🌷سنرفع أيدينا وندعو لكل من نعز..🌷
فالشدائد مهما بلغت وتعاظمت لن تدوم..
سنظل نغرس وردة الأمل كلما أحرقها أنين اليأس..
فرحمة الله أعظم وفرجه أقرب ..🕊
ولنثق أن الايام الجميلة قريبة جدا🍂 ..
ولا يفصلنا عنها إلا طريق عنوانه : الصبر
«إلى الله نشكو قِلَّة الزَّاد وضعف الهمَّة، وتيه اَلخُطىٰ، وكثرة التَّعثُر .. سبحانك اللَّهُم، لا حول لنا ولا قوَّة إلا بك .. اللَّهُم إنَّك تهدي من تحبُّ… فـ اهدنا سواء السَّبيل، وثبِّت قلوبنا، فلا نضلُّ بعد هداك، ولا نشقى، واملأ قلوبنا بنور اليقين، وأدخلنا الجنَّة دارك، دار السَّلام، والنَّعيم المقيم، والفوز العظيم، برحمتك يا واسع الفضل والكرم.»
اللهم أنت الواهب لا سواك و المعطي لمن دعاك يامن ترانا ولا نراك و تعطينا ولا نبلغ ثناك اللهم اجعل كل أيامنا في حسن عبادتك وارزقنا من خير الدنيا ونعيم الآخرة اللهم ألق علينا محبتك لنكون سعداء ألق علينا رضاك لنكون الأتقياء واكتب لنا القبول في الارض والسماء 🌸🍃
سلِّم نفسك من ثرثرة الأحكام على الناس، وخذ بزمام قلبك واجعل قبلته رضا ربه، فلا يلتفت بعين الفضول يمينا وشمالًا: من فعل، ومن قال! ومتى انشغل القلب بتلك الثرثرة تكدر فحُجب عن تلقي الأنوار، والدخول في رحاب الأسرار. *استغفروا ربكم وتوبوا اليه وصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم*
"يضعُ الله لك في طريقك مَنْ هو محتاج إليك، وَمَنْ يجد المواساة عندك، في وقت أنت أحوج منه لذلك؛ لماذا؟ ليعلّمك أنك تستطيع أن تفعلَ الكثير، فلا تفقد الأمل.. ولأننا نواسي أنفسنا حين نواسي الآخرين؛ ألمس هذا في فعل موسى؛ فقد كان مُجهَداً هزيلاً بسبب السفر والجوع، ورغم ذلك: ﴿فسقى لهما﴾."
اليوم فأعِدُّوا". (الصحيحة:1751) وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا". وأخرج البخاري عن أم سلمة i: "أن النبي ﷺ استيقظ ليلةً، فقال: سبحان الله، ماذا أُنْزَل الليلة من الفتنة؟ ماذا أُنْزَل من الخزائن؟ مَن يُوقِظُ صواحبَ الحُجرَات؟ يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ في الآخرة" فقوله ﷺ: "مَن يُوقِظُ صواحبَ الحُجرَات؟"... إلخ؛ يُفْهَم منه إيقاظهن للصلاة والتهجد؛ لمدافعة الفتن، كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [البقرة:45]
*تنبيه* لا شك أنه كلما تقدَّم الزمن؛ فإنا نصير أقرب إلى الأشراط التي لمَّا تقع، وهذا يستوجب مزيداً من الحذر والاستعداد، ولعل أخطر هذه الأشراط: طلوع الشمس من مغربها، وهو المقصود بقوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} [الأنعام:158] وفي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانُها لم تكن أمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً". وفي رواية عند الإمام أحمد أن النبي ﷺ قال: "لا تنقطع الهجرة ما تُقُبِّلَت التوبة، ولا تزالُ التوبةُ مقبولة حتى تطلعَ الشمس من المغرب، فإذا طلعت طُبِعَ على كل قلبٍ بما فيه، وكفي الناسُ العملَ". قال ابن كثير r في" تفسيره" (3/371): إذا أنشأ الكافر إيماناً يومئذ لا يُقبلُ منه، فأما مَن كان مؤمناً قبل ذلك، فإن كان مصلحاً في عمله، فهو بخير عظيم، وإن كان مُخَلِّطاً فأحدث توبة؛ حينئذ لم تقبل منه توبة.اهـ فهذا غاية أجل التوبة في حق عمر الدنيا، أما غايته في حق كل إنسان؛ فبيَّنه قول النبي ﷺ: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرْغِر" أي: ما لم تبلغ رُوْحُهُ حُلْقُومَهُ.
- وعليه فإن الواجب على المؤمن أن يُميِّز بين ما يعْنِيه وما لا يعْنِيه، وقد قال رسول الله ﷺ: "إن من حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعْنِيه ". ومن صور اشتغال المرء بما لا يعْنِيه أن يديم البحث: متى الساعة؟ مع أنه غيبٌ استأثر الله بعلمه، وإنما اشتغاله بما يعنيه في هذا الباب، أن يجتهد في الإعداد للساعة والتهيؤ لها، وبخاصة الساعة الخاصة به، وهي لحظة موته؛ ولذلك لمَّا سأل رجل النبي ﷺ: "يا نبي الله، متى الساعة؟ لم يلتفت النبي ﷺ إلى سؤاله؛ وأرشده إلى الاشتغال بما يعنيه، وهو قوله ﷺ: "ما أعددت لها..." الحديث
5- تعلُّمُ الكيفية الصحيحة التي دلنا عليها رسول الله ﷺ كي نتعامل بها مع بعض الأحداث المقبلة التي قد يلتبس علينا وجه الحق فيها. قال تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:128]. وأخرج الإمام مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "كنا مع رسول الله ﷺ في سفرٍ فنزلْنَا منزلاً.."الحديث وفيه:"إذ نادى منادي رسول الله ﷺ: الصلاة جامعة، فاجتمعنا إلى رسول الله ﷺ فقال: إنَّه لم يكن نبيٌ قبلي إلا كان حقَّاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلَمُهُ لهم، وينذرهم شر ما يعلَمُهُ لهم، وإن أمتكم هذه جُعِلَ عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء، وأمور تنكرونها، وتجىء فتنة؛ فيرقق بعضها بعضاً، وتجىء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجىء الفتنة، فيقول المؤمن: هذه... هذه، فمَن أحبَّ أن يُزَحْزحَ عن النار ويدخل الجنة؛ فلتأته مَنِيَّتُهُ وهو يؤمن بالله واليوم الأخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يُؤْتَى إليه، ومَن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه؛ فليطعه ما استطاع، فإن جاء الآخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر".
لقد نصح رسول الله ﷺ أصحابه الذين عاصروه نصائحَ انتفعوا بها كثيراً: - فقد بَشَّرَ عثمان رضي الله عنه بالجنة على بلوَى تصيبه. - وأخبر عماراً رضي الله عنه أنه تقتله الفئة الباغية. - وأمر أبا ذر رضي الله عنه بأن يعتزل الفتنة، وألا يقاتل، ولو قُتِلَ. - وكان حذيفة رضي الله عنه يسأله عن الشر مخافة أن يدركه، ودلَّه ﷺ كيف يفعل في الفتن. - ونهى المسلمين عن أخذ شيء من جبل الذهب الذي سوف ينحسر عنه الفرات. - وبصَّر أمته بفتنة الدَّجَّـــال، وأفاض في وصفهـــا، وبيَّن لهم ما يعصمهم منها، ومن ثم قـــال عبد الرحمن المحاربي: "ينبغي أن يُدْفَع هذا الحديث – حديث أبي أمامة رضي الله عنه في شأن الدَّجَّال - إلى المؤدب حتى يُعَلِّمَه الصبيان في الكتاب" (رواه ابن ماجه) وقال السفاريني رحمه الله كما في "لوامع الأنهار البهية" (2/106): مما ينبغي لكل عالم: أن يبث أحاديث الدَّجَّال بين الأولاد والنساء والرجال، ولاسيما في زماننا هذا الذي اشرأبت فيه الفتن، وكثرت فيه المحن، واندرست فيه معالم السنن. اهـ
*6- الحث على التوبة والاستعداد ليوم المعاد* فقد أخرج البخاري ومسلم في حديث جبريل المشهور أنه قال لرسول الله ﷺ: "فأَخْبِرني عن الساعة، فقال ﷺ: ما المسئولُ عنها بأعلمَ من السائل، قال: فأخبرني عن أمارَاتها" ـ وفي رواية قال: "ما المسئولُ عنها بأعلمَ من السائل، ولكن سأُحدِّثُك عن أشراطها..." الحديث قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (11/350): "والحكمة في تقدم الأشراط إيقاظُ الغافلين، وحثَّهم على التوبة والاستعداد" اهـ
ونقل القرطبي رحمه الله في كتابه "التذكرة (ص 624) عن العلماء قولهم: "والحكمة في تقديم الأشراط ودلالة الناس عليها: تنبيه الناس عن رقدتهم، وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة، كي لا يُبَاغَتُوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة قد نظروا لأنفسهم، وانقطعوا عن الدنيا، واستعدوا للساعة الموعودة بها، وتلك الأشراط علامةٌ لانتهاء الدنيا وانقضائها. والله أعلم اهـ..
ويتضح ممَّا سبق أن الإيمان بأشراط الساعة يُحَفِّز على الاجتهاد في الأخذ بأسباب النجاة، واستفراغ الوُسْع في الاستعداد للقاء الله تعالى بالأعمال الصالحة وممَّا يدل على ذلك ما أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدَّجَّال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة". وفي رواية: "بادروا بالأعمال ستاً: الدَّجَّال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخُويصة أحدكم" وفي قول الرسول ﷺ:"أو خاصة أحدكم" وفي رواية: "خويصة" وهي تصغير خاصة الإنسان، وهي ما يَخُصُّهُ دون غيره، وأراد به الموت الذي يخصه، ويمنعه من العمل، إن لم يبادر به قبله. (جامع الأصول:10/412) وقال القاضي رحمه الله: أمرهم أن يبادروا بالأعمال قبل نزول هذه الآيات، فإنها إذا نزلت أدهشت، وأشغلت عن الأعمال، أو سُدَّ عليهم باب التوبة، وقبول العمل. (فيض القدير:3/194)
وقال الضحَّاك: والحكمة من تقدُّم الأشراط: إيقاظ الغافلين وحثهم على التوبة والاستعداد. وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير" وابن ماجه وأحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "بينما نحن مع رسول الله *ﷺ* إذ بَصُرَ بجماعة، فقال: علام اجتمع عليه هؤلاء؟ قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزَعَ رسول الله ﷺ فبَدَرَ بين يَدَيْ أصحابه مُسْرعاً، حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال البراء: فاستقبلتُهُ بين يديه؛ لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثَّرَى من دموعه ثم أقبل علينا، ثم قال: أي إخواني لمثل
ثمرات وفوائد الإيمان بأشراط الساعة والمغيبات المستقبلة
1- تحقيق ركن من أركان الإيمان الستة، وهو الإيمان باليوم الآخر، باعتبار أن أشراط الساعة من مقدماته، كما أنه من الإيمان بالغيب، وقد مدح الله ووصف عباده المتقين، فقال في كتابه الكريم: {الم{1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}[البقرة:1،2]، وكان أول صفاتهم وأهمَّها:{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:3] وأخرج البخاري ومسلم عن رسول الله ﷺ: "أُمِرْتُ أن أقاتلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عَصَمُوا مني دماءَهُم وأموالَهم إلا بحقِّها، وحسابهم على الله" وفي "الصحيح": أن جبريل عليه السلام سأل رسول الله ﷺ عن الإسلام والإيمان والإحسان وأمارات الساعة، وأن النبي ﷺ قال في أخره: "فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". (مسلم) والشاهد أنه عدَّ ما يتعلق بأمارت الساعة من الدين.
2- وقوع تلك المغيبات على النحو الذي حدثت به الأخبار يثبت الإيمان ويقويه، فالمسلمون في كل عصر يشاهدون وقوع أحداث مطابقة لما أخبرت به النصوص الصادقة، فقد شاهد الصحابة انتصار الروم على الفرس، ثم انتصر المسلمون على الفرس والروم، وظهر الإسلام على جميع الأديان، وشاهدوا فرقة الأمة كما أخبر الرسول ﷺ... وغير ذلك من الأحداث على النحو الذي أخبرت به النصوص، ولا شك أن هذا له أثر كبير في تثبيت المؤمن على إيمانه، وقد يكون ذلك مدخلاً لدعوة الآخرين إلى هذا الحق الذي جاءنا من ربنا. كما قال تعالى عن المؤمنين في غزوة الأحزاب: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } [الأحزاب:22] أضف إلى ذلك إقامة الحجة على الكافرين، وإقناعهم بصدق نبوة ورسالة محمد ﷺ إلى العالمين،
3- إشباع الرغبة الفطرية في الإنسان التي تتطلع لاستكشاف ما غاب عنه ( ) واستطلاع ما يحدث في المستقبل من وقائع وكائنات، وإذا كان الإسلام سدَّ طُرُق الدَّجَّالين الذين يدعون الاطلاع عليها: كالمنجمين، والعرَّافين والكهان... ونحوهم؛ إلا انه - استجابة لأشواق الفطرة – أطلعنا - من خلال نافذة الوحي - على كثير من هذه الأحداث. (المقدمة لابن خلدون: ص 588)
إن إخفاء وقت الساعة له أثر بليغ في إصلاح النفس البشرية، فالأمر العظيم الذي يستيقن المرء وقوعه، ولكنه لا يدري متى يفجؤه، يجعل المرء مترقباً له، متشوفاً إليه؛ لأن المجهول عنصر أساسٌ في حياة البشر، وفي تكوينهم النفسي، فلا بد من مجهول في حياتهم يتطلعون إليه، ولو كان كل شيء مكشوفاً لهم- وهم بهذه الفطرة - لَوَقَفَ نشاطهم، وأسنت حياتهم ( قاله صاحب الظلال )
4- قد تمر بالمسلمين وقائع في مقبل الأيام تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها، ولو تُرِك المسلمون إلى اجتهادهم ؛ فإنهم قد يختلفون، وربما يكون بيان الحكم الشرعي في تلك الأحداث واجباً لابد منه، وعدم البيان يكون نقصاً تُنَزَّهُ الشريعة عنه. فمن ذلك: أن رسول الله ﷺ أخبر أن الدَّجَّال يمكث في الأرض أربعين يوماً، يوم من أيامه كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وبقية أيامه كأيامنا، وقد سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله ﷺ عن تلك الأيام الطويلة: أتكفي في الواحد منها صلاة يوم؟ فقال ﷺ:"لا، اقدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ" ولو وُكِّل العباد إلى اجتهادهم، لاقتصروا على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غير هذه الأيام. وأخبر الرسول ﷺ أن عيسى عليه السلام بعد نزوله لا يقبل الجزية من اليهود والنصارى، ولا يقبل منهم إلا الإيمان، وهذا البيان من الرسول ﷺ ضروري؛ لأن عيسى يحكم بالشريعة الإسلامية، وهذه الشريعة الإسلامية فيها قبول الجزية ممَّن بذلها إلى حين نزول عيسى ابن مريم، وحين ذاك تُوضع الجزية، ويُقتَل كل مَن رفض الإيمان ولو بذل الجزية. (القيامة الصغيرى للأشقر: ص 132بتصرف) كما أن نص رسول الله ﷺ على صفات معينة لأشخاص معينين، كالمهدي مثلاً، يمدنا بالمعيار اللازم للحكم على الدَّجَّالين المدعين المهدية، حتى لا نتورط في فتنهم.
المهدي... انظر كيف تتلاعب بهم الشياطين؟! أما عَلِمَ هؤلاء أن الله تعالى لا يحب الفساد وحرم قتل الأبرياء؟!.
5- يجب مراعاة أحوال الناس عند التحدث إليهم عن أشراط الساعة، فليس كل ما يُعلمُ يقال، فربما يكون الحديث عن أشراط الساعة والأمور الغيببة بالنسبة لبعض العوام أو حديثي الإسلام فتنة لهم؛ لأنهم ربما لا تستوعب عقولهم ما يسمعون، فيُكذِّبون ما يسمعون. فقد أخرج البخاري عن عليٍّ رضي الله عنه قال: "حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّبَ الله ورسوله". قال الشاطبى رحمه الله في الموافقات (5/36) معلقاً على هذا الحديث: فجعل إلقاء العلم مقيداً، فرب مسألة تصلح لقوم دون قوم وعند مسلم بلفظ آخر وفيه: "أيها الناس، تحبون أن يُكذَّبَ الله ورسوه؟ حدِّثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون" وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما في "مقدمة صحيح مسلم": "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم؛ إلا كان لبعضهم فتنة". ___ *من كتاب الدَّارُ الآَخِرَة- أشْـرَاطُ السَّـاعـة، للشيخ/ ندا ابو أحمد*
*تنبيهات:* 1- اعلم - رحمك الله - أنه ليس في نصوص الوحيين الشريفين ما هو مشكِل من حيث الواقع، بحيث لا يمكن أحداً من الأمة أن يعرف معناه، وإنما الوضوح والإشكال في النصوص الشرعية أمر نسبي، يختلف فيه الناس بحسب ما عندهم من العلم والفهم، فما يكون مشكلاً عند شخص قد لا يكون كذلك عند آخر، بل يكون عنده واضحاً جلياً. (مجموع الفتاوى: 17/307)
وهناك أمثلة لما يُشْكِلُ على بعض الناس في باب أشراط الساعة، وجواب العلماء عنها:- أ- ذكر فتح القسطنطينية عقب الملحمة، وقبيل خروج الدَّجَّال، مع أنها فتحت على يد محمد الفاتح العثماني،
والجواب: إنه فتحٌ آخر غير الفتح الأول كما سيأتي في أشراط الساعة الصغرى. ب- جفاف بحيرة طبرية الذي ذُكر في حديث الجساسة على أنه أحد مقدمات خروج الدَّجَّال، وقد جفت بحيرة طبرية الآن أو كادت، وقد نشر في السبعينيات بجريدة الأخبار (28/9/73) صورة فتاة تقف على أرض البحيرة الجافة وقد تشقَّقت، وكتب عليها: "وجفَّت المياه في بحيرة طبرية". وهذا لا يعني بالضرورة تحقق تلك العلامة؛ لأن من المحتمل أن تمتلىء البحيرة من جديد، ثم تجف قبل ظهور الدَّجَّال، أو قد تبقى جافة مدة يعلمها الله إلى ظهور الدَّجَّال؛ وعليه؛ فلا يشكل قول الدَّجَّال: "أما إن ماءها يوشك أن يذهب"، لأن القرب هنا نسبي كما تقدَّم. بل قد ثبت في الحديث أن يأجوج ومأجوج: "يمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرَّة ماء". (مسلم)، ومعلوم أن خروجهم إنما يكون بعد نزول عيسى عليه السلام وقتله الدَّجَّال.
2- ورد وصف الأسلحة التي تستعمل في حروب آخر الزمان، ففي الملحمة الكبرى "خيول وفوارس" (مسلم)، وفي فتح القسطنطينية (الثاني): "قد علَّقوا سيوفهم بالزيتون"(مسلم)، وبعد هلاك يأجوج ومأجوج: "سيوقد المسلمون من قِسِيِّهِم ونُشَّابِهم( ) وأترستهم سبع سنين". (ابن ماجه وصححه الألبانى في الصحيحة:1940) - وفي حديث أن النبي ﷺ قال:"... حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله..." الحديث (أخرجه الإمام أحمد والحاكم) وكذلك قال النبي ﷺ عن ذي السويقتين الذي يهدم الكعبة: "يضرب عليها بمسحاته ومِعْوله" (أحمد) وعندما تكلَّم النبي ﷺ عن فرسان الطليعة في الملحمة الكبرى فقال: "إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ" (مسلم وأحمد) وعند فتح القسطنطينية الثاني قال النبي ﷺ: "فإذا جاءوها نزلوا؛ فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم". (مسلم) - كذلك يأجوج ومأجوج "يرمون بنشابهم إلى السماء". (الترمذي) – وفي رواية: "فيرمون بسهامهم في السماء؛ فترجع مخضبةً بالدماء" ( أحمد والترمذي)
وقد حاول بعض العلماء الإجابة عن هذا؛ فقالوا: "إن هذه الأحاديث، وأحاديث مشابهة كثيرة تدل على ان هذه الحضارة الهائلة التي اخترعت هذه القوة الهائلة من القنابل، والصواريخ؛ ستتلاشى وتزول، وأغلب الظن أنها ستدمر نفسها بنفسها، وأن البشرية ستعود مرة أخرى إلى القتال على الخيول، واستعمال الرماح والقسي... ونحو ذلك، والله أعلم. (القيامة الصغرى: ص 275)
وذكر البعض: أن منابع البترول قد تجف؛ وتصبح جميع الأسلحة المتطورة بلا قيمة. في حين يرى البعض الآخر أن هذا لا يعني أن الحرب ستدور بالخيول والسيوف؛ لأن الخيول رمز المعدات الحربية أيَّاً كان نوعها؛ ولأن النبي ﷺ كان يُخاطب أهل زمانه على قدر عقولهم وعلمهم. وقد يُسْتدل لهذا الرأي بحديث: "أسرعْكُنَّ لِحاقاً بي: أَطْوَلْكُنَّ يداً"( ) إذ فُهم المراد منه بعد حصوله، والله تعالى أعلم.
3- اعلم - رحمك الله تعالى - أن كون الشيء من أشراط الساعة لا يستلزم الحكم عليه، أو الخروج منه بحكم تكليفي؛ لأن النصوص الواردة في الفتن وأشراط الساعة قد تخبر بأمور واقعة لا محالة كوناً وقدراً، لكنها محظورة شرعاً، كسفر المرأة بغير محرم - مثلاً - ممنوع شرعاً لكنه واقع قدراً، كما في الحديث: عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: "بينا أنا عند النبي ﷺ، إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: فإن طالت بك الحياة لترينَّ الظعينة( ) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله، قلت - فيما بيني وبين نفسي-: فأين دُعَّارُ طيِّىٍء الذين قد سعَّروا البلاد؟..." (والحديث رواه البخاري وأحمد)
وعليه: فلا يصح الاستدلال بمثل هذا النص على إباحة سفر المرأة بدون محرم، الذي دلت الأحاديث الصحيحة على تحريمه.
4- من السفه الذي أصيب به البعض أنه يبتهج بانتشار الفساد والظلم في الأرض، بل ويتمنى ذلك ويفرح كلما كان الفساد في ازدياد، بحجة أن هذا يعجل بخروج المهدي الموعود، بل ربما قام البعض عمداً بقتل الأبرياء، وسفك الدماء، والإفساد في الأرض كما يفعل الروافض في أهل السنة في العراق، ويعللون ذلك بأن هذا وسيلة لتعجيل خروج
ما أُشْكِلَ عليك، فِكْلُه إلى َعاِلمهِ قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[الأنبياء:7] وقال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83] وفي الحديث: "إنما شفاءُ العِيِّ السؤالُ". (أخرجه أبو داود بسند ضعيف، وحسَّنه الألباني) وهذا ما كان يفعله السلف الصالح – رضوان الله عليهم - فقد أخرج الحاكم في "المستدرك" عن أبي الطفيل قال: "كنت بالكوفة، فقيل: خرج الدَّجَّال! فأتينا على حذيفة بن أسيد وهو يحدث:،فقلت: هذا الدَّجَّال قد خرج! فقال: اجلس فجلستُ، فأتى عليَّ العريف( ) فقال، هذا الدَّجَّال قد خرج وأهل الكوفة يطعنونه. قال: اجلس فجلس؛ فنودي إنها كذبة صباغ. فقلت: يا أبا سريحة ما أجلستنا إلا لأمر فحدثنا، قال: إن الدَّجَّال لو خرج في زمانكم لرمته الصبيان بالخذف، ولكن الدَّجَّال يخرج في بغض من الناس( )، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فَيَرِدُ كلَّ مَنْهَل فتُطْوى له الأرض طيَّ فروة الكبش..." الحديث( ) - وكان أبو حامد الغزالي رحمه الله يقول: "لو سكت مَن لا يعرف، قل الاختلاف، ومَن قصر باعه، وضاق نظره عن كلام علماء الأمة والاطلاع فما له وللتكلم فيما لا يدريه، والدخول فيما لا يعينه؟! وحق مثل هذا أن يلزم السكوت" (الحاوي:2/116)
- قال بعض السلف: "الأمور ثلاثة: أمر استبان رُشْدُه فاتبعْه، وأمر استبان غيُّه فاجتبنه، وأمر أُشْكِل عليك، فَكِلْهُ إلى عالمه. - وقال الحسن عند قوله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} [البقرة:121] يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابِهِهِ، ويَكِلون ما أشكل عليهم إلى عالمه". (مجموع الفتاوى:17/386)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ما يجىء في الحديث نعمل بمحكمه، ونؤمن بمتشابهه. (الرسالة التدمرية: ص 96 )
والمتشابه من الحديث: ما يفتقر - للوصول إلى معناه المراد منه – إلى غيره والمحكم: هو الذي لا يُحتاج - للوقوف على معناه المراد منه - إلى غيره. وحكم المتشابه أن يردَّ إلى المحكم ليبينه، ويزيل اشبتاهه. • مثال الحديث المتشابه ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "ما من نبيٍّ بعثه الله في أمة قبلي؛ إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلُفُ من بعدهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبَّةُ خردل". (مسلم)
فقوله ﷺ: "فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن". من المتشابه، إذ ظاهره غيرُ مراد، والنصوص الآمرة بالصبر على جور الأئمة، وترك الخروج عليهم كثيرة محكمة، فيرد المتشابه إليها فإن ابن مسعود رضي الله عنه نفسه قد روى مرفوعاً: "اصبروا حتى تلقوني"،
ولهذا بيَّن ابن رجب رحمه الله أن قوله: "فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن"، لا يُراد به القتال، وإنما تغيير المنكرات التي فعلوها، أو المظالم التي يأمرون بها، لمَن كان له قدرة على ذلك وأَمِن تعدِّي الأذى إلى غيره من أهل أو جيران، ونقل نصَّ الإمام أحمد على ذلك. (جامع العلوم والحكم:2/248)
*الوقفة الحادية عشر:* النبي ﷺ يُبيِّن لأمته ما سيكون إلى قيام الساعة وهذا من رحمة الله بهذه الأمة. فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي زيد عمرو بن أخطب الأنصاري قال: "صلَّى بنا رسول الله ﷺ الفجر، وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلَّى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلَّى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمسُ، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فَأَعْلَمُنَا احْفَظُنَا". وأخرج البخاري عن حذيفة رضي الله عنه قال: "لقد خطبنا النبي ﷺ خُطبةً ما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره، عَلِمهُ مَن عَلِمَه، وجهله من جهله، إن كنت لأرى الشيء قد نسيته، فأعرفه كما يعرف الرجلُ الرجلَ إذا غاب عنه فرآه فعرفه".
*الوقفة العاشرة:* لا حرج في ترقُّب حصول شيء من أشراط الساعة طالما أن المرء لم يُخِل بشيء من التكاليف الشرعية. ودليل ذلك من أخرجه الإمام مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: "ذكر رسول الله ﷺ الدَّجَّال ذات غداة؛ فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدَّجَّال غداة، فخفضت فيه ورفعت؛ حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: غير الدَّجَّال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم". وقد شك البعض في ابن صياد أنه المسيح الدَّجَّال.
قد يتغير كل شيء في أقل من ثانية، ليس لشيء، فقط لأن الله يريد، فلا تقل مستحيل ولا تُفكر في كيفية الفرَج، فإن الله إذا أراد شيئًا هيّأ له أسبابه بشكل لا يخطر على البال، (لا تدري لعلّ الله يحدث بعد ذلك أمرًا ).
___ *تنبيهان:* 1- كما أنه لا يعلم أحدٌ متى تقوم الساعة؟، فكذلك لا يعلم أحد متى تظهر أشراط الساعة؟، وما ورد في بعض الكتب أنه في سنة كذا سيكون كذا وكذا؛ فهذا ليس بصحيح، فإن التـاريخ لم يوضع في عهد النبي ﷺ وإنما وضعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه اجتهاداً منه، وجعل بدايته هجرة النبي ﷺ إلى المدينة. قال القرطبى رحمه الله: "إن ما أخبر به النبي ﷺ من الفتن والكوائن، أن ذلك يكون تعيين الزمان في ذلك من سنة كذا يحتاج إلى طريق صحيح يقطع العذر، وإنما ذلك كوقت قيام الساعة، فلا يعلم أحد أي سنة هي ولا أي شهر؟، أما إنها تكون في يوم جمعة فهذا وارد – ولكن أي جمعة؟ لا يعلم تعيين ذلك اليوم إلا الله وحده-. اهـ بتصرف
2- قول بعض أهل العلم عن علامة من علامات الساعة: بأنها لم تحدث، لا ينفي حدوثها في مكان أو زمان غير مكانه أو زمانه، بل قد يقول العالم القول اليوم ثم يستبين له خطؤه بعد ذلك، فلا حرج عليه أن يرجع إلى الصواب ويعترف بخطئه، فإن مَن عَلِمَ حُجَّة على مَن لم يعلم، وإن المثبت مقدم على النافي. (انظر أشراط الساعة ليوسف بن عبد الله بن يوسف الوابل)
*الوقفة التاسعة:* لا تقوم الساعة حتى تظهر أشراطها قال تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا} [محمد:18] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله كما في "فتح الباري" (13/79): هي العلامات التي يعقبها قيام الساعة وقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي ﷺ تبيِّن أنه لا تقوم الساعة حتى يظهر كذا وكذا - كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، وهو القتل... القتل، حتى يكثر فيكم المال فيفيض". - وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يمرَّ الرجل بقبر الرجل، فيقول: ياليتني مكانه". - وعند البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يُبعث دجَّالون كذَّابون قريب من ثلاثين، كلٌ يزعم أنه رسول الله" - وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يظهر الفتن، ويكثر الكذب، وتتقارب الأسواق" - وأخرج الحاكم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "إن من أشراط الساعة أن يوضع الأخيار، ويرفع الأشرار" - وأخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "من أشراط الساعة أن يَقلَّ العلم ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال؛ حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد".
- وعن جابر رضي الله عنه: "هاجت ريحٌ حمراءُ بالكوفة، فجاء رجل ليس له هِجِّيرَى إلا: يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، قال: فقعد - وكان متكئاً -، فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يُقْسَمَ ميراثٌ، ولا يُفْرَحَ بغنيمة، ثم قال بيده هكذا، ونحاها نحو الشأم، فقال: عدوٌ يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهلُ الإسلام، قلت: الروم تعني؟ قال: نعم..." (والحديث رواه مسلم)
فتأمل كيف أنكر ابن مسعود رضي الله عنه غُلوَّه في توقع قيام الساعة إلى حدِّ القَطْعِ بأنها (جاءت) بالفعل، دون اعتبار لما قبلها من الأشراط.
___ إشكال والرد عليه: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: "خسفتِ الشمسُ، فقام النبي ﷺ فزعاً يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد فصلَّى بأطول قيامٍ وركوعٍ وسجودٍ، ما رأيته قط يفعله، وقال: هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته؛ ولكن يُخَوِّف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكرِه ودعائِه واستغفارِهِ" قال الحافظ ابن حجر رحمه الله كما في "فتح الباري" (2/546): "يُشكِل هذا الحديث من حيث إن للساعة مقدِّمات كثيرة لم تكن وقعت، كفتح البلاد، واستخلاف الخلفاء، وخروج الخوارج، ثم الأشراط: كطلوع الشمس من مغربها، والدابة، والدَّجَّال، والدخان... وغير ذلك.
ويجاب عن هذا: 1- باحتمال أن تكون قصة الكسوف وقعت قبل إعلام النبي ﷺ بهذه العلامات. 2- أو لعله خشي أن يكون ذلك بعض المقدِّمات. 3- أو أن الراوي ظن أن الخشية لذلك، وكانت لغيره، كعقوبة تحدث؛ كما كان يخشى عند هبوب الريح( ) ،
هذا حاصل ما ذكره النووي تبعًا لغيره، وزاد بعضهم: 4- أن المـراد بالسـاعة: غير يـوم القيـامة، أي: السـاعة التي جُعلت عـلامة على أمـر من الأمـــور، كموته ﷺ ... أو غير ذلك ثم طفق الحافظ رحمه الله يُعَلِّق على هذه الأقوال، فقال: "وفي الأول نظر؛ لأن قصة الكسوف متأخرة جداً، فقد تقدَّم أن موت إبراهيم كان في العاشرة، كما اتفق عليه أهل الأخبار، وقد أخبر النبي ﷺ بكثير من الأشراط والحوادث قبل ذلك.
- وأما الثالث، فتحسين الظن بالصحابي يقتضي أنه لا يجزم بذلك إلا بتوقيف. - وأما الرابع، فلا يخفى بُعْدَهُ.
وأقربها الثاني، فلعله خشي أن يكون الكسوف مقدمة لبعض الأشراط: كطلوع الشمس من مغربها، ولا يستحيل أن يتخلل بين الكسوف والطلوع المذكور أشياء ممَّا ذكر، وتقع متتالية بعضها إثر بعض، مع استحضار قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} [النحل:77]
5- وقيل: لعله قدَّر وقوع الممكن لولا ما أعلمه الله تعالى بأنه لا يقع قبل الأشراط، تعظيماً منه لأمر الكسوف؛ ليتبين لمَن يقع له من أمته ذلك كيف يخشى ويفزع، لا سيما إذا وقع لهم ذلك بعد حصول الأشراط او أكثرها. 6- وقيل: لعل حالة استحضار إمكان القدرة غلبت على استحضار ما تقدم من الشروط، لاحتمال أن تكون تلك الأشراط كانت مشروطة بشرط لم يتقدَّم ذكره؛ فيقع المخوف بغير أشراطٍ، لفقد الشرط، والله I أعلم. (اهـ كلامه رضي الله عنه)