*تنبيهات:* 1- اعلم - رحمك الله - أنه ليس في نصوص الوحيين الشريفين ما هو مشكِل من حيث الواقع، بحيث لا يمكن أحداً من الأمة أن يعرف معناه، وإنما الوضوح والإشكال في النصوص الشرعية أمر نسبي، يختلف فيه الناس بحسب ما عندهم من العلم والفهم، فما يكون مشكلاً عند شخص قد لا يكون كذلك عند آخر، بل يكون عنده واضحاً جلياً. (مجموع الفتاوى: 17/307)
وهناك أمثلة لما يُشْكِلُ على بعض الناس في باب أشراط الساعة، وجواب العلماء عنها:- أ- ذكر فتح القسطنطينية عقب الملحمة، وقبيل خروج الدَّجَّال، مع أنها فتحت على يد محمد الفاتح العثماني،
والجواب: إنه فتحٌ آخر غير الفتح الأول كما سيأتي في أشراط الساعة الصغرى. ب- جفاف بحيرة طبرية الذي ذُكر في حديث الجساسة على أنه أحد مقدمات خروج الدَّجَّال، وقد جفت بحيرة طبرية الآن أو كادت، وقد نشر في السبعينيات بجريدة الأخبار (28/9/73) صورة فتاة تقف على أرض البحيرة الجافة وقد تشقَّقت، وكتب عليها: "وجفَّت المياه في بحيرة طبرية". وهذا لا يعني بالضرورة تحقق تلك العلامة؛ لأن من المحتمل أن تمتلىء البحيرة من جديد، ثم تجف قبل ظهور الدَّجَّال، أو قد تبقى جافة مدة يعلمها الله إلى ظهور الدَّجَّال؛ وعليه؛ فلا يشكل قول الدَّجَّال: "أما إن ماءها يوشك أن يذهب"، لأن القرب هنا نسبي كما تقدَّم. بل قد ثبت في الحديث أن يأجوج ومأجوج: "يمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرَّة ماء". (مسلم)، ومعلوم أن خروجهم إنما يكون بعد نزول عيسى عليه السلام وقتله الدَّجَّال.
2- ورد وصف الأسلحة التي تستعمل في حروب آخر الزمان، ففي الملحمة الكبرى "خيول وفوارس" (مسلم)، وفي فتح القسطنطينية (الثاني): "قد علَّقوا سيوفهم بالزيتون"(مسلم)، وبعد هلاك يأجوج ومأجوج: "سيوقد المسلمون من قِسِيِّهِم ونُشَّابِهم( ) وأترستهم سبع سنين". (ابن ماجه وصححه الألبانى في الصحيحة:1940) - وفي حديث أن النبي ﷺ قال:"... حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله..." الحديث (أخرجه الإمام أحمد والحاكم) وكذلك قال النبي ﷺ عن ذي السويقتين الذي يهدم الكعبة: "يضرب عليها بمسحاته ومِعْوله" (أحمد) وعندما تكلَّم النبي ﷺ عن فرسان الطليعة في الملحمة الكبرى فقال: "إني لأعرف أسماءهم، وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ" (مسلم وأحمد) وعند فتح القسطنطينية الثاني قال النبي ﷺ: "فإذا جاءوها نزلوا؛ فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم". (مسلم) - كذلك يأجوج ومأجوج "يرمون بنشابهم إلى السماء". (الترمذي) – وفي رواية: "فيرمون بسهامهم في السماء؛ فترجع مخضبةً بالدماء" ( أحمد والترمذي)
وقد حاول بعض العلماء الإجابة عن هذا؛ فقالوا: "إن هذه الأحاديث، وأحاديث مشابهة كثيرة تدل على ان هذه الحضارة الهائلة التي اخترعت هذه القوة الهائلة من القنابل، والصواريخ؛ ستتلاشى وتزول، وأغلب الظن أنها ستدمر نفسها بنفسها، وأن البشرية ستعود مرة أخرى إلى القتال على الخيول، واستعمال الرماح والقسي... ونحو ذلك، والله أعلم. (القيامة الصغرى: ص 275)
وذكر البعض: أن منابع البترول قد تجف؛ وتصبح جميع الأسلحة المتطورة بلا قيمة. في حين يرى البعض الآخر أن هذا لا يعني أن الحرب ستدور بالخيول والسيوف؛ لأن الخيول رمز المعدات الحربية أيَّاً كان نوعها؛ ولأن النبي ﷺ كان يُخاطب أهل زمانه على قدر عقولهم وعلمهم. وقد يُسْتدل لهذا الرأي بحديث: "أسرعْكُنَّ لِحاقاً بي: أَطْوَلْكُنَّ يداً"( ) إذ فُهم المراد منه بعد حصوله، والله تعالى أعلم.
3- اعلم - رحمك الله تعالى - أن كون الشيء من أشراط الساعة لا يستلزم الحكم عليه، أو الخروج منه بحكم تكليفي؛ لأن النصوص الواردة في الفتن وأشراط الساعة قد تخبر بأمور واقعة لا محالة كوناً وقدراً، لكنها محظورة شرعاً، كسفر المرأة بغير محرم - مثلاً - ممنوع شرعاً لكنه واقع قدراً، كما في الحديث: عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: "بينا أنا عند النبي ﷺ، إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: فإن طالت بك الحياة لترينَّ الظعينة( ) ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحداً إلا الله، قلت - فيما بيني وبين نفسي-: فأين دُعَّارُ طيِّىٍء الذين قد سعَّروا البلاد؟..." (والحديث رواه البخاري وأحمد)
وعليه: فلا يصح الاستدلال بمثل هذا النص على إباحة سفر المرأة بدون محرم، الذي دلت الأحاديث الصحيحة على تحريمه.
4- من السفه الذي أصيب به البعض أنه يبتهج بانتشار الفساد والظلم في الأرض، بل ويتمنى ذلك ويفرح كلما كان الفساد في ازدياد، بحجة أن هذا يعجل بخروج المهدي الموعود، بل ربما قام البعض عمداً بقتل الأبرياء، وسفك الدماء، والإفساد في الأرض كما يفعل الروافض في أهل السنة في العراق، ويعللون ذلك بأن هذا وسيلة لتعجيل خروج