(براءة الأعلام، من تكفير أهل الإسلام) [7]
- قال حُجّةُ الإسلام الإمام أبو حامد الغزاليّ في (فَيْصَل التّفرِقة):
"لعلّكَ تشتهي أنْ تَعرِفَ حَدّ الكُفر، بعدَ أن تناقضَ عليك حدودُ أصنافِ المقلِّدِين.
فاعلمْ أنّ شرحَ ذلك طويل، ومُدْرَكَهُ غامض، ولكنّي أعطيكَ علامةً صحيحة مُطَّرِدةً مُنعَكِسة؛ لتتّخِذَها مَطْمَحَ نظرِك، وتَرْعَوِيَ بسببها عن تكفير الفِرَق، وتطويلِ اللِّسان في أهل الإسلام، وإن اختلفتْ طُرُقُهم، ما داموا متمسِّكِينَ بقول: (لا إله إلا الله، محمّد رسول الله)، صادقِينَ بها، غيرَ مناقِضِينَ لها.
فأقول:
الكفر: هو تكذيبُ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في شيء ممّا جاء به.
والإيمان: تصديقُه في جميع ما جاء به".
- وقال:
"اعلمْ أن الذي ذكرناه، مع ظهوره، تحتَه غَوْرٌ، بل تحتَه كلُّ الغَوْر؛ لأنّ كلّ فرقة تكفِّرُ مخالفَها، وتَنسُبُه إلى تكذيب الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فالحنبليّ يكفِّر الأشعريّ زاعمًا أنه كذّب الرّسول في إثبات الفَوْق لله تعالى، وفي الاستواء على العرش!
والأشعريّ يكفِّره زاعمًا أنه مشبِّه وكذَّب الرّسول في أنّه {ليس كمثله شيء}!
والأشعريُّ يكفِّر المعتزليّ زاعمًا أنه كذَّب الرّسول في جواز رؤية الله تعالى، وفي إثبات العِلم والقُدرة والصِّفات له!
والمعتزليُّ يكفِّرُ الأشعريّ زاعمًا أنّ إثباتِ الصِّفات تكثيرٌ للقُدَماء وتكذيبٌ للرّسول في التّوحيد!
ولا يُنجيك من هذه الوَرْطة إلّا أنْ تَعرِفَ حدَّ التّكذيب والتّصديق، وحقيقتهما فيه، فينكشفَ لك غلوُّ هذه الفِرَق، وإسرافُها في تكفير بعضِها بعضًا.
فأقول:
التصديق إنّما يتطرّق إلى الخبر.
وحقيقته: الاعتراف بوجود ما أخبر الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم عن وجوده، إلّا أنّ للوجود خمس مراتب، ولأجل الغفلة عنها نَسبتْ كلُّ فرقة مخالفَها إلى التّكذيب؛ فإن الوجود: ذاتيّ، وحِسّيّ، وخياليّ، وعقليّ، وشَبَهيّ.فمن اعترف بوجود ما أخبر الرسول صلّى الله عليه وآله، وسلّم عن وجوده، بوجهٍ من هذه الوجوه الخمسة- فليس بمكذِّبٍ على الإطلاق".
- وقال:
"فخاطِبْ نَفْسَكَ وصاحِبَك، وطالِبْه بحدِّ الكُفْر،
فإنْ زَعَمَ أنّ حدّ الكُفر: ما يُخالِفُ مذهبَ الأشعريّ، أو مذهب المعتزليّ، أو مذهب الحنبليّ أو غيرهم- فاعلمْ أنّه غِرٌّ بليد، قد قيّدَه التّقليد؛ فهو أعمَى من العُمْيان، فلا تضيِّعْ بإصلاحِه الزّمان!"
#مهمات
#غزاليات
#براءة_الأعلام