📌 الغزو الفكري.
إذا ظننت أن زمن الاحتلال قد انتهىٰ، فأنت على خطأ!
الاحتلال موجود وباقٍ؛ بأسلوب لا يسمح لنا بملاحظته، إلا بعد أن يبدأ عبر الغزو الفكري.
فما هو الغزو الفكري؟
إنه حرب تصيب المسلمين في قعر بيوتهم، وتهدف إلىٰ التأثير على أفكارنا ومعتقداتنا؛ من خلال نشر ثقافات وأفكار معينة.
يتم استخدام هذا السلاح بطرق عديدة، وسنتطرق لبعضها في هذا المقال.
- أولًا:
يجب أن نعلم أن أهم نقطة في الغزو الفكري هي انسلاخنا من ديننا الإسلامي؛ إذ إن أي إنسان متمسك بدينه يصعب السيطرة عليه.
لقد درس الغرب الإسلام منذ زمن عبر المستشرقين؛ ليتمكنوا من الطعن في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهدم صرح الإسلام. ورغم محاولاتهم رمي الشبهات حول ديننا، فإنهم علموا أنه لا يمكن تدمير الإسلام من الخارج؛ لأن ديننا حق، وعلماؤنا -بفضل الله- ينسفون شبهاتهم.
لذا، فإن الطريقة الأكثر فاعلية -في نظرهم- هي نفث السم بالخفاء؛ لخلق دين إسلامي جديد يتماشىٰ مع رغباتهم..
هذا السم الذي ينشر بشكل تدريجي لن يقتل من المرة الأولىٰ، ولهذا نجد -مثلًا- إدخال مفهوم مغلوط للحجاب؛ بحيث أصبحت أي قطعة قماش توضع علىٰ الرأس تسمىٰ حجابًا، ولا بأس من ارتداء ملابس لا تتناسب مع مفهوم الحجاب!
كما جعلوا من غير المؤهلين يحللون ما حرم الله، مدعين أن ديننا ليس دين تشدد؛ فيقبلون البدع.
وهذه هي أولىٰ مراحل التخريب الأخلاقي؛ فنزع الدين عن النفس هو دمار للأخلاق، ويستمر هذا عبر أمور عديدة تبعدنا عن ديننا، وتعتبر من طرق الغزو الفكري الناعم.
يغذون في نفوس الضعفاء أنهم أكثر تقدمًا، وأفضل منا، ويملؤون قلوبهم بالشهوات؛ حتى ينسىٰ الإنسان ما خُلق من أجله؛ فيصبح همّه الشهوات، وكأنه لم يُخلق لغيرها، ويمتنع عن التفكير بما وراء المادة؛ مما يؤدي إلىٰ قطع صلتنا بخالقنا، ويسعون بذلك لمسح الإسلام من أفئدتنا..
ولكن تركيزهم الأكبر يكون علىٰ أطفالنا؛ لأنهم الأجيال الناشئة؛ حتىٰ لا ينشأ جيل يفكر في نصرة الإسلام.
لذا، نجد أن فترة التخريب قد تستغرق حوالي (15) إلىٰ (20) عامًا، وهي المدة الكافية لنشأة جيل كامل.
فإذا أُدخلت أفكار خاطئة عليهم ستبقىٰ، حتىٰ لو حاول الأهل قمعها وفشلت محاولاتهم؛ فسيكبر الجيل ويأتي جيل آخر يتقبل هذه المدخلات الخاطئة!
للأسف، نحن نعلم أن الجيل الجديد يُسمىٰ جيل الأيباد.
إذًا، نحن تقبلنا هزيمتنا بهذه الطريقة!
لو كنا استمعنا إلى حديث النبي صلىٰ الله عليه وسلم: «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ؛ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم، وهو مسؤولٌ عنهم، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ، وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِها، وهي مسؤولةٌ عنهم، وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ، وهو مسؤولٌ عنهُ.
ألا فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ" لَمَا قادنا ذلك إلىٰ الخراب!
فكل فرد منا مسؤول عن مجتمعه وأسرته، وإذا أدينا هذه المسؤولية بجدية، لما سُمح لنا بالانزلاق نحو التدهور!
- الأمر الثاني هو العلم:
يتمثل في إبعادنا عن العلم النافع؛ حيث جعلوا مناهجنا أقل فائدة، ولا تبني عالمًا!
تاريخنا الإسلامي يُختزل بمعلومات سطحية؛ مما يدمر عقولنا، ويجعلنا نعيش بلا قاعدة صلبة نتمسك بها عندما تواجهنا الشدائد.
فلا بد من تسلحنا بعلمنا، وبالأخص العلم الشرعي؛ الذي لن أستطيع حصر فوائده..
لقد أشار ديننا إلىٰ أهمية طلب العلم في العديد من الآيات والأحاديث.
قال رسول الله صلىٰ الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء.
وإن فضل العالم علىٰ العابد كفضل القمر ليلة البدر علىٰ سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، ورثوا العلم؛ فمن أخذه أخذ بحظ وافر.."
لم يعد معظمنا يستطيع الاستماع إلىٰ محاضرة طويلة، رغم فائدتها الكبيرة، أو قراءة كتاب مفيد.
هكذا تم تخريب عقولنا؛ حيث سعينا نحو الخراب؛ مغمضي الأعين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع المقطوعات القصيرة، وسرعة الوصول إلىٰ كل شيء!
تغيرت شخصيتنا؛ أصبحنا نبحث عن السهل الممتع.
كان الإنترنت ومواقع التواصل سيفًا ذا حدين؛ لذا يجب أن نحرص علىٰ استخدامها لصالحنا.
إن الأمر يحتاج منا إلىٰ إعادة النظر في حياتنا، وترتيب أولوياتنا، وإصلاح علاقتنا بالله، والتقرب منه، سبحانه وتعالىٰ.
#الغزو_الفكري