف أو أكثر في شتى البلدان، يتقدّم واحدٌ تلو الآخر من شتى الأديان، يحاوره وينهال عليه بالأسئلة فيجيب، وكثرٌ هم من يدخلون على يده بعد المناظرات في الإسلام.

فما هذا الخطيب!

تخيلوا أنه حكى في هذا اللقاء عن مسيرة حياته منذ الطفولة، وكنت أحبُّ جدا أن أعرف تفاصيل حياة هؤلاء العظماء، لما في التفاصيل من فوائد وإسقاطات تغني حياتنا نحن.

تخيلوا أن هذا الخطيب المفوّه، الذي يجيد عدة لغات، والذي كانت دراسته الأساسية الطب البشري، البارع بالرياضيات، هذا الإنسان كان وما زال يعاني من التلكؤ والتأتأة بالكلام!
وقال أنه كان في صغره يأخذ درجة تجاوز رسوب في المدرسة في مادة الخطابة!
تخيلوا! قبل الرسوب بدرجة! بسبب التأتأة عندهُ!

لكنه لصدقه وإصراره ومحاولاته المستمرّة، استطاع أن يتغلّب على هذه المشكلة.

فكان يستبدل كلمة بأخرى عند محاضراته، ولثباته تدخّل مدد المولى في حياته، فقال:
أنه عندما يُناظر غير المسلمين يدعوهم للإسلام تختفي التأتأة عنده تمامًا! وعندما يُناظر المسلمين تعود قليلًا.

وقال: هذه معونة ومدد الله.

وكنت أظن أنه بذكائه الحاد يستطيع مناظرة الكفرة، لكنه في الحقيقة كان يبذل جهدًا جبارًا -على حسب ما قال- باستماع المحاضرات، خاصة على يد معلمه وشيخه الأول أحمد ديدات.
ويقرأ الكثير من الكتب الموثوقة، ويسافر لبلدان شتى ليتعلّم.

ويقرأ أفكار وكتب كبار معاندي الإسلام قبل مناظرتهم ليحاورهم على بيّنة وإتقان وحجّة فيقنعهم فيقنع أتباعهم بالإسلام.
وكان يقول أنه تعب ٤٠ سنة حتى وصل لنتيجة نجاحاته آخر ٤ سنوات في حياته.

لكن ورغم كل هذا الجهد المبذول بقي أحيانًا يتعرّض من بعض المناظرين له على غير الإسلام لسؤال مباغت! فيبقى يعيد السؤال على الجمهور حتى يلهمه الله إجابات مذهلة، وذكر أمثلة!

ثم قال: هذا بالاستعانة بالله (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده...).

في قصته يا أكارم مواساة لكل داعية أو معلّم، ونفحةُ همّةٍ لنا وإصرار، كي لا تيأس، فهؤلاء الناجحون حولك مرّوا بعثرات كثيرة حتى وصلوا للقطة البرّاقة التي تراها أنت الآن.
لا ترجع القهقرة لفشل، لموقف، لعناد معاند أو طالب أمامك، أكمل طريقك، إن ينصرك الله فلا غالب لك.

واجتهد في المحاولة والأخذ بالأسباب، والمشورة، والتجربة، والتزوّد بالعلم والتحضير، والتزوّد بالذكر والعبادة للتأثير.
ثم يأتي مدد الله لك المدهش في إجابات وحلول أنت نفسك لا تعرف من أين نطقت بها.

والله...
لسنا نحن من ننطق، بل الله، في اللحظة التي نتكلّم يُغير هو القلوب.
هو وحده.
والله...
لأجله سبحانه وحده نقف متكلّمين، وما لغيره تستحق الحياة حياة.

وأخيرًا...
هذا الرجل كثير الصدقة حد الدهشة، لكنه المتواضع، المترفّع عن الأجور الدنيويّة والمظاهر.
يقبل بالقليل من الأجر من الناس، لأجل الله.

يتجاوز كل العقبات والمشاكل التي تقف في وجهه، لأجل الدعوة.
لا تغيره الظروف الحلوة أو المرة، كالسهم ينطلق لا يرى أمامه إلا حلمه: نشر الإسلام.

نور عدنان الزرعي
آهٍ
يا ليتني!
يا ليتني الآن متجهةٌ نحو الكعبةِ، أتملّى بالجلال والسنا، أطوي تحت يدي سجادتي، وفي جعبتي سُبحتي، وفي يدي الثانية قرآني.
أجلس قبالة الكعبةِ، مع الله فقط، أرمقها وأروي قلبي نورًا.
فالقلبُ يعطش، والقلب يبكي، والقلب يقسو والقلب يحنو والقلب يطير...
القلب القلب...
فأرويها من شرابه الخاص؛ الأنوار الربّانية.

أقف أصلي أمامها، وتحت ثرى السجود أسكب عبرتي وشكايتي، وأقوم وقد تشرّبت أرضُ مكة كل همّي.

أطوف حولها، بخِفّةٍ وخَفقةٍ، لا نشعرها في أي بلاد العالم، سوى مكة.
حيث تسمو الروح على طين الجسد فترِفُّ، وتلمس السماء، فتتلون بلونها السماويّ فتصفو.

أتلو هناك، لأيام، أحتاجها، أنسى فيها العالم، وأروي أشواقي للرحمن.

وإن أذني تموت شوقًا لصوت إمام الحرم هناك.
فما أجملها صلاة العشاء هناك، وكأن النجوم بيننا تدنو وتحوم، وكأن الإمام فوق الغيوم يقرأ، ثم يرسل صوته المدود بالمدود، فتقشعرُّ القلوب وتخشع، ويتسلل لطبقات الران على القلب، فيقشعها من مكانها، ويسحبنا للجنان من بعد الظلام.

أحاول يا مكة، تناسيكِ من باب التصبّر حتى يأذن الله بزيارتك وزيارة المدينة هناك.
لكنني يا مكة، عاجزةٌ أمام الصبر، مرهفةٌ أمام الصور، تجذبني، وأبكيكِ، ويزيد بي الحنين مع كل نشيد، وأموج شوقًا.

آهٍ يا مكّة...
كم قلتُ للمولى كلما دعوت يا رباه والله أحتاجها، يا رباه هي شفائي من سقمي وأحزاني.

آهٍ يا مكة..

[وأراها، وأحبُّ أراها..
وأصبّر نقسي للقاها
معجزةٌ ربي أبقاها..
حرمًا يزخرُ بالآياتِ]

نور عدنان الزرعي
Telegram Center
Telegram Center
Channel