إن حدَّثتكَ نفسك بالحُزن على الإسلام وأهله فطاوِعها، فقد حُقَّ لك أن تحزن، ولكن حزنا يدفعك ولا يقوِّضُك في محلِّك، فإن كبَّلك عن وجودك فما هو بالحزن ولكنه الذُلُّ والتيه، ولتغضب لدينك وعقيدتك، والأسفُ عليكَ إن لم تغضب، ولكن غضبًا يجمع كلمة أمتنا ولا يزيدها شتاتا وفرقة، فإن رُمتَ بها شِيَعًا متفرقين فما هو بالغضب ولكنه التعصب والتمزُّق، ولتعمل لأجل الدين والأمة، ووجبَ عليكَ أن تعمل، ولكن عملًا في سبيل الله فإن لم يُلجئك سعيك إلى مولاك، فما هو بالحق، ولكنه الجهل المتسلط والهوى المتّبع والعمل الهُباء.
هـيــثـم𓂆ے pinned «الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد: سيكون هذا -بإذن الله- آخر مَرسولٍ لأخيكم هيثم في هذه القناة. لأن الكلمات أمّلت فيّ الكثير، وكان أكثرُ أملي كاذبًا وأنا أخافُ زيفها، وأهابُ أن تنقضي بي الأيام لا فرقَ بين أملٍ ووهم؛ فأكذبَ على نفسي أو تكذب الحياة…»
سيكون هذا -بإذن الله- آخر مَرسولٍ لأخيكم هيثم في هذه القناة.
لأن الكلمات أمّلت فيّ الكثير، وكان أكثرُ أملي كاذبًا وأنا أخافُ زيفها، وأهابُ أن تنقضي بي الأيام لا فرقَ بين أملٍ ووهم؛ فأكذبَ على نفسي أو تكذب الحياة عليّ.
وقد حان وقت أن أستخفَّ منها، وأكونَ أهلًا للخيبات التي تعتريني، والإنسان في هذه الدنيا لا يطلبُ زوال قهره؛ فإنه وإن طلب ذلك عادَ لأوجاعه راغمًا.
وقد كان لي في مسير هذه القناة صحبٌ وأحباب، لا ينقطعُ وصلي بهم إن شاء الله، ولكن أطلبُ منهم ومنكم صالح الدعاء في قادم الآجال من عُمري.
لن تُحذف القناة، بل ستبقى ليستفيد منها من يشاء ذلك، ولكن سيتوقف النشر نهائيًا..
سُبحانكاللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك..
تربت أجيال من الدعاة على كتبه.. بها بدؤوا طريقهم في الدعوة إلى الله..
انطلق بهم في "المنطلق"، ونبههم على عوائق الطريق في "العوائق"، وحذرهم من "فضائح الفتن".. ورسم لهم في "المسار" فكراً نيراً، وأحيا في قلوبهم إيماناً رقراقاً في "الرقائق"..
وأوضح لهم "منهجية التربية الدعوية"، فأضحوا أصحاب بصيرة فيها؛ يجيدون تربية النشء بمُكنة وتميُّز..
كان كتابه "الرقائق" من أوائل ما قرأتُ في شبابي المبكر.. حفظته أو كدت أحفظه، وكنت أتنقل بين الشباب أعظهم بمحتواه، وأنقل لهم من كنوزه!
أشهد أني تأثرتُ بطريقة كتابته، وأثريتُ أسلوبي الكتابي بمضامينه العذبة، وصقلت ذائقتي الأدبية بتدفقه..
وكانت شهادة شرف لي وسعادة غامرة أن يقال في وصف بعض كتاباتي: "إنها تذكرنا بالراشد وبأسلوبه في معالجة موضوعات الدعوة"..
رحم الله الراشد المرشد، وجزاه الله عن الدعوة وشبابها والأمة وأبنائها خير الجزاء..
فيه إيماء إلى أن ما بالمؤمنين من الشبه، والشكوك المعتَرية لهم في أثناء الاهتداء، والاسترشاد بمنزلة الأمراض، وما بالكفرة من الجهل والعناد بمنزلة الموت والهلاك. وإسناد الزيادة المذكورة إلى القرآن مع أنهم هم المزداون في ذلك بسوء صنيعهم، واعتبار كونه سببًا لذلك، وفيه تعجيب من أمره حيث يكون مدارًا للشفاء والهلاك.
أؤمن أن الله أوجدكِ في حياتي لتكوني خيالَ الصورة التي أفكر فيها عن كل ما أحب. أحتارُ في وصفٍ يوفيكِ مبلغك في قلبي، ولكني لا أجد.. أسعى في ذلك، ولكن لا أجدُ أبلغًا من اسمك، يصدقُكِ نداءً وحقيقة، لكِ من اسمك نصيبُ كل حرف!
أعرفك بكلمات الودّ الممحوض، الحياء الشفَّاف؛ أعمى من لا يرى في حديثكِ هذا.
أعرفُكِ بقلب طفلٍ يحبُّ على السجية، لا يعرف ما معنى البُغض إلا معرفته معنى البُكاء، وإذا بكى مما آلمه بكى على نفسه لا سخطًا على من أغضبه.. حسبُكِ أنكِ مثلُه؛ لا تعرفين للشرورِ سبيل.
أعرفُكِ في نظرتي للسماء في يوم صفاء؛ شاسعةً بلا انتهاء، رقيقة جدا لا يشوبها غموض، ولا يُغيِّرُها زِحام.
كنتُ أرى السعي في طلبكِ ضربًا من البَلَهِ مُستحيل، ولا أدري كيف جئتِ إليّ، ولا أدري هل أصبتُ فيكِ حظًّا، أم أنني أحيا حُلُمًا اشتبه عليّ مما يحنُّ به العقل على صاحبه وأخشى حدَّ الجنون أن أفيقَ منه!
منذُ أمدٍ طويل ومعاركي اليوميّة هي الأرق والسهاد وخوفي من حِرمان الوِصال.. لعلَّ هذا الحلم الذي أراكِ فيه يصيرُ حقيقة!
أما إلى حينه فلتحيا بكِ الحيوَات، ولتنعش بكِ الورود، ولتهنأ بكِ الأيام ولتسعد بكِ الليالي.. وكوني كما عهدناكِ.
فذمه باليأس والكفْر عند الامتحان بالبلاء وبالفرح والفَخْر عند الِابْتِلاء بالنعماء واستبدل بِحَمْد الله وشكره والثناء عَلَيْهِ إذْ كشف عَنهُ البلاء قَوْله ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عني لَو أنه قالَ أذهب الله السَّيِّئات عني برحمته ومِنه لما ذمّ على ذَلِك بل كانَ مَحْمُودًا عَلَيْهِ ولكنه غفل عَن المُنعم بكشفها ونسب الذّهاب إلَيْها فَرح وافتخر فَإذا علم الله سُبْحانَهُ هَذا من قلب عبد فَذَلِك من أعظم أسباب خذلانه وتخليه عَنهُ فَإن مَحَله لا تناسبه النِّعْمَة المُطلقَة التّامَّة -ابن القيم القارئ:إسلام عثمان
يقول الله جلّ جلاله في بعض الآيات: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ..}، {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ..}، وغيرها من الآيات. أمّا في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} قال بعض أهل التفسير: ترك الفصل لشدّة الوصل.
وَفِي التِّرْمِذِيّ من حَدِيث النَّضر بن شُمَيْل عَن أبي قُرَّة الأسدي عَن سعيد بن المسيب عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قالَ: "إن الدُّعاء مَوْقُوف بَين السَّماء والأرْض لا يصعد مِنهُ شَيْء حَتّى تصلي على نبيك ﷺ"
القارئ:عبدالإله العجيري
ادعوا لأنفسكم ولا تنسونا من الدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة
إلى كل عبد قانت خاشع لله، ممن يدرك قيمة الدعاء وأثره في معارك المسلمين على مرّ التاريخ:
اليوم في ساعة الجمعة المرجوّة بالإجابة:
ابتعد عمن حولك إلى مكان تجد فيه قلبك، وارفع يديك واستغث بالله لإخوانك، وادع على أعدائهم المجرمين وعلى أعوانهم، ادعُ دعاء من يعلم أن الأمر كلّه لله، وإياك أن تستهين بذلك.
لا تتوقف عن الدعاء لأمّتك بالهداية والنصر وللمكروبين بالفرج والتمكين، لا ترضَ القعود وقدم ما تستطيعه ولو دمعة، فدمعة عجز قد تنجيك خير لك من إعذار نفسك بأنك لن تفيد، وتدبّر ما بين ﴿رضوا بأن يكونوا مع الخوالف﴾ وما بين ﴿تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا﴾ من الهلاك والنجاة.