كلمة ( الله أكبر ) كلمة عظيمة مباركة ، فالله سبحانه هو: الكبيرُ الذي لا أكبرَ منه ، الملكُ الذي كلُّ شيءٍ خاضِعٌ له ، والتكبير إعلانٌ عن عظمَة الله ، وإذعانٌ لكبريائِه في القلوب .
الله أكبر من كل شيءٍ ذاتًا وقُدرةً وقدرًا ، وعزَّةً ومنعَةً وجلالاً ، هذه المعاني العِظام تُعطِي المؤمنَ الثقةَ بالله وحُسن الظنِّ به ، فلا تقِفُ في حياته العقَبَات ، ولا يخافُ من مُستقبَل ، ولا يتحسَّر على ما فات .
فالله أكبر وأجلُّ وأرحَمُ من أن يترُك عبدَه المُتعلِّق واللائِذَ به ، وكلما قوِيَ علمُ العبد ومعرفتُه بأن ( الله أكبر ) زادَت عنده الخشية والرَّهبة والتعظيم والمحبَّة وحُسن العبادة ولذَّة الطاعة ، وعندها تُقبِلُ النفوسُ على طاعتِه ، وتتوجَّهُ ، وتحبُّه وتتوكَّلُ عليه .
ومما يستدعِي النظر ، ويملأُ النفسَ ثقةً وطُمأنينةً: اقترانُ اسم العليِّ باسم الكبير ، كما قال - عزّ وجلّ -: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [ الحج: 62 ] .
فهو العليُّ الكبير ، لا مُعقِّب لحُكمه ، يُعزُّ من يشاء ، ويُذلُّ من يشاء ، ويصطفِي من يشاء ، عنَت له الوجوه ، وذلَّت له الجِباه ، وخضعَت له الرِّقاب ، وتصاغَرَ عند كبريائِه كلُّ كبير .
وهذا الإيمانُ واليقينُ بكبرياء الله وعظمَته يجعلُ الألسِنةَ تلهَجُ بذكرِه وشُكره وحَمده والثناء عليه وتمجيده ، وتقرعُ الجوارِح كلُّها لعظمَته عبادةً ومحبَّةً وتعظيمًا وإجلالاً وذُلاًّ وانكِسارًا .
( الله أكبر ) هو صوتُ المعركة ، يُطلِقُه المُجاهِدون في سبيل الله في ساح الوغَى ، فيشعرُون بعزَّة الله وقوَّته وكبريائِه ومعيَّته ، فيستمِدُّون منه القوةَ والثباتَ والإخلاصَ والعزَّة .
( الله أكبر ) كلمةٌ صنعَت في تاريخ المُسلمين العجائِب ! ، وبثَّت في أهلها من القوة ما استعلَوا فيه على كل كبيرٍ سِوى الله - جلَّ جلالُه - ، تنطلِقُ من أفواه المُجاهدين وقلوبهم قويةً مُدويَّة ، تتضاءَلُ أمامَها كبرياءُ كل مُتكبِّر ، وعظمةُ كل مُتعاظِم ، تعلُو على كل مظاهر الفساد والطُّغيان .
( الله أكبر ) كلمةٌ عظيمةٌ حافِظةٌ ، إذا سمِعها الشيطان تصاغَرَ وتحاقَرَ وخنَسَ ، فكبرياءُ الجبَّار تقمَعُ انتِفاشَ الشيطان ، وإذا تغوَّلت الغيلان فبادِروا بالتكبير .
( الله أكبر ) كلمة تعظيم وإجلال لله عز وجل ، قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [ الإسراء: 111 ] ، أي: وعظِّم ربَّك بما أمرناك أن تُعظِّمه به من قولٍ وفعلٍ ، وأطِعهُ فيما أمرَك ونهَاك . ويُقال: أَبلغُ لَفْظةٍ للعربِ في معنى التَّعظيمِ والإجْلالِ: « اللَّـهُ أَكْبَرُ » ، أي: صفة بأنه أكبر من كل شي .
بتكبير الله وتعظيمِه يصفُو العيش ، ويُشفَى الداء .
المواظبة على التكبير وتكراره له أثر إيماني في حياة العبد ، والارتقاء بصاحبه إلى المنازل العالية ، والدرجات الرفيعة .
فهو يجدد عهد الإيمان ، ويقوي الميثاق الغليظ ، والارتِباطُ بالله العليِّ الكبير ، ومعه تطمئنُّ النفوسُ إذا اضطربَت ، وتسكُنُ به القلوبُ إذا احتارَت ، وتنامُ عليه العيونُ إذا سهِرَت .
فما أحرانا أن نواظب عليه في كل وقت ؛ فإن لذلك أثراً عظيما في الصلة مع الله سبحانه ، والخضوع لعظمته وجلاله .