وقال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري عند شرحه لحديث: (قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون)، وفيه دلالة على جواز قوله لو ولولا بعد وقوع المقدور.
وقد جاء في القرآن كثير من ذلك وفي كلام الصحابة والسلف، وسيأتي ترجمة البخاري هذا باب ما يجوز من اللو، وأما النهي عن ذلك وأنها تفتح عمل الشيطان فمحمول على من يقول ذلك معتمدا على الأسباب معرضا عن المقدور أو متضجرا منه". اهـ
وفي فتح الباري لابن حجر: قال الطبري: "طريق الجمع بين هذا النهي وبين ما ورد من الأحاديث الدالة على الجواز أن النهي مخصوص بالجزم بالفعل الذي لم يقع، فالمعنى لا تقل لشيء لم يقع لو أني فعلت كذا لوقع. قاضيا بتحتم ذلك غير مضمر في نفسك شرط مشيئة الله تعالى.
وما ورد من قول لو محمول على ما إذا كان قائله موقنا بالشرط المذكور وهو أنه لا يقع شيء إلا بمشيئة الله وإرادته, وهو كقول أبي بكر في الغار: لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا.
فجزم بذلك مع تيقنه أن الله قادر على أن يصرف أبصارهم عنهما بعمى أو غيره لكن جرى على حكم العادة الظاهرة وهو موقن بأنهم لو رفعوا أقدامهم لم يبصروهما إلا بمشيئة الله تعالى".
وقال عياض: "الذي يفهم من ترجمة البخاري ومما ذكره في الباب من الأحاديث أنه يجوز استعمال لو ولولا في ما يكون للاستقبال مما فعله لوجود غيره وهو من باب لو لكونه لم يدخل في الباب إلا ما هو للاستقبال وما هو حق صحيح متيقن بخلاف الماضي والمنقضي، أو ما فيه اعتراض على الغيب والقدر السابق.
قال: والنهي إنما هو حيث قاله معتقدا ذلك حتما وأنه لو فعل ذلك لم يصبه ما أصابه قطعا، فأما من رد ذلك إلى مشيئة الله تعالى وأنه لولا أن الله أراد ذلك ما وقع فليس من هذا.
قال: والذي عندي في معنى الحديث أن النهي على ظاهره وعمومه لكنه نهي تنزيه ويدل عليه قوله فإن لو تفتح عمل الشيطان أي يلقي في القلب معارضة القدر فيوسوس به الشيطان.
وتعقبه النووي بأنه جاء من استعمال لو في الماضي مثل قوله: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، فالظاهر أن النهي عن إطلاق ذلك فيما لا فائدة فيه وأما من قاله تأسفا على ما فات من طاعة الله أو ما هو متعذر عليه منه ونحو هذا فلا بأس به. وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث".
وقال القرطبي في المفهم: "المراد من الحديث الذي أخرجه مسلم أن الذي يتعين بعد وقوع المقدور التسليم لأمر الله والرضى بما قدر والإعراض عن الالتفات لما فات، فإنه إذا فكر في ما فاته من ذلك فقال لو أني فعلت كذا لكان كذا جاءته وساوس الشيطان فلا تزال به حتى يفضي إلى الخسران، فيعارض بتوهم التدبير سابق المقادير وهذا هو عمل الشيطان المنهي عن تعاطي أسبابه بقوله: فلا تقل لو فإن لو تفتح عمل الشيطان وليس المراد ترك النطق بلو مطلقا؛ إذ قد نطق النبي ﷺ بها في عدة أحاديث".
#ألفاظ_مخالفة_للشريعةhttps://t.center/khayrooumah