#زاد_عاشوراء (1)
محبّة أهل البيت (ع) للناس:
لقد جسّد سيّدُ الشهداء (ع) في
#كربلاء، دروسَ المحبّة والعشق، بأبهى صورها وأحلاها، وكان مثالها الأبرز والأرقى، ففاضَت جوانبُه بالمحبّة للجميع؛ أنصار ومحبّين، وأعداء ومُبغِضين.
فكيف تجسّدَت تلك المحبّة عمليًّا؟
1. اسقوا الأعداءَ ماءً:
عندما وصل الإمام الحسين (ع) ومن معه إلى مرتفعٍ يُدعى ذو حسم، ونزلوا فيه، جاءه الحرُّ بن يزيد الرياحيّ، ومعه ألف فارس، فتقدّموا نحو خيمة الإمام (ع)، حتّى وقفوا في مقابله، فقال (ع) لفتيانِه: «اسقُوا القَوْمَ، وَارْوُوهُمْ مِنَ الماءِ، وَرَشِّفُوا الخَيْلَ تَرْشِيفًا».
وقد أخذ الإمام الحسين (ع) السِقاء، وقام بإرواء الحُرّ وحصانه.
2. مع عمر بن سعد:
كان سيّد الشهداء (ع)، قبل يوم
#عاشوراء، قد أرسل إلى عمر بن سعد رسولًا؛ من أجل أن يلتقيا لقاءً خاصًّا ليكلّمه، عسى أن يرتدع عن ارتكاب تلك الجناية العظمى، فلمّا التقيا، وَعَظَهُ الإمامُ (ع) قائلًا:
«ويلك يابن سعد! أَمَا تتّقي اللهَ الذي إليه معادُك؟! أَتُقاتِلُني وأنا ابنُ مَن عَلِمْتَ؟! ذَرْ هؤلاءِ القومَ، وكنْ معي، فإنّه أقربُ لكَ إلى اللهِ تعالى».
فقال عمر بن سعد: أخاف أن تُهدَم داري.
فقال (ع): «أنا أبنيها لك».
فقال: أخاف أن تُؤخَذ ضيعتي.
فقال (ع): «أنا أخلف عليك خيرًا منها من مالي بالحجاز».
فقال: لي عيالٌ وأخاف عليهم.
ثمّ سكت، ولم يُجِبْهُ إلى شيء....
وهكذا، قدّم الإمام (ع) الحلول لعمر بن سعد، فأتمّ عليه الحجّة، ولم يترك له عذرًا أو ذريعة إلّا وقدّم لها حلًّا هو الأفضل والأحسن لصالح ابن سعد، لكنّ هذا الأخير قيّده هواه، وأغرته مطامعه الدنيويّة، فكان من الخاسرين.
3. أنتَ في حِلٍّ مِن بَيْعَتي:
كان محمّد بن بشر الحضرميّ (رضوان الله عليه) من أنصار الإمام الحسين (ع)، وكان قد جاءه، في يوم
عاشوراء، خبرُ أَسْرِ ابنِه بثغر الريّ،
فقال: عندَ اللهِ أَحتَسِبُهُ وَنفسي، مَا كنتُ أحبُّ أنْ يُؤسَر، وأنْ أبقى بعده!
فسمع الإمام الحسين (ع) قولَه،
فقال: «رَحِمَكَ اللهُ! أَنْتَ في حِلٍّ مِنْ بَيْعَتِي، فَاعْمَلْ في فكَاكِ ابْنِكَ».
فقالَ: أَكَلَتْنِي السِّبَاعُ حَيًّا إنْ فارَقْتُكَ!.
4. يا نافع، الزم أهلك:
كانت لنافع بن هلال زوجةٌ لم يدخل بها بعد، وكانت معه في معسكر الإمام الحسين (ع)، فلمّا رأَتْ نافِعًا يومَ
عاشوراء قد برز إلى القتال، تعلَّقَت بأذياله، وبكَتْ بكاءً شديدًا،
وقالت: إلى أين تمضي!؟ وعلى من أعتمدُ بعدك؟!
وقد سمع الإمام الحسين (ع) قولَها،
فقال لنافع: «يَا نافعُ، إنَّ أَهْلَكَ لَا يَطِيبُ لها فِرَاقُكَ، فَلَوْ رَأَيْتَ أنْ تختارَ سُرُورَهَا على البِرَازِ؟»،
فقال نافِع: يابن رسولِ الله! لو لم أنصرْكَ اليوم، فبماذا أجيب غدًا رسولَ الله؟
وبرز فقاتَل، حتّى قُتِل (رضوان الله عليه).
5. أبلغ موعظة:
«أَمَّا بَعْدُ، فَانْسُبُونِي، فَانْظُرُوا مَنْ أَنَا، ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَى أَنْفُسِكُمْ وَعَاتِبُوهَا، فَانْظُرُوا هَلْ يَحِلُّ لَكُمْ قَتْلِي وَانْتِهَاكُ حُرْمَتِي؟ أَلَسْتُ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ، وَابْنَ وَصِيِّهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَأَوَّلِ الْمُؤْمِنِينَ بِاللهِ، وَالمُصَدِّقِ لِرَسُولِهِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ؟ أَوَلَيْسَ حَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمَّ أَبِي؟ أَوَلَيْسَ جَعْفَرٌ الشَّهِيدُ الطَّيَّارُ ذُو الجَنَاحَيْنِ عَمِّي؟ أوَلَمْ يَبْلُغْكُمْ قَوْلٌ مُسْتَفِيضٌ فِيكُمْ أنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) قَالَ لِي وَلِأَخِي: هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟».
6. هذا الليل قد غشيَكم فاتّخِذوه جَمَلًا:
في ليلة
عاشوراء، جمع الإمام الحسين (ع) أصحابَه، وحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال بعد دعاءٍ وكلامٍ كثير:
«وَإِنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَكُمْ، فَانْطَلِقُوا جَمِيعًا فِي حِلٍّ، لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنِّي ذِمَامٌ.
هَذَا اللَّيْلُ قَدْ غَشِيَكُمْ، فَاتَّخِذُوهُ جَمَلًا،
وَلِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، وَتَفَرَّقُوا فِي سَوَادِكُمْ وَمَدَائِنِكُمْ،
فَإِنَّ القَوْمَ إِنَّمَا يَطْلِبُونَنِي...».
7. ذَكَّرْتُهُم وَوَعَظْتُهُمْ:
كان ممّا أخبرَ به الإمامُ الحسين (ع) أختَه زينب (ع) وأهلَ بيته ليلة
عاشوراء، ضمن ما أخبرهم به من حالِ الأعداء، أنّه قال:
«ذَكَّرْتُهُم فَلَمْ يَذْكُرُوا، وَوَعَظْتُهُمْ فَلَمْ يَتَّعِظُوا، وَلَمْ يَسْمَعُوا قَوْلِي...».
إنّ هذه الكلمات والمواقف من سيّد الشهداء (ع)، في ظروفٍ أحوجُ ما يكون فيها القائد إلى أنصار وأعوان، تُظهِر بوضوح، مدى الحبِّ الذي يكتنز صدره الشريف، حتّى صار (ع) سفينةً للنجاة.
#زاد_عاشوراء 1442 (بتصرف)
مركز المعارف للتأليف والتحقيق
t.center/read4uufacebook.com/read4uu/facebook.com/Read4uu4/