لماذا لا تتوب..
وقد بيّن اللّٰه في كتابه العظيم أنه سبحانه يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم وكثرت، كما قال تعالى:
﴿ قُل يَٰعِبادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِم لَا تَقنَطُوا مِن رَّحمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾
وأخبر سبحانه وتعالى عبادَه أنه يغفر الذنوب جميعًا لهم إذا صدقوا في التّوبة إليه بالندم، والإقلاع عن الذّنوب والعزم على ألا يعودوا إليها، فهذه هي التوبة.
ونهاهم سبحانه عن القنوط من رحمته [وهو اليأس] مهما عظُمت ذنوبهم وكثُرت فَرحمةُ اللّٰه أوسع وعفوُه أعظم، قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبادِه وَيَعفُوا عَنِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ وَيَعلَمُ مَا تَفعَلُونَ ﴾
لماذا لا تتوب؟!
أوَما علمت أنه برحمته وعزّته قال عن نفسه: ﴿ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾ أي إن اللّٰه يحب المكثرين من التوبة من المعاصي؟!
وأخبرَنا رسولُ ربِّنا ﷺ أنَّ: «كلُّ اِبنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ».
لماذا لا تتوب؟!
أمَا تعلمُ أن الله شديد الفرحِ برجوع عبده إليه وامتثال أمره مخلصًا من قلبه.
قال رسول الله ﷺ عن ربِّه: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ… إلى آخر الحديث».
لماذا لا تتوب..
ورسول اللّٰه ﷺ الذي قد غُفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر يستغفر اللّٰه ويتوب إليه كما قال في الحديث: «واللّٰه إنِّي لَأَستَغفِرُ اللّٰه وأَتُوبُ إلَيهِ في اليَومِ أكثَرَ مِن سَبعِينَ مَرَّةً»؟!
لماذا لا تتوب..
والملائكة تستغفر للذين تابوا؛
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحمِلُونَ للعَرشَ وَمَن حَولَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمدِ رَبِّهِم وَيُؤمِنُونَ بِهِ وَيَستَغفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَا وَسِعتَ كُلَّ شَيء رَّحمَةً وَعِلمًا فَاغفِر لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِم عَذَابَ الجَحِيمِ ﴾
أي أنّ الملائكة الذين يحملون عرش ربك - أيها الرسول - والذين هم من حوله ينزهون ربهم عما لا يليق به ويؤمنون به ويطلبون المغفرة للذين آمنوا بالله، قائلين في دعائهم: ربنا وسع علمك ورحمتك كل شيء، فاِغفر للذين تابوا من ذنوبهم واتبعوا دينك، واحفظهم من النار أن تمسهم
ماذا يحصِّل لكَ إن أنتَ تُبتَ إلى ربِّك؟!
قال ربُّنا الودود: ﴿ إلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأولَٰئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظلَمُونَ شَيئًا﴾
إلا من تاب من تقصيره وتفريطه، وآمن باللّٰه وعمل عملًا صالحًا فأولئك الموصوفون بهذه الصفات يدخلون الجنة، ولا ينقصون من أجور أعمالهم شيئًا ولو قلّ.
وقال سبحانه وتعالى:
﴿ إلَّا مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَٰلِحًا فَأُولَٰٓئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّـَٔاتِهِم حَسَنَٰت وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾
لكن من تاب إلى اللّٰه وآمن، وعمل عملًا صالحًا يدل على صدق توبته، فأولئك يبدّل اللّٰه ما عملوه من السيئات حسنات، وكان اللّٰه غفورًا لذنوب من تاب من عباده، رحيمًا بهم.
وقال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لعلَّكم تفلحونَ﴾
لأن المؤمنَ يدعوُه إيمانه إلى التوبة،
ثم علَّق على ذلك الفلاح، فقال: ﴿ لعلَّكم تفلحونَ ﴾: فلا سبيلَ إلى الفلاح إلا بالتوبة، وهي الرجوع مما يكرهه اللّٰه ظاهرًا وباطنًا إلى ما يحبُّه ظاهرًا وباطنًا.
فقل لي باللّٰه: مَا يمنعُك من التوبة والرّجوع إلى الله؟!
لا تؤجل توبتك فلا تدري في أي ساعة ترحل!
جاهد نفسك فما نحن إلا في اختبار!