لا تشتت طاقتك في الجدل واحفظ وقتك من الهدر فهو رأس مالك الأول لا سيما إن كنت شابا لا تدع للقلق والخوف سبيلا إلى قلبك فيقعدك عن العمل واجعل همّتك في إتقان العمل وإخلاص النية وليس في ترقب النتائج التي قد لا توافق توقعاتك وتذكر أننا قد نموت قبل أن يثمر ما غرسناه وربما لن يثمر على هذه الأرض أبدًا إلا أنه قد يكون مغروسا من أجلنا في جنة الخلد وسيثمر هناك إلى الأبد
لا تمكِينَ بلا امتحَان، ولا أمنَ إلا ويسبقُه فزع في غزوة الخندق بلغت قلوب الصّحابة الحناجر، الأحزاب من الخارج، واليهود والمنافقون من الدّاخل راهنوا جميعاً أنها أيام الإسلام الأخيرة! بعد عشر سنوات من غزوة الخندق كان الصحابة يدكُّون امبراطوريتي الرُّوم والفرس هذا الدّين باقٍ فلا تقلق عليه الشيء الوحيد الذي عليك أن تقلق بشأنه هو : موقعك من هذا الصِّراع
إياك و التفاهة، وأن يجذبك أجوَف المعنى هزيل المبنى.. إياك والفراغ، وأن تألف الرّاحة، فتترك الميدان لغيرك خوفًا وضعفًا، إياك والبحث عن سفاسف الأمور في ظلِّ مرحلةٍ أنت أحوج ما يمكن لأن تُصقَلَ جيدًا و تَثبُتَ كشجرةٍ لا تموت، وانتبه أن تضع نَفسك موضع استخفاف، بل استخلاف
ستمُرّ عليك أيّامٌ عجاف، ستُحبس بعض أفكارك، سيذبل فيكَ غرسًا أحببته، سينبت مجددًا إن قُمت، ليس وقت الحزن، ولا الضعف، ولا الخضوع، ولا التفاهة والفراغ.. بل هذا زمن إعداد وإمداد، كن بخير ما استطعت
ليست آية في باب الأسماء والصفات وحسب! بل هي باب عرفان واطمئنان وتجريد للقلب في طلبه من كل دخن وشائبة
وهي كنز المريدين المقبلين على سيدهم وربهم سبحانه وبحمده
فما ظنك بمن ليس كمثله شيء في بره ورحمته وصلته وستره وجوده وعفوه ومغفرته وفضله وجماله ونوره وفي كبريائه وجبروته وبطشه وعدله وأخذه الأليم الشديد وفي سعته وعطاءاته وهباته ولطفه وحِلمه لا إله إلا هو وهل لنا حياة إلا به؟ سبحانه وبحمده
وأنّ لنا في كلّ شبرٍ ألم! وأنّ في دواخلنا بكاءً على كلّ لحظة خوفٍ وظلمٍ وابتلاءٍ وارتجاف، وأنّنا أينما دارت عيوننا رأينا مَن يَحتاجُ يدًا وقلبًا واحتواء، وأنّ في صلاة الواحد منّا دعاءً لا يتركه، ودمعةً تقف على باب عينه، ونبضةً يَوَدّ لو يهديها من يحتاجها، لكن ليس هذا وقت انطفاء..
بعض عوام المسلمين أتقى وأصلح من بعض مُدَّعي طلب العلم الشرعي.. فتراهم يحاولون على قلة علمهم ساعين لتأليف قلوب المسلمين بكل ما أوتوا من قوة.. بينما البعض الآخر من حملة العلم يسعون بكل جهدهم أن يفرقوا بين المسلمين تحت مسمى أنهم يبيِّنون الحق ويصدعون به.. والله لو فقهوا واجب الوقت لسكتوا عن كثير مما يعتقدون أنه حق سواء أكان من العقيدة أو الفقه وحصروا ذلك في حلقات مخصصة لتدارس العلوم الشرعية فيما بينهم .. فيا طالب العلم إن كان علمك يدفعك لتفريق المسلمين ودق أسافين البغض فيما بينهم فاعلم أن إبليس قد زين لك ذلك ولبَّس عليك .. فاتق الله فيما علمت وتذكر قوله تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..
يولد الإنسان وفي داخله وحشة، مهما بلغَ اُنسه هنا لا يكاد يتأقلم على دنياه ويكتمل سروره بملذاته إلا وتظهر كشبحٍ معكرة لصفوِ أنسه عن عمدٍ تزجره من التأقلم مع عالمٍ زائل..
وحشةٌ إنما هي مصداقٌ على وجود الآخرة وأن الدنيا ممرٌ لا يدوم لمستقرٍ دائم..
وحشةٌ تشعره بدوام النقصان وعدم الكمال فتخل باتزان استقراره مرارًا وتكرارًا.. ليفهم أنه لن يسعد هنا وليكون مهيئًا دائمًا للطلب والبحث عن الآخرة
إذا خرجت من مجلس عيد، فلا تذكر أحدًا إلا بخير، ولا تسمح لأحد أن يذكر أحدًا أمامك إلا بخير، لا تكن مجالس العيد فرصة للغيبة، لم أرى أسوأ عادة من أن يخرج أحد من مجلس ثم يعمد فيذكر هفوات هذا ونواقص ذاك!، حارب تلك العادة وأغلق أبواب الشر، وافتح أبواب الخير