تذكر دائمًا أنك بأمر الله تعالى الوحيد القادر على جعلك إنسانًا صالحًا بمحاولاتك وأنت متيقن فائدتها طالما أنك متوكل على الله، ساعٍ لرضاه
وأنك حتى وأنت في فراشك تبكي تستطيع طالما أنك توكلت على رب السماوات والأرض أن تبدأ من جديد، وأن تعيد صياغة أحلامك، وأن تعظم نيتك حتى تبلغ بها أعالي الجنة برحمة الله تعالى؛ فإن وصلت بها هناك ألا تظن أنك حققت كل ما تتمنى
أنت بطل قصتك، قصة عظيمة لعبدٍ مسلم والبطل عليه أن يواجه الصعوبات مستعينًا بالله، ويتحمل المخاطر والله أمانه
تقلقك ألا تكون نهاية القصة سعيدة؟ إن خسرت الدنيا برمتها ستكون النهاية سعيدة إن شاء الله تعالى ووفق لأنها الجنة.
تسلل من شباك غرفتي صوت ابن جيراننا يقول بصوت حازم: لا، عندي مذاكرة أو ماشابه (المذاكرة عندنا في سوريا اختبار يجرونه في المدارس)
بكون الملعب الخاص بهم قرب شباكي أيضًا، عرفت أنه يمنتع عن لعب الكرة أو اللهو في الحارة لأنه مجتهد اللهم بارك كما سمعت وعنده مذاكرة
الحقائق والأهداف تجعل الإنسان حازمًا للوصول، يترك ما يحب ليصل لما يريد شاب صغير في بداية استيعابه للدنيا عرف مراده منها؛ فأخذ العدة للوصول
ترانا ونحن نعلم أن هناك اختبار لِمَ نلهو؟ لِمَ كل هذا الضياع للوقت والنفس؟ هل طال الأمد؟ أم غرنا الأمل؟ أم استُدرجنا بِـ حِلم الحليم علينا سبحانه وبحمده؟
أعلم أنك تتآكل، يؤلمك ذنبك، تذيب قلبك عدم استقامتك، تتشوق للإنجازات الكُبرى، تشعر بنفاذ طاقتك، تتكهن أن الأسباب مؤدية للضياع بمنظورك الخاطئ؛ هون عليك، لن أملَ أن أقول لك استمتع بكونك عبد لِـ ربٍ رحيم سبحانه وبحمده، هو على كل شيء قدير، بيده مقادير السماوات والأرض، وخزائنهما، وقلوب الأحباب، ونواصي الأشرار، والنفع والضر، والمستحيلات ما عليك إلا أن تتوكل عليه توكلاً تامًا مهما كانت المعطيات من حولك تحاول جرك لليأس لا بأس حاول من جديد لا بأس.
الأول: أني لوهلة لم أتوقف عن غبط الطلاب أنهم يتعلمون هذا وعندهم الوقت للتمعن فيه والتلذذ بالعلم، والاختبار (وغبطي لهم على راحة البال وليس على العلم لأني مررت عليه قبلًا بأي حال) (فتعلموا قبل أن تسودوا) والسيادة هنا أظنها بمعنى المسؤولية.. تعلم وتلذذ قبل أن تصبح مشغولاً عن هذا
الثانية: أني تذكرت نية طالب العلم، وعظم الأجر المترتب على ذلك وما زلت أحاول أن أترك حال الكاتب للاختبار إلى حال من يريد النفع لنفسه وغيره ولو بكلمة
الثالثة: أن هذا الأمر كنت أتولاه بكثرة من سنين؛ ثم صرت إلى دوراتي وطلابي فانقطعت عنه؛ وهنا قاعدة مهمة: مهما بلغ انشغالك لا تسد باب خير فيه نفع لك، وللمسلمين
الرابعة: أن الأمر كان سهلاً جدًا علي من سنين، وليست قلة مزاولته ما جعلته صعبًا الآن؛ بل زيادة علمي بحال الطالب؛ فأنا بين أن أرأف بالطالب وأنفعه، أو أختبره بدقة وأرفعه وبين كل واحدة والثانية خيط رفيع، وجهد بالغ لتنفع المسلمين أو تضر بتقدمهم ولربما هذا ما يعاني منه كل مَن تولى شيئًا
هذه الأيام أكتشف أن سبب ثقل المسؤوليات ليس فقط تعبك بل أيضًا رشدك
أتمنى من الجميع أن يتعلم العلم الشرعي، ويخدم ما فنيت فيه أعمار خير رجال هذه الأمة رضي الله عنهم
أتمنى من أذكياء هذه الأُمة أن يدركوا أننا نحتاجهم في الطب، والهندسة، والحساب والبرمجة؛ لكن أعظم احتياج لهذه الأمة أن يسدوا ثغورها، وخاصة ثغر العلم
اليوم الكل يتأوه على فوات الجهاد، ويشيح بنظره عن ساحات العلم التي هي أيضًا جهاد، جهاد حالي ومستقبلي
بل إن كل بطل مغوار كان صنيع العلم بأمر الله تعالى حتى وصل لهذا الإقدام والثبات على الحق.
قرأت خبرًا لا أدري صحته من عدمها أن الصهاينة شرحوا جثة السنوار، ووجدوه لم يأكل من أيام
نزلت دمعة من طرف عيني دون إرادتي تخيلت حال الرجل بين أيديهم أعرف هذه المواقف، الآمن لا يتخيلها، أهل الحروب عاشوها قلت سابقًا: لا يهم سلخ الشاة بعد ذبحها
كيف أوقف السيل الجارف من البكاء داخلي الآن وأنا موقنة أن الشاة التي تُسلخ وهي حية يعذبها هذا جدًا وكلنا هذه الشاة!
إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أؤجرنا في مصائبنا هذه واخلف لنا خيرًا منها.
الإنسان مهما حاول يريح نفسه، ومهما كان صافي، ومهما أكل شي بحبه أو قعد قعدة بيأنس فيها، أو فعل ما يُحب لن ينسى أن أخوانه يقتلون ويروعون في بلدان شتى لن نصفى في هذه الدنيا لن نصفى
نسأل الله أن يرزقنا الجنة والفرج عن أخواننا فهذا كل ما نتمنى.
في كلِّ ليلة أتمثل حياتي أمامي، تمر بي ذكريات قاسية، وتثور ندبات قديمة وجديدة.. كل شيء حولي وداخلي يقولُ بأعلى صوته، ويشيرُ إليَّ: (أنى يُحيي هذه الله بعد موتها)
أمضي ساكنة، وقلبي يردد: (أعلم أنَّ الله على كل شيءٍ قدير).
اليوم طالبتي سما وهي تطمئن علي بعثت هذا الكلام وهذا من حق المسلم على المسلم أن يذكره ويتعاهده لعله ينقذه من شيطانه وغفلته
والحديث (وسبحان الله، والحمدلله تملآن أو تملأ ما بين السماوات والأرض) ورد في صحيح مسلم
وأورد الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه المنهاج:
وأما معناه فيحتمل أن يقال: لو قدر ثوابهما جسما لملأ ما بين السماوات والأرض، وسبب عظم فضلهما ما اشتملتا عليه من التنزيه لله تعالى بقوله : " سبحان الله " ، والتفويض والافتقار إلى الله تعالى بقوله : " الحمد لله " والله أعلم
لك أن تتخيل أنك بلفظتين بسيطتين تتحصل ما مادته تملأ بين السماوات والأرض
ثم أنت تغفل
لا تغفل!
غدًا تجدها بكرم الله تعالى في صحيفتك عظيمة فينقذك الله بها من الهلاك
هذا الكم سيمحي ذنوبك، وينقذك من آثارها، وتبعات الغيبة وغيرها
"أحيانًا يكون من الصعب أن لا نستطيع الكلام خاصة عندما نحتاج أن يُسمع صوتنا ونُفهم بعمق"
الحمدلله الذي وسع سمعه الأصوات، وهو السميع العليم، اللطيف الخبير
الحمدلله أن الدعاء، المناجاة، بث الحزن والشكوى ليس فيها صدود لأن باب الله مفتوح والصد أكثر ما يزعج النفوس الطيبة وأنه السميع... تعلم أنه يسمعك على عكس البشر الذين قد تصرخ ولا يسمعونك
العليم... هو أعلم منك بنفسك، ويعلم السر، وكل شيء؛ فليس عليك أن تسرد تفاصيل الحكاية وأنت منهك، ولا التبرير وأنت منهار، ولا سوق الأدلة على صدقك وأنت مقهور
اللطيف.. وهذا الاسم يعطيك الثقة التامة اليقينية أن كل قدر قدره اللطيف عليك وإن كان ما تكره فهو في صالحك هذا الاسم يعطيك الأمان الذي ضنت به عليك الدنيا في أقرب التفاصيل
الخبير... ليس هناك خوف.. هناك ثقة تامة أنك في أمان وأن هذا هو الخير لك.
بغض النظر أن أوس ابن أختي طوال زيارته لنا اليوم يقول لي: مريم أنتِ فراشتي إلا أني وأنا أودعه قبل ذهابه خادعني؛ فتناول جهازه الذي يشاهد عليه ما يحب وقد أبعدته عنه فتذرعت أني حزنت وقلت له تحب جهازك أكثر مني قال: لا هو صغير كالنملة وأنتِ كبيرة كالفضاء
جماعة أنا كبيرة كالفضاء
جماعة أم زرع كان معاها حق لما حبت أبو زرع لأنه بجحها؛ فبجحت إليها نفسها.
وصراحة حلاوة الجبنة شيء من اللذائذ بدون المحلول السكري (القطر)
ونوقف عند هذه التفصيلة رغم صغرها أني أريد ما أُحب دون تعب وجزاء إحسان صغير مني برحمة الله بي لأني عبدٌ لربٍ عظيم
قيل في معنى الرب أنه المُصلِح.. والإصلاح بالإحسان والجزاء والعطاء عظيم لذا فسر الإمام السعدي رحمه الله تعالى (ربِّ العالمين) أن الرب هو الذي يرعى عباده ويقوم على حفظ إيمانهم؛ فيصرف عنهم ما ينقصه ويؤتيهم ما يزيده
انظر إلى رجلٍ آثر الله على شهوة بطنه فكافأه بالأطايب من حيث لا يحتسب وكافأنا برجاءٍ جديد غفلنا عنه أنه نعم الرب ربنا، يكافؤ بالإحسان إحسانا.
إلى الهائمين على وجوههم يستحييون من ربهم سبحانه وبحمده أن يناجوه، وهم عصاة..
ذُكر في كتاب الزهد.. أن سيدنا آدم لما بدت عورته إثر ذنبه، وكانت لا تبدو له فرَّ هاربًا... فناداه ربه: أَ مني تفر؟ قال: أي ربِّ لا أستحييك قال؛ فناداه: وإن المؤمن يستحيي ربه من الذنب إذا وقع به؛ ثم يعلم بحمد الله أين المخرج يعلم أن المخرج في الاستغفار، والتوبة إلى الله
منذ أيام وهذا الحديث مناط أُنسٍ لي لا لطف كَ لطف الله المتجلي بِـ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لما استحضرنا الموقف، قلت لطالبتي كيف ننقل للناس هذا اللطف كله
النبي صلى الله عليه وسلم أتاه ثوب، فرأى أن يكسوه لأم خالد وكسوته لها بيديه الشريفتين لأنها طفلة وقد كان والداها رضي الله عنهما مهاجرين في الحبشة وقد ولدت أم خالد في الحبشة ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم لفظة من لغة أهل الحبشة يؤنس الفتاة فيها وسنا هو الحسن بلسان أهل الحبشة وفي هذا إيناس عظيم للفتاة لأنها ولدت هناك وإكرام لوالديها بإكرامها.