الأموال قيام للناس، وليست (وسخ دنيا) وهي عصب معايش الناس وأداة تبادل المنافع بينهم.
لا ينفك آدمي عن علاقة بالمال، ولا يمر على الإنسان ساعة إلا وهو يتعامل مع المال بشكل أو بآخر.
المال زينة الحياة الدنيا التي أخرجها الله لعباده، وهو خضرة حلوة، ومن أعظم خوادم الإنسان.
المال أعظم الوسائل والأدوات المعينة على تحقيق المقاصد، والوضع المالي من المؤشرات الدقيقة التي تبين حال الإنسان فردا أو جماعة.
المال قوة هائلة تخرج حقائق ملاكه، فيظهر كرم الكريم وسخاء الجواد وطيبة الطيب ويبدي كذلك بخل البخيل وفجور المجرم ...
المال كاشف صادق عن قيم الإنسان وأخلاقه.
المال سعة تعين الإنسان على الانسجام مع الكون الواسع،وزيادة الانتفاع والنفع والتأثر والتأثير.
الاقتصاد هو الضابط لحركة الأموال التي تقوم بها مصالح الناس، سيما أن المال لا بد أن يوافق الشمس والقمر والكون في الحركة، فيأتي النظام الاقتصادي الراشد الذي يشجع حركة الأموال ويمنع تكدسها واحتكارها(كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم)
الاقتصاد ميزان يضمن حسن توزيع الثروات وحسن استثمار الموارد وحسن تفعيل الطاقات.
الاقتصاد عمود التكافل الاجتماعي
حيث الزكاة والصدقة والإحسان.
لكنه قبل ذلك يرفع شعارا يمثل
أسرع وأخصر طريق لتحقيق العدل المالي
(رده من حيث أخذته)
رد المظالم وإعطاء الحقوق يحد من الفقر إلى درجة انتفاء الحاجة إلى الصدقة...
الاقتصاد يمنع الإسراف،إذ حين ترى إسرافا فاعلم أن هناك حقا مضيعا.
والقصد يمنع التقتير كذلك فيشجع الإنفاق والكرم والجود والإحسان... فيجعل المجتمع بين ذلك قواما بلا إسراف ولا تقتير.
الاقتصاد الراشد يعدل فتندر الحاجة إلى الصدقات،ويحسن حتى يبلغ المجتمع درجات الاكتفاء الذاتي.
الاقتصاد عموما جزء من النبوة،
والقصد في الغنى والفقر شيء من تجليات تلك الخلة النبوية.
الاقتصاد يشجع المجتمع على اكتشاف واستخراج المسخرات الطبيعية عبر موارده البشرية ثم يدعم المجتمع لحسن توظيف المسخرات والمستخرجات في المصالح العامة التي يعم نفعها الجميع.
الأموال يحكمها قانون الوفرة والسعة الرباني لا الندرة الشيطانية،والاقتصاد يحسن إدارة تلك الأموال فحسب!
إنه لا يخلق الأموال من عدم، وإنما يحسن العثور عليها ابتداء ثم حسن إنفاقها.
لا يوجد أبدا شح في المال،وإنما هناك سوء إدارة لجهل أو ظلم.
كل أرض فيها كنوزها وزينتها ومواردها..والذي تحتاجه فقط أن لا تؤتي السفهاء أموالها ، بل من آنست من أهلها رشدا..
إن من المهم دوما أن يعي المجتمع عموما موارده البشرية والطبيعية ويجتهد في إسناد الأمر إلى أهله وأن يضع(نظاما) يكفل جودة حركة الاقتصاد عدلا ثم إحسانا.
ما عال من اقتصد، ولا يفلح من أسرف..
إن القيام بالقسط في الأموال يغني عن كثير من الجمعيات الخيرية،ويحول الطاقات إلى التطوير والتحسين والبناء لا مجرد إطفاء الحرائق.
إن عمر بن عبدالعزيز لم يصل إلى كفاية جميع الناس _حتى صار يبحث عن الطيور لإطعامها- عن طريق الصدقات، بل عبر المبدأ العدلي العظيم(رده من حيث أخذته)!!
إن الاقتصاد العادل يحقق الضرورات والحاجات وربما ترك مساحة للإحسان أن يعمل في التحسينات والتكميلات.
إن الله جواد غاية الجود
والكون ثري كل الثراء
وليس على الإنسان إلا وضع الميزان ليقوم الناس بالقسط ويقوم الاقتصاد الرشيد.