(أنا هنا) هذه الحاجة الفطرية تشكل أكثر سلوك البشر..
أن يشعر الإنسان بأنه مهم!
منذ تخلق الآدمي وهو في بطن أمه
وهو يسعى دوما لإثبات وجوده، فإذا خرج طفلا يستمر في لفت النظر عبر بكائه ...
إنها حاجة عميقة لا ينفك عنها بشر...
وهذا مما يفسر مكانة الأم في نفس ولدها إذ هي المصدر الرئيسي الملبي لتلك الحاجة.
وإذا تدبرت شأن التعاملات البشرية تجد واحدا من أهم أصولها: البحث عن الاهتمام!
بدءا من الوالدين،الأسرة، الزوج،الذرية، الأصدقاء،الجيران،الزملاء،الشركاء ...الخ
حين تحلل تلك العلاقات تجد أن أساس نجاحها وفشلها،عمقها وسطحيتها... إنما هو
تحقق (الاهتمام).
وقد قيل: لا تخبرني ماذا تعرف،إنما بم تهتم؟!
والطاقة تتبع الاهتمام، والتركيز فرع الاهتمام..
#تنبيه: في كل علاقة تذكر دوما كيف تشبع تلك الحاجة لدى الطرف الآخر ثم ابن على ذلك ما تشاء!
إن كثيرا من التصرفات الفاسدة منشؤها : الشعور بالإهمال والتهميش!
مجرد شعور الإنسان بالتجاهل يقوده تلقائيا لإثبات حضوره بأي طريقة ممكنة!
وقد لا يعي كثير من الناس الطرق الصحيحة لذلك،فيلجؤون إلى الطرق المعوجة إشباعا لتلك الحاجة الملحة(الاهتمام)
إن الإنسان عادة يفضل الاهتمام ولو بطريقة سلبية على التهميش والتجاهل!
حين تهتم به فذلك يعني اعترافك الضمني بوجوده ولو كانت الطريقة غير مناسبة، بينما التهميش وعدم المبالاة به يعني إلغاء وجوده تماما! وهذه كارثة نفسية اجتماعية تقود الإنسان إلى كوارث!
إنه يفضل أن تتكلم معه مثلا ولو بسب وشتم وربما بضرب .. إنه يفضل ذلك على التجاهل التام والإعراض الكامل!
ولو نظرت في حال كثير من الخلق عبر مواقع التواصل تجد ذلك جليا .. إن بعضهم مستعد للبول في بئر زمزم ..فقط ليشعر الناس بوجوده! سيلعنونك؟ لا بأس، المهم أن أثير اهتمامهم!
إن الشعور بالإهمال وعدم المبالاة من أفظع المشاعر، وعليه فهو دافع لأفظع السلوكيات!
وإن الشعور بالاهتمام يولد شخصية مستقرة نفسيا، وعليه فهو دافع لأحسن التصرفات!
موقف الوالدين من ذريتهم مؤثر رئيس في الموضوع، فمتى شعر الولد ذكرا كان أم أنثى باهتمام والديه به كان ذلك أساسا طيبا لإشباع حاجته! ثم يأتي موقف بقية أهله وأقاربه...وهكذا.. في دوائر تتسع وتضيق وتقرب وتبعد ... لكن شأن (الأهمية) يحكمها جميعا!
إن البيت الذي يسوده الاهتمام المتبادل بيت صحي مستقر..
إن الحي الذي ينتشر فيه الاهتمام المتبادل حي مطمئن رشيد ..
إن بيئة العمل التي يفشو فيها الاهتمام المتبادل بيئة صحية منتجة....
إن ركن التسويق الركين تلبية اهتمام العميل..
كل مهارات الاتصال والإقناع والتفاوض والتأثير... معتمدة بشكل أساسي على (إشباع الاهتمام)
(أنت مهم) رسالة تأسيسية مهمة في كل حوار أو تعامل بشري!
بل حين تتفكر في العلاقة بالحيوانات تجد الاهتمام المتبادل حاضرا وبقوة، وسل إن شئت أهل الخيل أو القطط ... يأتوك بالعجائب في ذلك!
ولقد سألت مرة أحدهم وفي بيته ثلاث قطط عن تأثيرها في حياته؟ فقال: إنها تشعر بي! وتواسيني عند حزني ... بعبارة أخرى : إنها تشبع حاجته إلى الاهتمام!
بل حتى في النباتات يسري ذات القانون، فالنبتة التي يتعاهدها صاحبها بالسقيا مثلا تبادله حياة بحياة ونفعا بنفع، بل تقول بعض الدراسات إنها تتأثر بالكلمات التي تقال لها!
إن الاهتمام حاجة بشرية بل وضرورة إنسانية لا يستغني آدمي عنها البتة!
وعليه يجب على كل شخص أن (يهتم) كثيرا بموضوع (الاهتمام) لأنه أصل أصيل في حياته الآخرة والأولى!
وعلينا أن نكف عن ادعاء (( عدم احتياجنا للاهتمام) فتلك مكابرة كاذبة خاطئة ستودي بصاحبها إلى الهلاك.
إن خلاقنا العليم لم يخلق فينا شيئا ويأمرنا بتجاهله، بل جرت سنته أن يرينا الطرق الملبية لاحتياجاتنا بشكل ينفعنا ولا يضرنا!
إن الشارع الحكيم يوجه الحاجات ويرشدها ولا يلغيها!
إذا آمنا بما سبق فتعال لنتساءل عزيزي (المهم) كيف نشبع حاجتنا للاهتمام بشكل نافع؟ وكيف نقدم الاهتمام لغيرنا بطريقة صحيحة؟