تابعتُ من مدّةٍ يا أكارم حلقة كاملة كانت مقابلة مع الدكتور الداعية الإسلامي الهندي؛ #ذاكر_نايك.
الذي يقف على مسرح أمام آلاف أو أكثر في شتى البلدان، يتقدّم واحدٌ تلو الآخر من شتى الأديان، يحاوره وينهال عليه بالأسئلة فيجيب، وكثرٌ هم من يدخلون على يده بعد المناظرات في الإسلام.
فما هذا الخطيب!
تخيلوا أنه حكى في هذا اللقاء عن مسيرة حياته منذ الطفولة، وكنت أحبُّ جدا أن أعرف تفاصيل حياة هؤلاء العظماء، لما في التفاصيل من فوائد وإسقاطات تغني حياتنا نحن.
تخيلوا أن هذا الخطيب المفوّه، الذي يجيد عدة لغات، والذي كانت دراسته الأساسية الطب البشري، البارع بالرياضيات، هذا الإنسان كان وما زال يعاني من التلكؤ والتأتأة بالكلام!
وقال أنه كان في صغره يأخذ درجة تجاوز رسوب في المدرسة في مادة الخطابة!
تخيلوا! قبل الرسوب بدرجة! بسبب التأتأة عندهُ!
لكنه لصدقه وإصراره ومحاولاته المستمرّة، استطاع أن يتغلّب على هذه المشكلة.
فكان يستبدل كلمة بأخرى عند محاضراته، ولثباته تدخّل مدد المولى في حياته، فقال:
أنه عندما يُناظر غير المسلمين يدعوهم للإسلام تختفي التأتأة عنده تمامًا! وعندما يُناظر المسلمين تعود قليلًا.
وقال: هذه معونة ومدد الله.
وكنت أظن أنه بذكائه الحاد يستطيع مناظرة الكفرة، لكنه في الحقيقة كان يبذل جهدًا جبارًا -على حسب ما قال- باستماع المحاضرات، خاصة على يد معلمه وشيخه الأول أحمد ديدات.
ويقرأ الكثير من الكتب الموثوقة، ويسافر لبلدان شتى ليتعلّم.
ويقرأ أفكار وكتب كبار معاندي الإسلام قبل مناظرتهم ليحاورهم على بيّنة وإتقان وحجّة فيقنعهم فيقنع أتباعهم بالإسلام.
وكان يقول أنه تعب ٤٠ سنة حتى وصل لنتيجة نجاحاته آخر ٤ سنوات في حياته.
لكن ورغم كل هذا الجهد المبذول بقي أحيانًا يتعرّض من بعض المناظرين له على غير الإسلام لسؤال مباغت! فيبقى يعيد السؤال على الجمهور حتى يلهمه الله إجابات مذهلة، وذكر أمثلة!
ثم قال: هذا بالاستعانة بالله (إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده...).
في قصته يا أكارم مواساة لكل داعية أو معلّم، ونفحةُ همّةٍ لنا وإصرار، كي لا تيأس، فهؤلاء الناجحون حولك مرّوا بعثرات كثيرة حتى وصلوا للقطة البرّاقة التي تراها أنت الآن.
لا ترجع القهقرة لفشل، لموقف، لعناد معاند أو طالب أمامك، أكمل طريقك، إن ينصرك الله فلا غالب لك.
واجتهد في المحاولة والأخذ بالأسباب، والمشورة، والتجربة، والتزوّد بالعلم والتحضير، والتزوّد بالذكر والعبادة للتأثير.
ثم يأتي مدد الله لك المدهش في إجابات وحلول أنت نفسك لا تعرف من أين نطقت بها.
والله...
لسنا نحن من ننطق، بل الله، في اللحظة التي نتكلّم يُغير هو القلوب.
هو وحده.
والله...
لأجله سبحانه وحده نقف متكلّمين، وما لغيره تستحق الحياة حياة.
وأخيرًا...
هذا الرجل كثير الصدقة حد الدهشة، لكنه المتواضع، المترفّع عن الأجور الدنيويّة والمظاهر.
يقبل بالقليل من الأجر من الناس، لأجل الله.
يتجاوز كل العقبات والمشاكل التي تقف في وجهه، لأجل الدعوة.
لا تغيره الظروف الحلوة أو المرة، كالسهم ينطلق لا يرى أمامه إلا حلمه: نشر الإسلام.
نور عدنان الزرعي