(
براءة الأعلام، من تكفير أهل الإسلام)
[6]قال الشّيخ تقيّ الدّين بن تيميّة، رحمه الله:
"
وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعمّ الخطأ في المسائل: الخبرية القولية، والمسائل العَمَلية. وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولا معصية".
(مجموع الفتاوى)، 3/ 229.
وقال:
"
فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان، سواء كان في المسائل النظرية أو العملية؛ هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وجماهير أئمة الإسلام،
وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها.
فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول، وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع- فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة، ولا عن التابعين لهم بإحسان، ولا أئمة الإسلام".
(مجموع الفتاوى)، 23/ 346.
وقال كذلك:
"وأصل هذا ما قد ذكرته في غير هذا الموضع: أن
المسائل الخبرية قد تكون بمنزلة المسائل العملية، وإن سُميت تلك (مسائل أصول) وهذه (مسائل فروع)؛ فإن هذه تسمية محدَثة قسمها طائفة من الفقهاء والمتكلمين ...
وقولنا: (إنها قد تكون بمنزلتها)، يتضمن أشياء، منها: أنها تنقسم إلى قطعي وظني، ومنها: أن المصيب وإن كان واحدا
فالمخطئ قد يكون معفوا عنه، وقد يكون مذنبا، وقد يكون فاسقا، وقد يكون كالمخطئ في الأحكام العملية سواءً".
(مجموع الفتاوى)، 6/ 56-58.
وقال أيضًا:
"
والخطأ المغفور في الاجتهاد هو في نوعَي المسائل الخبرية والعملية، كما قد بسط في غير موضع.
كمن اعتقد ثبوت شيء لدلالة آية أو حديث، وكان لذلك ما يعارضه ويبين المراد ولم يعرفه،
مثل:-
من اعتقد أن الذبيح إسحاق؛ لحديث اعتقد ثبوته.
-
أو اعتقد أن الله لا يُرى؛ لقوله: {لا تدركه الأبصار}، ولقوله: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب}،
كما احتجت عائشة بهاتين الآيتين على انتفاء الرؤية في حق النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يدلّان بطريق العموم.
وكما نقل عن بعض التابعين أن الله لا يُرى، وفسروا قوله: {وجوه يومئذ ناضرة} {إلى ربها ناظرة} بأنها تنتظر ثواب ربها، كما نقل عن مجاهد وأبي صالح ...
- أو
اعتقد أن الميت لا يسمع خطاب الحي؛ لاعتقاده أن قوله: {فإنك لا تسمع الموتى} يدل على ذلك.
- أو
اعتقد أن الله لا يَعجب، كما اعتقد ذلك شريح؛ لاعتقاده أن العجب إنما يكون من جهل السبب، والله منزه عن الجهل.
- أو
اعتقد أن عليًّا أفضل الصحابة؛ لاعتقاده صحة حديث الطير ...
- أو
اعتقد أن بعض الكلمات أو الآيات أنها ليست من القرآن؛ لأن ذلك لم يثبت عنده بالنقل الثابت، كما نقل عن غير واحد من السلف أنهم أنكروا ألفاظا من القرآن كإنكار بعضهم: {وقضى ربك}، وقال: إنما هي (ووصّى ربك) ...
-
وكما أنكر طائفة من السلف والخلف أن الله يريد المعاصي؛ لاعتقادهم أن معناه أن الله يحب ذلك ويرضاه ويأمر به ...
-
وكالذي قال لأهله: (إذا أنا مت فأحرقوني ثم ذرّوني في اليمّ؛
فوالله لئن قدر الله علي ليعذبَنّي عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين)، وكما قد ذكره طائفة من السلف في قوله: {أيحسب أن
لن يقدر عليه أحد} وفي قول الحواريين: {
هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء}.
-
وكالصحابة الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: (هل نرى ربنا يوم القيامة؟)؛ فلم يكونوا يعلمون أنهم يرونه، وكثير من الناس لا يعلم ذلك، إما لأنه لم تبلغه الأحاديث، وإما لأنه ظن أنه كذب وغلط".
(مجموع الفتاوى)، 20/ 33-36.
#مهمات#تيميات#براءة_الأعلام