محبي ال الشيرازي في لبنان

#عبير_الرحمة
Channel
Logo of the Telegram channel محبي ال الشيرازي في لبنان
@AlShirazziChaneLibanonPromote
1.2K
subscribers
7.44K
photos
742
videos
5.43K
links
ماذا يتوقّع الإمام عجّل الله تعالى فرجه من شيعته؟

هناك نقطة تؤرّق بال معظم الشيعة، وهي: كيف السبيل إلى التشرّف بلقاء الإمام المهدي عجّل الله فرجه؟

إنّ مسألة اللقاء بالإمام المهدي عجّل الله فرجه مسألة خاصة، وقد زخرت الكتب بقصص الذين تشرّفوا بلقائه، بمن فيهم العلماء والعامة، الشيوخ والشباب، الرجال والنساء. ولكن هل يطلب الإمام المهدي عجّل الله فرجه من شيعته في فترة غيبته الكبرى أن يجدّوا ويجتهدوا ليتشرّفوا بلقائه فقط؟ أم أنّ المسؤولية تحتّم علينا أشياء أخرى؟ أوَلا توجد مسؤولية أهم وأخطر من تلك؟

كما ذكرنا سابقاً فإنّ أهمّ وسيلة للتقرّب من الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه هي أداء واجباتنا على أكمل وجه، وهو الهدف نفسه الذي شرّف الله به الإمام المهدي سلام الله عليه بالإمامة، وكذلك هدف الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله والأئمة سلام الله عليهم أجمعين


<فضل العالم على العابد>

روي عن معاوية بن عمار أنه قال: قلت لأبي عبد الله سلام الله عليه رجل راوية لحديثكم يبثّ ذلك في الناس ويشدّه في قلوبهم وقلوب شيعتكم ولعلّ عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيّهما أفضل، قال:
«الراوية لحديثنا يشدّ به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد» [الكافي ج١ ص٣٣]

ناقل الرواية معاوية بن عمار وهو على غرار زرارة ومحمد بن مسلم من كبار أصحاب الأئمة سلام الله عليهم ومن الثقات

إن ما يريده الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه من شيعته هو أن يسعوا في هداية الناس، حيث يحتاج الأمر إلى بعض الخطوات التمهيدية، منها حسن المعاشرة وطلب العلم وسلوك طريق المداراة مع العدو والصديق

في رسائله للشيخ المفيد يذكر الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه كلمة «الصدق» مرات عدّة، وهي كلمة تحتاج إلى سنوات طويلة لتصدق على من هم أمثالنا. فإذا تراجعت «الأنا» عن الناس وحلّ محلّها الإيثار، صار حقيقاً أن يكونوا مصداقاً لقوله تعالى: {يهدون بأمرنا} حين يصبح اللباس الخشن والناعم، والغذاء الجيد والعادي سيّان عند الإنسان

حقّاً إنّه لأمر صعب أن يسعى المرء ليكون بمستوى الشيخ المفيد، إلا بعد أن يفني ذاته في مرضاة مولاه فالشيخ المفيد كان له هاجسه الدائم، وهو ماذا يريد الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه منه لينجزه
في عصرنا الحالي، وبسبب فقدان الثقة بأكثر العلماء، نجد الناس قد توزّعوا فرقاً أشتاتاً منهم الشافعي والحنبلي والمالكي بل حتى الشيعي، وأكثرهم هائمون في بحر الغفلة، فلو كان العالم محلّ ثقة، لاستطاع أن يهدي كثيراً من الناس إلى دين الله أفواجاً وجماعات، لكنّه فقد حتّى ثقة أهله وولده به، فلا أمل يرجى منه
مع هذا، وبمناسبة الحديث عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه، يمكننا أن نحقّق شيئين اثنين:

أن نعاهد الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه بتغيير أنفسنا تدريجياً، أن نلتمسه الدعاء ومدّ يد العون لنا لنتغيّر
ويرتبط هذان الأمران بثلاثة أمور هي:

١ . الطلب الحثيث للعلم، والتأكّد بأن من أعظم العبادات التعليم والتعلّم
٢ . يجب على الإنسان طرح «الأنا» عن نفسه
٣ . أن نسعى لأن يكون كل منّا راوية حديث - والتاء هنا تاء المبالغة – لنكون مصداق «يشدّ به قلوب شيعتنا»


في الختام، أسأل الله بحقّ الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه أن يغدق علينا من ألطافه، ويسدّد خطانا لإنجاز هذه الأمور الثلاثة
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيّدنا محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٩٤_٩٦
#المرجع_الشيرازي

وبهذا نختتم نشر هذا الكتيب العظيم الذي يدور حول محور صاحب الامر عليه آلاف التحية والسلام وثواب نشر هذا الكتاب مهدى لمقام إمامنا ومولانا صاحب الامر وإلى مولانا المرجع الكبير آية الله السيد صادق الشيرازي أطال الله بعمره الشريف وحفظه من كل سوء ونسأل الله تعالى منه القبول إنه هو السميع العليم

#المرجع_الشيرازي
#القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الشيرازي_في_لبنان
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/AlShirazziChaneLibanon
كيف تلقـّى الشيخ المفيد رسائل الإمام؟


طبقاً للآثار، فقد تلقّى الشيخ المفيد ثلاث رسائل من الإمام، وصلتنا اثنتان منها، بينما يعتقد بتلف الثالثة أثناء حوادث حرق المكتبات

إلا أن السيد بحر العلوم يثير مسألة في المقام وهي: كيف تسلّم الشيخ المفيد الرسالة من الإمام المهدي مع أنه لم يتشرّف بلقائه عجّل الله فرجه ولم يكن هناك نائب للإمام في ذلك الوقت؟

ويجيب السيد بحر العلوم: يبدو أنّ الذي سلّم الرسالة للشيخ لم يصرّح له أنّها من الإمام، وأنّ المنزلة المرموقة التي كان يحظى بها الشيخ هي التي استدعت أن يستثنى من القاعدة - في ما يتعلّق بالرسالة - بحيث وصله كتاب الإمام رغم عدم وجود نائب له آنذاك وعدم تشرّف الشيخ بلقاء الإمام عجّل الله فرجه


من هو الشيخ المفيد؟
ولد الشيخ المفيد في عام ٣٣٦ أو ٣٣٧هـ أي في أواخر الغيبة الصغرى وبداية الغيبة الكبرى، وترعرع في أحضان العلم والعقيدة الحقة حتى بلغ، فكان شابّاً بسيطاً، وكان والده معلماً في تل العكبري (على مسافة عشرة فراسخ من بغداد) فاشتهر بلقب (ابن المعلم)
انتقل به والده إلى بغداد لتلقّي الدروس، فارتقى سلّم العلم حتى بلغ منزلة عظيمة ومكانة اجتماعية رفيعة يشهد لها مستوى التشييع المهيب الذي شهدته جنازته في بغداد رغم أنّ هذه المدينة لم تكن ذات أغلبية شيعية حينذاك كما هي اليوم، ويروي المؤرخون أنّه كان تشييعاً لم ترَ بغداد نظيراً له حتى ذلك الوقت


{منزلة الشيخ المفيد عند العامّة}
كان مجلس درس الشيخ المفيد يزخر بفطاحل علماء العامّة، كما اشتهر عنه أنه حظي بمكانة رفيعة جعلت حتى أعداءه من الناصبة يثنون عليه
من هؤلاء العلماء المعروفين بتعصّبهم عبدالله اليافعي صاحب كتاب (أبواب الجنان) المليء بالدسّ فرغم تحامله على الشيعة وعلمائهم ولكنه لم يتمالك نفسه عن مدح الشيخ المفيد

أجل؛ لقد قال بعض علماء العامّة بعد رحيل الشيخ المفيد: «أراحنا الله منه»، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فأقام مراسم الاحتفال والسرور وتزيين جدران داره بهذه المناسبة، ولكنهم أيضاً اعترفوا له بالفضل والمنزلة


الإمام عجّل الله تعالى فرجه ينعاه بعد رحيله
نستطيع أن ندرك عظمة منزلة الشيخ المفيد عند الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه من خلال كلمات النعي التي قالها عجّل الله تعالى فرجه بحقّه حين وافته المنية ورحل عن الدنيا:

لا صوّت الناعي بفقدك إنّه
يوم على آل الرسول عظيم


وأيّ زهو وفخر أسمى من أن يخاطبه الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه بهذه الكلمات:

«سلام عليك أيّها العبد الصالح الناصر للحق الداعي بكلمة الصدق»

إن صدور هذه الكلمات من إمام معصوم إلى شخص غير معصوم مسألة في غاية الأهمية؛ ترى ما الذي فعله الشيخ المفيد رحمه الله ليستحقّ كل هذا الإطراء والثناء من جانب الإمام المهدي عجّل الله فرجه؟


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٨٨_٩١
#المرجع_الشيرازي
#القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الشيرازي_في_لبنان
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/AlShirazziChaneLibanon
#

عظمة الشيخ المفيد

إنّ كل عبارة في هذه الرسالة تستدعي البحث والتأمّل، ولكن قبل تناول بعض مفرداتها تستوقفنا قضيّة مهمّة جدّاً وهي أنّ الإمام المهدي عجّل الله فرجه لم يخصّ أحداً غير الشيخ المفيد رحمه الله بمثل هذه الكلمات التي تحمل معاني العرفان بالإخلاص والولاء
لا غرابة في أن يشهد فرد بصلاح فرد آخر وحسن سيرته، ولكن عندما تكون هذه الشهادة صادرة عن إمام معصوم يصبح الأمر مختلفاً تماماً، إنّها شهادة ترجح كفّتها على الدنيا وما فيها، لأنّ هذه الشهادة خالدة في ضمير العقيدة، لا تفنى ولا تزول مع الأيام، والدليل على ذلك أنّ الشيخ المفيد رحل عن هذه الدنيا منذ قرابة الألف عام لكن ذكراه ما زالت حيّة تتجدّد على مرّ العصور
بيد أن ههنا قضيّة أخرى تلفت النظر، وهي أنه رغم المكانة الجليلة والمنزلة السامية التي حظي بها الشيخ المفيد إلا أنّه لم يرد في موضع ما أنّه تشرّف بلقاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه أو كتب رسالة للإمام عجّل الله تعالى فرجه ولكن حيث إنّه ـ الشيخ المفيد ـ أدّى واجباته على أتمّ ما كان ينتظره منه الإمام عجّل الله تعالى فرجه، فقد استحقّ عناية الإمام عجّل الله تعالى فرجه ولطفه بجدارة، حتى أنّ الإمام نفسه خاطبه برسالة طويلة يُستشفّ منها رغبته عجّل الله تعالى فرجه بالحديث إليه

تأمّلات في بعض كلمات الرسالة
لقد ذكر الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في خطابه للشيخ المفيد كلمة الإهمال فقال: ـ غير مهملين ـ ولم يقل: غير تاركين، ذلك أن هنالك فرقاً بين الإهمال والترك من جهة القصد، فالترك أعمّ وأشمل، أي يكون بقصد وبلا قصد؛ أمّا الإهمال فلا يكون إلاّ عن قصد(١)

ومن ثمّ فيكون المعنى: إننا إذا لم نرعكم، فالإهمال من جانبكم وليس من جانبنا.
وقال عجّل الله تعالى فرجه: ـ ولا ناسين لذكركم ـ نافياً أن يكون النسيان بشكل عام ومطلق، ممّا يعني أنّه يذكر الجميع دائماً وفي كل مكان، ولولا ذلك لنزل البلاء بهم.
إنّ الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه هو إمامنا الحيّ، أما باقي الأئمة سلام الله عليهم فقد رحلوا عن هذه الدنيا، رغم إيمان الشيعة بأنّ حضور الإمام المعصوم وغيابه أو حياته ومماته سيّان، لهذا السبب نقرأ في نصوص الزيارات: «أشهد أنّك تشهد مقامي وتسمع كلامي»،
وهذه مسألة مفروغ منها ولا تشوبها شبهة أو شكّ، ومنذ ذاك اليوم الذي غاب فيه الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وإلى حين فرجه الشريف والشيعة في ترقّب وانتظار؛ مشرئبّة أعناقهم لوقت ظهوره المبارك، لاعتقادهم بأنه البقية الخاتمة لحجج الله على خلقه، وأنّ جميع أمورهم موكلة إليه، وبالطبع، فهو إمام الممكنات كلّها، وهذا مبحث من مباحث أصول الدين تمّت مناقشته باستفاضة في مظانّه، كما نوقشت الأدلة الخاصة به، وقد وردت روايات عن الأئمّة المعصومين سلام الله عليهم في هذا الصدد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الهمل: السدى... وما ترك الله الناس هملا، أي: سدى بلا ثواب ولا عقاب... وفي حديث طهفة: ولنا نَعَم هَمَل أَي مهمَلة لا رِعاءَ لها ولا فيها من يُصلحها ويَهديها فهي كالضَّالة. وفي المثل: اختلطَ المَرْعيُّ بالهَمَل، والمَرْعيُّ: الذي له راعٍ. وأَهْمَل أَمرَه: لم يُحْكِمْه. وأَهْمَلْت الشي‏ء: خلَّيت بينه وبين نفسه. لسان العرب لابن منظور: ج١١ ص ٧١٠، مادّة همل (ط. دار إحياء التراث العربي ـ بيروت)


من كتاب

#عبير_الرحمة ص٨٤_٨٧
#المرجع_الشيرازي
#القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الشيرازي_في_لبنان
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/AlShirazziChaneLibanon
الرسالة الثانية
وورد على الشيخ المفيد كتاب آخر من قبله صلوات الله عليه يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وأربعمئة؛ نسخته:

«من عبد الله المرابط في سبيله إلى ملهم الحق ودليله
بسم الله الرحمن الرحيم

سلام الله عليك أيها الناصر للحقّ، الداعي إليه بكلمة الصدق، فإنا نحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو إلهنا وإله آبائنا الأولين، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطاهرين.
وبعد؛ فقد كنا نظرنا مناجاتك عصمك الله بالسبب الذي وهبه الله لك من أوليائه وحرسك به من كيد أعدائه، وشفعنا ذلك الآن من مستقرّ لنا ينصب في شمراخ من بهماء صرنا إليه آنفاً من غماليل ألجأنا إليه السباريت من الإيمان، ويوشك أن يكون هبوطنا إلى صحصح من غير بعد من الدهر و لا تطاول من الزمان، ويأتيك نبأ منا يتجدد لنا من حال، فتعرف بذلك ما نعتمده من الزلفة إلينا بالأعمال، والله موفقك لذلك برحمته.
فلتكن - حرسك الله بعينه التي لا تنام - أن تقابل لذلك فتنة تبسل نفوس قوم حرثت باطلاً لاسترهاب المبطلين، يبتهج لدمارها المؤمنون، ويحزن لذلك المجرمون، وآية حركتنا من هذه اللوثة حادثة بالحرم المعظّم من رجس منافق مذمّم مستحلّ للدم المحرّم، يعمد بكيده أهل الإيمان، ولا يبلغ بذلك غرضه من الظلم والعدوان، لأننا من وراء حفظهم بالدعاء الذي لا يحجب عن ملك الأرض والسماء، فلتطمئنّ بذلك من أوليائنا القلوب، وليتّقوا بالكفاية منه، وإن راعتهم بهم الخطوب، والعاقبة بجميل صنع الله سبحانه تكون حميدة لهم ما اجتنبوا المنهيّ عنه من الذنوب.
ونحن نعهد إليك أيها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظالمين - أيّدك الله بنصره الذي أيّد به السلف من أوليائنا الصالحين - أنه من اتقى ربّه من إخوانك في الدين، وأخرج مما عليه إلى مستحقّيه، كان آمناً من الفتنة المبطلة ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته على من أمره بصلته، فإنه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته.
ولو أن أشياعنا - وفّقهم الله لطاعته - على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم؛ لما تأخّر عنهم اليُمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلا ما يتّصل بنا مما نكرهه ولا نؤثره منهم.
والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلاته على سيدنا البشير النذير محمد وآله الطاهرين وسلم، وكتب في غرة شوال من سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
نسخة التوقيع باليد العليا صلوات الله على صاحبها:
هذا كتابنا إليك أيها الوليّ الملهم للحقّ العليّ بإملائنا وخطّ ثقتنا، فاخفهِ عن كلّ أحد، واطوِهِ، واجعل له نسخة تطلع عليها من تسكن إلى أمانته من أوليائنا - شملهم الله ببركتنا إن شاء الله - الحمد لله والصلاة على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين» [الاختجاج ج٢ ص٣٢٤]

أقول:
إنّه لشرف كبير ومصدر فخر واعتزاز أن يمثل الشخص بين يدي الإمام ويكون في حضرته؛ يزوره عياناً ويتشرّف برؤيته وتقبيل يده. ولكن ـ اعلموا أيّها الإخوان ـ إنّ هذا ليس هو الواجب، فإنّه لم يبلغنا عن الشيخ المفيد أنّه التقى بالحجّة ـ ولا يُعرف ما هو السبب، وربما التقاه ولم يصلنا خبره ـ ولكنّه مع ذلك نال هذه الأوسمة منه سلام الله عليه.


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٨١_٨٤
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجع_الشيرازي_في_بيروت
#القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الشيرازي_في_لبنان
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alchirazzichanellebanonAliAlRida
رسائل الإمام للشيخ المفيد

للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في غيبتيه الصغرى والكبرى رسائل وتوقيعات كثيرة يخاطب فيها عدّة من الشخصيات الشيعية بالإضافة إلى الرسائل الخاصة إلى نوّابه والرسائل الجوابية المرسلة لبعض الأفراد أحياناً والمؤسف أنه لم يصلنا شيء من هذه الرسائل إلا عدد محدود!
ولكن تبقى رسائله عجل الله تعالى فرجه إلى الشيخ المفيد والعبارات التي تضمنتها حالة فريدة امتازت بها عن رسائله للآخرين فلم يعهد عن الإمام عجّل الله تعالى فرجه أنه أثنى على أحد بهذه الصورة كما حصل مع الشيخ المفيد فلو راجعتم كل ما وصلنا من عبارات المدح والتقريظ من الإمام الحجة صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه الطاهرين بشأن جملة من الأفراد وخاصة نوّابه الأربعة الخاصين والسفراء الآخرين ووكلائه قد لا تجدون في كل كلمات المديح والتقريظ التي تفضّل بها الإمام بحق هؤلاء الأشخاص ما يرتقي لمستوى ما قاله سلام الله عليه بحق الشيخ المفيد

ينقل العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار رسالتين عن الإمام الحجّة سلام الله عليه إلى الشيخ المفيد يذكر فيهما بعض المطالب التي تضمنت إشارة بالمدح للشيخ المفيد وهذا المدح قد لا تجدون له نظيراً حتى في حق نوابه الخاصين وهم الحسين بن روح والسمري والعمريان

إننا نلمس تقريظاً من خلال هاتين الرسالتين والعبائر الأخرى التي نُقلت عنه سلام الله عليه بحق المفيد ما لا نلمسه - من حيث المجموع - بحق أي شخصية أخرى على الإطلاق ممن تشرفوا بلقاء الحجة سلام الله عليه

#الرسالة_الأولى
قال العلامة الطبرسي رحمه الله
ذكر كتاب ورد من الناحية المقدسة حرسها الله ورعاها في أيام بقيت من صفر سنة عشرة وأربعمائة على الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان قدس الله روحه و نوّر ضريحه ذكر موصلُه أنه يحمله من ناحية متصلة بالحجاز نسخته:
«للأخ السديد و الولي الرشيد الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان - أدام الله إعزازه - من مستودع العهد المأخوذ على العباد
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد سلام عليك أيها الولي المخلص في الدين المخصوص فينا باليقين فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين ونُعلمك - أدام الله توفيقك لنصرة الحق وأجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق - أنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك أعزهم الله بطاعته وكفاهم المهم برعايته لهم وحراسته
فقف - أيدك الله بعونه على أعدائه المارقين من دينه - على ما أذكره واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه إن شاء الله

نحن وإن كنا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين حسب الذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين فإنا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنا شي‏ء من أخباركم ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون
إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء فاتقوا الله جل جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم يهلك فيها من حمّ أجله ويحمى عنها من أدرك أمله وهي أمارة لأزوف حركتنا ومباءتكم بأمرنا ونهينا والله متم نوره ولو كره المشركون
اعتصموا بالتقية من شبّ نار الجاهلية يحششها عصب أموية يهول بها فرقة مهدية أنا زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن وسلك في الطعن منها السبل المرضية إذا حل جمادى الأولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه واستيقظوا من رقدتكم لما يكون في الذي يليه ستظهر لكم من السماء آية جلية ومن الأرض مثلها بالسوية ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مرّاق تضيق بسوء فعالهم على أهله الأرزاق ثم تنفرج الغمة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار ثم يستر بهلاكه المتقون الأخيار ويتفق لمريدي الحج من الآفاق ما يؤملونه منه على توفير عليه منهم واتفاق ولنا في تيسير حجهم على الاختيار منهم والوفاق شأن يظهر على نظام واتساق
فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا ويتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا فإن أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة والله يلهمكم الرشد ويلطف لكم في التوفيق برحمته
نسخة التوقيع باليد العليا على صاحبها السلام
هذا كتابنا إليك أيها الأخ الولي والمخلص في ودنا الصفي والناصر لنا الوفي حرسك الله بعينه التي لا تنام فاحتفظ به ولا تظهر على خطنا الذي سطرناه بما له ضمناه أحداً وأدِّ ما فيه إلى من تسكن إليه وأوصِ جماعتهم بالعمل عليه إن شاء الله وصلى الله على محمد وآله الطاهرين»


#عبير_الرحمة ص٧٧_٨١
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجع_الشيرازي_في_بيروت
إن الأرواح النجسة غير لائقة للقاء الإمام، والأعين الخطّاءة لا تستحقّ أن تطلّ على حضرته، والآذان المليئة بالمعاصي غير جديرة بسماع صوته، وأنّى لهذه الشفاه التي صدرت من بينها آلاف المعاصي أن تتشرّف بتقبيل يديه!
وإلاّ فلِمَ لا يسمح لنا الإمام بلقائه وهو أهل الكرم والجود؟ ألم يلتقِ السيد الفلاني والشيخ الفلاني والبقّال الفلاني والعطّار الفلاني، بل وأشخاصاً أمّيين لا يعرفون القراءة والكتابة، فلماذا لا يسمح لي ولك نحن المتعلّمين؟ إن الذنوب هي التي تحول دون لقائنا بالإمام، فإنّ الإمام لا ينظر إلى أبداننا، بل ينظر إلى قلوبنا وأرواحنا وعقولنا.
فلنعاهد الله في هذه المناسبة على أن نبدأ سلوك الطريق؛ فلعلّنا نبلغ المقصود بعد زمان طال أو قصر، فإنّ من سلك الطريق لابدّ وأن يصل، وصاحب الزمان عليه الصلاة والسلام يعرف عن قلبك وقلبي إن كنّا سالكي الطريق حقّاً أم لا؛ فإن علم صدقنا فسيأخذ بأيدينا. ولو أنّ أحدنا تقدّم إليه بمقدار خطوة واحدة من الطريق فإنّه عجّل الله تعالى فرجه الشريف سيتقدّم إليه فراسخ ويفتح له ذراعيه، ولكن علينا أن نجعل أنفسنا أهلاً لذلك
ذكرى المولد؛ فرصة لمراجعة أنفسنا
لنعاهد الله سبحانه وتعالى على أن نكون عند مرور ذكرى مولد الإمام المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف مثلاً، في كلّ سنة أحسن من السنة السابقة. ولنبدأ الطريق بأن يسعى كلّ منا لتقليل نقاط ضعفه وإصلاح نفسه، فلو أصلحنا أنفسنا، فإنّ صاحب الزمان هو الذي سيأتي إلينا قبل أن نذهب إليه
لنخطّط لأرواحنا قبل أن نخطّط لبطوننا وأيدينا وبيوتنا وأهلينا، ولنسِرْ قليلاً بهذا الاتّجاه لنحظى بلقيا المولى صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف
ختاماً: بودّي أن أذكر شيئاً عسى أن نكون بذلك قد قدّمنا خدمة- ولو صغيرة - لمولانا صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف؛ فلعلّ كثيراً من الشيعة لا يعلم شيئاً عنه صلوات الله وسلامه عليه، والذنب في ذلك يعود علينا نحن المتعلّمين.
إننا بحاجة إلى مليارات النسخ من المطبوعات عن الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف؛ فإنّ نفوس العالَم لم تعُد بالملايين، بل بلغت المليارات، فليخصّص كلّ واحد منا منذ الآن مقداراً من المال يطبع فيه كتاباً عن صاحب الزمان، ولا مانع من طلب العون من الأهل والأقرباء ومن الزوجة والولد والأخ والأخت في هذا المجال بأن يضع سهماً من عنده وأسهماً من أقربائه وأصدقائه ثمّ يقوم بطبع الكتاب، ولا يُشترط أن يكون الكتاب ضخماً، فكلٌّ حسب سعته. وإذا لم يستطع أن يعطي مبلغاً خلال يوم فقد يستطيع أن يعطيه خلال شهر، وقد يستطيع من خلال الاستعانة بأهله وأقربائه وأصدقائه.
فهذا شيء بسيط، وهو أقلّ ما يمكن أن نقوم به لخدمة صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

أويس القرني أفضل من كثير من الصحابة!
ولتكن لنا في أويس القرني قدوة وعبرة، فإنّ هذا العبد الصالح لم يوفّق لأن يدرك الرسول صلى الله عليه وآله، مع أنّه كان في عصره، فقد كان يعيش في اليمن، وعندما توجّه منها إلى المدينة لرؤية الرسول صلى الله عليه وآله وزيارته لم يسعفه الوقت، فحينها كان صلى الله عليه وآله قد استشهد. وتأثّر أويس لذلك كثيراً. ولكن هل تعلمون أنّ أويساً هذا مقدّم على كثير ممّن صحبوا الرسول صلى الله عليه وآله؟
فإذا أردتم التحقّق من ذلك فانظروا إلى سيرته:
يُنقل أنّه كان أحد الأشخاص يسبّ أويساً كلّما مرّ به أو التقاه. وفي إحدى المرّات رآه أويس يقبل من بعيد فغيّر طريقه

ـ ربّما كثير من الناس يتجنّب المواجهة مع مَن يريد سبّه، لأنّه قد تتوتّر أعصابه أو يراق ماء وجهه بين الناس. ولكن أويساً لم يغيّر طريقه لهذه الأسباب ـ وعندما سئل عن السبب، أجاب قائلاً: لئلاّ يقع ذلك الشخص - السابّ - في المعصية
إذن؛ فلنقتد بمثل هذا النموذج الصالح لننال ـ إن شاء الله تعالى ـ رضا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وأئمّتنا الطاهرين عليهم السلام لاسيما مولانا الإمام الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف

أخيراً: ونحن في عصر الغيبة، إن أردنا أن نكسب رضا مولانا صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فعلينا أن ندرك أنّ هذا الأمر يرتبط ارتباطاً وثيقاً وأكيداً بمدى معرفتنا للمسؤولية والواجب الملقى علينا ثم العمل بهما

أرجو من الله تعالى ببركة وجوده المقدّس وببركة آبائه الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين، أن يزيد في توفيق مَن كانت عنده هذه الخصلة - أي معرفة الواجب في عصر الغيبة - وأن يمنحها لمَن يفتقدها


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٧٤_٧٦
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجع_الشيرازي_في_بيروت
#القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الحسيني_الشيرازي_في_لبنان
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
#في_روضة_المهدي
#في_روضة_القصص


قصة الرجل المحبّ للضيف
ولإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع نستعين بالرواية القائلة:

يحكى أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه يحبّ إقراء الضيف لكن زوجته تكره ذلك وتعكّر عليه، فقال صلى الله عليه وآله قل لها: «إنَّ الضَّيْفَ إذَا جَاء؛ جَاء بِرِزْقِهِ، وإذَا ارتَحَلَ؛ ارتَحلَ بِذُنُوبِ أَهْلِ البيت»(١)
أي أن الله سيبارك ويضيف في رزق أهل ذلك البيت ما ينفقونه في إقرائه، ثم إذا انصرف عنهم بعد ذلك وارتحل ارتحلت ذنوبهم معه.
يقال: إن الرجل عاد ثانية إلى النبي صلى الله عليه وآله وأخبره أن ذلك لم يُجدِِ نفعاً مع زوجته. فأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يمسح بيده على وجهها إذا حلّ الضيف.
وفعَل الرجل ذلك، فأصبحت المرأة تتمنى إقراء الضيف بعد ذلك؛ لأنها رأت الأمور التي أخبرها بها زوجها عن النبي صلى الله عليه وآله على حقيقتها، بعد أن مسح على وجهها بأمر النبي صلى الله عليه وآله، أي رأت الضيف عندما يدخل الدار ترافقه أنواع الأطعمة والفواكه، وعندما يخرج تخرج معه الأوساخ والعقارب والحيّات مثلاً.
نستفيد من هذا الحديث أموراً عديدة؛ منها أمران لهما صلة بموضوعنا، وهما:
الأمر الأوّل: الولاية التكوينية لرسول الله صلى الله عليه وآله. فمع أنّه صلى الله عليه وآله لم يقم هنا بفعل، فلم يمسح بيده الشريفة على وجه المرأة مثلاً، بل أمر الزوج أن يمسح هو بيده على وجهها، ولكنه مع ذلك أثّر في تكوين المرأة، أي أنّ أمر النبي صلى الله عليه وآله وكلامه يكفي لتغيير الكون، ولا حاجة حتى لفعله المباشر، بل تكفي إرادته وقوله. والإمام كالنبي في هذا.
الأمر الثاني: أنّ الذنوب قاذورات وأوساخ وحيّات وعقارب تحيط بنا من الرأس إلى القدم وهي مانع حقيقيّ دون تشرّفنا بلقاء صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، أي أننا لا نكون جديرين بلقائه عليه السلام فنحرم هذا التوفيق بسببها.
ويمكن تقريب هذا الموضوع بمثال:
لو أنّ رجلاً طرق عليك الباب وأنت في غرفتك. وعند فتحك الباب رأيته كريه المنظر والرائحة لكثرة ما علق به من قاذورات ونجاسة وأوساخ وديدان وعقارب وحيات.. فهل ستسمح له بالدخول إلى المكان النظيف الذي تجلس فيه؟ كلاّ بالطبع.
هذا يعني أنّك لو كنت في مكان صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف لما أذنت بلقاء رجل يحمل كلّ القاذورات العالقة بلسانه وعينه وأذنه وأنفه ويده ورجله وبطنه وفكره، وهي الذنوب.
عرفنا إذن لماذا لا نرى الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فكلّ المشكلة تكمن هنا.. فينا نحن.
إنّ ذلك العالِم الديني تهيّب للقاء الإمام فلم يره. ولكن كثيراً منا لم يصل حتى إلى هذه الدرجة، فذلك الرجل العالِم كان قد قطع شوطاً للقاء الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف وفينا من لم يضع قدمه على حافة الطريق بعد.
وكما أنّك تطلب من الشخص المنتن الذي أتى لزيارتك أن يذهب أوّلاّ ويزيل عنه الأوساخ والقاذورات ويرمي العقارب والديدان عنه ثم تقول له: تفضّل أهلاً وسهلاً فبابنا مفتوح لك، فكذلك الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف فاتح بابه لكلّ إنسان، ولكنه يطلب منّا أن نتطهّر أوّلاً ثمّ نأتي للقائه.

ـــــــــــــــــــــــــ
(١) مستدرك الوسائل ج١٦ ص٢٥٩


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٧١_٧٣
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجع_الشيرازي_في_لبنان

#القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الشيرازي_في_بيروت
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
نحن والإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه

(١) مسؤوليتنا في عصر الغيبة

لا شك أن الحكمة من غيبة الإمام الموعود سلام الله عليه لا تحتمل تصوّر مؤمن من المؤمنين تفويضه بالقعود عن الالتزام بعرى الدين، وإرجاء ذلك إلى عصر الظهور، كما لا تحتمل اكتفاءه بمجرد تكريس الرغبة وتحديث النفس برؤية الإمام الغائب.. إذ مصادر الدين الذي تنحصر مسؤولية الإمام أولاً وأخيراً في نشره وإيصاله إلى أسماع الناس ومن ثم تطبيقه، هذه المصادر كلّها تؤكد بإنّ الوظيفة والالتزام بمبادئ القرآن والأئمة سلام الله عليهم والعمل بنية خالصة على التمهيد لإرادة الله سبحانه وتعالى في إذنه لولي الأمر سلام الله عليه بالظهور ... كلّ ذلك شيء والرغبة في رؤية الإمام عجل الله فرجه ولقائه شيء آخر، ويحسن الفصل جيّداً بينهما.
تأمّلوا في هذا المثال: إذا مرض شخص ما، حينها تصبح بعض الأغذية مضرّة بالنسبة إليه، وهذا لا يعنى أنّ هذه الأغذية مضرّة بذاتها، بل هي حسنة في الأصل، ولكنّها لا تصلح لهذا الشخص بسبب مزاحمة الأهمّ في حقّه. فتناول هذه الأغذية تشكّل رغبة لهذا الشخص، ولكنّ وظيفته شيء آخر

فكذلك الحال بالنسبة لنا تجاه المولى صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف. إنّ لنا في لقائه سلام الله عليه رغبة، ولنا إزاءه وظيفة، فإذا كان هذان الأمران قابلين للجمع فما أحسن ذلك! أمّا إذا لم يمكن الجمع بينهما، فما هو الواجب على الفرد؟ أيسعى لتحقيق الرغبة أم العمل بالوظيفة؟ لا شكّ أنّ الواجب هو السعي للعمل بالوظيفة.

إنّ علقتنا الشديدة - جميعاً - بوليّ العصر صلوات الله وسلامه عليه هي التي تدفعنا لأن نهتمّ ونعمل ونجدّ ونجتهد لسلوك الطريق الذي ينتهي بنا إلى التوفيق للانضواء تحت لوائه الشريف، أمّا الأمل بلقائه عجّل الله تعالى فرجه الشريف في عصر الغيبة، فهو مطلب مهمّ أيضاً، ولكنه يجسّد رغبة عظيمة؛ فمن وُفّق له فقد نال مقاماً شامخاً وشرفاً رفيعاً، ولكنّها- الرغبة - ليست الوظيفة.

إنّه لشرف كبير وكرامة عظيمة أن يلتقي الإنسان إمامه عن قرب ويقبّل يده، وهذا لا شكّ فيه ولا شبهة، ولكن هل هذا هو ما يريده الإمام منّا؟ وهل هذا هو واجبنا؟
بين الواجب والرغبة

صحيح أنّ الذين وفّقوا أو سيوفّقون أو هم موفّقون لنيل هذا الشرف العظيم بلقاء الإمام الحجّة وزيارته في الغيبة الكبرى، هم - في الغالب وحسب القاعدة – ممّن يعرفون الواجب ويعملون به، وإلاّ لما حصلوا على هذا الشرف، ولكن هذا - أي الطموح للقائه عجّل الله تعالى فرجه الشريف - ليس هو الواجب، بل من الأفضل أن نجمع بينهما، وإلاّ فإنّ الواجب مقدّم على الرغبة، والواجب هو معرفة الواجبات الشرعية والعمل بها وتشخيص المحرّمات والاجتناب عنها، تجاه النفس والآخرين، وتعليم الجاهلين كلّ حسب قدرته ومعرفته، والسعي لكسب المزيد من المعرفة على هذا الطريق.
إنّ المسؤولية هي تعلّم الإسلام والعمل به وتعليمه، وتقع على عاتق كلّ فرد، سواء كان رجلاً أو امرأة، زوجاً أو زوجة، أولاداً أو آباءً وأمّهات، أساتذة أو تلاميذ، وباعة أو مشترين، ومؤجّرين أو مستأجرين، وجيراناً أو أرحاماً، وفي كلّ الظروف والأحوال

على كلّ فرد منّا أن ينظر ما هي وظيفته تجاه نفسه وتجاه الآخرين؛ وما هي الواجبات المترتّبة عليه، وما هي المحرّمات التي يجب عليه الانتهاء عنها قبل أن ينظر إلى أي شيءٍ آخر

وعلى كلّ فرد منّا أن يعرف ما هي الواجبات بحقّه وما هي المحرّمات عليه. فعلى الزوج أن يعرف واجباته تجاه نفسه وتجاه زوجته وعائلته وتجاه الآخرين، وكذا المرأة عليها أن تسعى لمعرفة ما يجب عليها تجاه زوجها وأولادها والمجتمع، وهكذا الأولاد تجاه والديهم، والوالدان تجاه الأبناء، وكذا الإخوة فيما بينهم، وهكذا الجيران والأرحام والمتعاملون بعضهم مع بعض


#عبير_الرحمة ص٦٣_٦٥
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجعية_في_بيروت

#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
نحن والإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه

(١) مسؤوليتنا في عصر الغيبة

لا شك أن الحكمة من غيبة الإمام الموعود سلام الله عليه لا تحتمل تصوّر مؤمن من المؤمنين تفويضه بالعقود عن الالتزام بعرى الدين، وإرجاء ذلك إلى عصر الظهور، كما لا تحتمل اكتفاءه بمجرد تكريس الرغبة وتحديث النفس برؤية الإمام الغائب.. إذ مصادر الدين الذي تنحصر مسؤولية الإمام أولاً وأخيراً في نشره وإيصاله إلى أسماع الناس ومن ثم تطبيقه، هذه المصادر كلّها تؤكد بإنّ الوظيفة والالتزام بمبادئ القرآن والأئمة سلام الله عليهم والعمل بنية خالصة على التمهيد لإرادة الله سبحانه وتعالى في إذنه لولي الأمر سلام الله عليه بالظهور ... كلّ ذلك شيء والرغبة في رؤية الإمام عجل الله فرجه ولقائه شيء آخر، ويحسن الفصل جيّداً بينهما.
تأمّلوا في هذا المثال: إذا مرض شخص ما، حينها تصبح بعض الأغذية مضرّة بالنسبة إليه، وهذا لا يعنى أنّ هذه الأغذية مضرّة بذاتها، بل هي حسنة في الأصل، ولكنّها لا تصلح لهذا الشخص بسبب مزاحمة الأهمّ في حقّه. فتناول هذه الأغذية تشكّل رغبة لهذا الشخص، ولكنّ وظيفته شيء آخر

فكذلك الحال بالنسبة لنا تجاه المولى صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف. إنّ لنا في لقائه سلام الله عليه رغبة، ولنا إزاءه وظيفة، فإذا كان هذان الأمران قابلين للجمع فما أحسن ذلك! أمّا إذا لم يمكن الجمع بينهما، فما هو الواجب على الفرد؟ أيسعى لتحقيق الرغبة أم العمل بالوظيفة؟ لا شكّ أنّ الواجب هو السعي للعمل بالوظيفة.

إنّ علقتنا الشديدة - جميعاً - بوليّ العصر صلوات الله وسلامه عليه هي التي تدفعنا لأن نهتمّ ونعمل ونجدّ ونجتهد لسلوك الطريق الذي ينتهي بنا إلى التوفيق للانضواء تحت لوائه الشريف، أمّا الأمل بلقائه عجّل الله تعالى فرجه الشريف في عصر الغيبة، فهو مطلب مهمّ أيضاً، ولكنه يجسّد رغبة عظيمة؛ فمن وُفّق له فقد نال مقاماً شامخاً وشرفاً رفيعاً، ولكنّها- الرغبة - ليست الوظيفة.

إنّه لشرف كبير وكرامة عظيمة أن يلتقي الإنسان إمامه عن قرب ويقبّل يده، وهذا لا شكّ فيه ولا شبهة، ولكن هل هذا هو ما يريده الإمام منّا؟ وهل هذا هو واجبنا؟
بين الواجب والرغبة

صحيح أنّ الذين وفّقوا أو سيوفّقون أو هم موفّقون لنيل هذا الشرف العظيم بلقاء الإمام الحجّة وزيارته في الغيبة الكبرى، هم - في الغالب وحسب القاعدة – ممّن يعرفون الواجب ويعملون به، وإلاّ لما حصلوا على هذا الشرف، ولكن هذا - أي الطموح للقائه عجّل الله تعالى فرجه الشريف - ليس هو الواجب، بل من الأفضل أن نجمع بينهما، وإلاّ فإنّ الواجب مقدّم على الرغبة، والواجب هو معرفة الواجبات الشرعية والعمل بها وتشخيص المحرّمات والاجتناب عنها، تجاه النفس والآخرين، وتعليم الجاهلين كلّ حسب قدرته ومعرفته، والسعي لكسب المزيد من المعرفة على هذا الطريق.
إنّ المسؤولية هي تعلّم الإسلام والعمل به وتعليمه، وتقع على عاتق كلّ فرد، سواء كان رجلاً أو امرأة، زوجاً أو زوجة، أولاداً أو آباءً وأمّهات، أساتذة أو تلاميذ، وباعة أو مشترين، ومؤجّرين أو مستأجرين، وجيراناً أو أرحاماً، وفي كلّ الظروف والأحوال

على كلّ فرد منّا أن ينظر ما هي وظيفته تجاه نفسه وتجاه الآخرين؛ وما هي الواجبات المترتّبة عليه، وما هي المحرّمات التي يجب عليه الانتهاء عنها قبل أن ينظر إلى أي شيءٍ آخر

وعلى كلّ فرد منّا أن يعرف ما هي الواجبات بحقّه وما هي المحرّمات عليه. فعلى الزوج أن يعرف واجباته تجاه نفسه وتجاه زوجته وعائلته وتجاه الآخرين، وكذا المرأة عليها أن تسعى لمعرفة ما يجب عليها تجاه زوجها وأولادها والمجتمع، وهكذا الأولاد تجاه والديهم، والوالدان تجاه الأبناء، وكذا الإخوة فيما بينهم، وهكذا الجيران والأرحام والمتعاملون بعضهم مع بعض


#عبير_الرحمة ص٦٣_٦٥
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجعية_في_بيروت

#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
قضاء الإمام (عجّل الله تعالى فرجه)

مسألة أخرى ما فتئت تطرح للمناقشة، ألا وهي طبيعة قضاء الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه، فثمة من يرى أنّه سيقضي بين الناس دونما حاجة إلى شهود وبيّنات، بل سيكون دليله ما ألهمه الله من علم الغيب، مستندين في استنتاجهم هذا إلى بعض الشواهد والأدلّة؛ من جملتها الأحاديث التي تفيد بأنّ الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه سيحكم بين الناس ويبتّ في دعاواهم بعلمه وعلى طريقة حكم النبي داود عليه السلام.
وفي ما يلي وقفة عند إحدى تلك الروايات:
عن عبد الله بن عجلان عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنّه قال:
«إذا قام قائم آل محمد (صلّى الله عليه وآله) حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بيّنة، يلهمه الله فيحكم بعلمه»

ويناقش ذلك بما يلي:

أولاً: إن حكم داود بدون أيمان وبيّنة كان مرّة واحدة في قصّة مفصّلة نقلها صاحب (دعائم الإسلام) مرسلاً، وفيها شواهد عديدة على أنها إمّا موضوعة كلاً، أو بعضاً، ولا يمكن لمثل ذلك أن يكون مستنداً لحكم شرعي واحد، فكيف بجريان سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف، عليها.
وبعد تلك القصة كان حكم داود عليه السلام طول حياته على الأيمان والبيّنات، كما هو صريح أوّل تلك القصة المرسلة وآخرها، ففي أولها:
«فأوصى الله عزّ وجل إليه: يا داود! اقضِ بينهم بالأيمان والبيّنات».
وفي آخرها:
«يا داود!... فلا تسألني تعجيل ما أخّرت، واحكم بين خلقي بما أمرت»

ثانياً: يتباين هذا النهج في الواقع مع قضاء رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث كان يردّد دائماً:
«إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان»
وأنه إذا حكم صلى الله عليه وآله في قضية ما مثلاً لصالح شخص بقطعة أرض ولكنّها في الواقع لم تكن له، فليس له حقّ التصرّف بها حتى قال صلى الله عليه وآله

في الحديث الصحيح:
«إنما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان وبعضكم ألحن بحجّته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنما قطعت له به قطعة من النار»
من هنا، لا يعقل بالنسبة للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه - الذي هو أشبه الناس برسول الله صلّى الله عليه وآله، وتقوم فلسفة ظهوره على مبدأ العدل وإقامة شريعة جدّه وإحياء سنّته - أن يحيد عن نهج الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله، و يقضي بين الناس بغير طريقته صلّى الله عليه وآله.

وإذا جاء في الروايات المعتبرة والمستفيضة أنه عجّل الله تعالى فرجه: «يحكم بحكم داود بالبيّنة واليمين»، فإن النبي داود عليه السلام قد تلقّى الأمر من ربه سبحانه وتعالى بأن يحكم بالحق، وقد قال القرآن الكريم في ذلك: ((يا داود إنّا جعلناكَ خليفةً في الأرضِ فاحكملْ بين الناسِ بالحقِّ))

ثم أوحى الله تعالى إليه أن:
«احكمْ بينهمْ بالبيناتِ وأضِفْهم إلى اسمي يحلفون به»
أي: لمن لم تقم لهم بيّنة.

وهكذا نرى أن النبي داود (سلام الله عليه) كان ملزماً بالقضاء بناءً على الظاهوطبعاً فإن من ادعى باطلاً، وحُكم له به في الدنيا فإن الله سيحاسبه ويعاقبه على ما أخذه يوم القيامة.

ونقل الشيخ المفيد رحمه الله رواية تشير إلى أن الإمام الحجة المنتظر عجّل الله ظهوره سيقضي بين الناس على سنّة النبي داود (سلام الله عليه) والرسول المصطفى (صلوات الله عليه وآله) وحسب ما تبيّن، فإن نبينا الكريم كان يقضي بين الناس بالبيّنة واليمين فقط، مما يدلّل - من خلال اقتران وصف النبيين الكريمين - على أن قضاء النبي داود كان كقضاء رسول الله.

تقول الرواية:
«إذا قام القائم، حكم بالعدل وارتفع في أيامه الجور وأمنت به السبل وأخرجت الأرض بركاتها و... وحكم بين الناس بحكم داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله»

تجدر الإشارة إلى أن المعصومين سلام الله عليهم قد عملوا طبقاً للواقع والحقيقة، ولكن عملهم هذا لم يكن ليعكس صورة سيرتهم العامة وتعاملهم مع الآخرين.


من كتاب
#عبير_الرحمة_ص٥٧_٦٠
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجعية_في_بيروت

#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
تكملة

الرواية الثانية:
وهي صحيحة محمد بن مسلم التي نقلها الشيخ الطوسي في «التهذيب» عن الشيخ المفيد عن الشيخ الصدوق عن الصفار عن محمد بن أبي الخطاب (الذي لا ريب في كونه ثقة) عن جعفر بن بشير عن محمد بن مسلم عن الإمام الباقر سلام الله عليه، حيث سأله:
إذا قام القائم: بأي سيرة يسير في الناس؟
فقال الإمام:
«بسيرة ما سار به رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يُظهر الإسلام»


الرواية الثالثة:
نقلها الشيخ المفيد عن المفضل بن عمر عن الإمام جعفر الصادق سلام الله عليه، وكذلك وردت بسند آخر عن أبي عمر عن جميل بن دراج عن ميسّر بن عبد العزيز عن الإمام الصادق سلام الله عليه قال:
«إذا أذن الله عزّ اسمه للقائم في الخروج، صعد المنبر، فدعا الناس إلى نفسه، وناشدهم بالله، ودعاهم إلى حقّه، وأن يسير فيهم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله، ويعمل فيهم بعمله...»


الرواية الرابعة:
وكذلك ورد وصف دقيق لسيرته عجّل الله تعالى فرجه الشريف في إحدى زياراته الشريفة التي نقلها السيد بن طاووس رحمة الله تعالى عليه، حيث جاء فيها:
«السلام على الحقّ الجديد... والصادع بالحكمة والموعظة الحسنة والصدق..»
ولا شك أن الإنسان إذا طالع هذه العبارة دون ملاحظة ما سبقها ولحقها، فإنه سيظن بأن المقصود بها رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنه ذُكر بمثل هذه العبارة مراراً.


الرواية الخامسة:
وقد وصفت حكومته عجّل الله ظهوره وصفاً آخر، حيث جاء:
«يسير بسيرة جده رسول الله صلى الله عليه وآله، ويسير بسيرة أمير المؤمنين بالمنّ والكفّ...».
فهو سيسلك مع الناس سلوك العفو والرحمة التامة في عصر ظهوره المبارك، كما سلك جده النبي الأكرم صلى الله عليه واله مع كفار قريش بعد فتح مكة المكرمة، وكما تصرّف أمير المؤمنين سلام الله عليه مع أعدائه بعد انتهاء معركة الجمل.


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٤٩_٥٢
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجعية_في_بيروت

#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
التعارض بين الروايات

في حال وقوع التعارض بين الروايات يمكن الاهتداء ببعض الوصايا للأئمة المعصومين سلام الله عليهم في هذا المجال.
فلو فرضنا أن هناك روايتين تعارضتا مع توفر شروط التعارض والتي من أهمّها وثاقة سنديهما، لا أن يكون في سند أحدهما مثل محمد بن علي الكوفي الوضّاع، وفي الآخر علي بن إبراهيم ومحمد بن مسلم اللذان هما من الثقات المعتمدين عند الأئمة سلام الله عليهم. فالمقارنة بين هذين السندين غير صحيحة عقلاً وشرعاً.
وعليه؛ فإنّنا نواجه ومنذ الخطوة الأولى معضلة السند؛ وذلك لأنّ محمد بن علي الكوفي يرسم في رواياته عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه صورة السفّاح الذي يسرف في القتل ويعمّ الهرج والمرج في زمانه، بينما يقول الفقهاء إنّ الأحكام الشرعية تسقط عن الوجوب في حال تسبّبها في إحداث الفوضى، فكيف للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه وهو المحيط بجميع جوانب الدين وأحكامه أن يتسبّب في الهرج والمرج؟

إذن؛ فقد انتفت منذ البداية مسألة التعارض وبطلت، وأنّى لشخصٍ كذّاب أن يعارض فطاحل علم الحديث وثقاته؟

وعلى فرض صحة سند كلا الحديثين، فإن إعمال الترجيح بينهما هو الذي سيكون حاكماً، حيث يتمّ عرضهما على الكتاب الكريم ومقارنتهما به، فيؤخذ بما يتطابق معه. وفي المقام، يكون الرجحان ـ دون شك ـ لتلك التي تصرّح بتشابه سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه مع سيرة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله والإمام أمير المؤمنين علي سلام الله عليه، لأنّها تتماشى مع ما أمر به الرحمن في كتابه الكريم بقوله تعالى لنبيّه الأعظم صلّى الله عليه وآله ((فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ القَلْبِ لانْفَضّوا مِنْ حَوْلِكَ))
بعد أن ننتهي من هذه المرحلة ويتبيّن لنا ـ على سبيل الفرض ـ أنّ كلتا الروايتين مطابقتان للكتاب، يأتي دور مطابقة الرواية محطّ البحث مع ما ورد من السنّة القطعية.
ثم يأتي دور عنصري الدلالة والظهور، فنختار الرواية الأصرح، وإذا كانتا متساويتين في هذين الجانبين أيضاً، نصل إلى مرحلة التساقط، بناءً على قاعدة «إذا تعارضا تساقطا»، فتكون الروايتان كأن لم تكونا من الأساس في هذا الشأن. وهذه قاعدة اُصولية فقهية معمول بها في باب تعارض الروايات عند الفقهاء.


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٣٨_٣٩
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي

#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجعية_في_بيروت
#محاضرات
ــــــــــــــــــــ
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
#تكملة

الرواية الثالثة:
عن (بحار الأنوار) نقلاً عن كتاب الكافي: «عن البرقي عن أبيه عن محمد بن يحيى الخزاز عن حماد بن عثمان عن الإمام الصادق سلام الله عليه قال:
«إن قائمنا أهل البيت إذا قام لبس ثياب أمير المؤمنين عليه السلام وسار بسيرة علي عليه السلام».
سند هذه الرواية صحيح لا تعتريه شبهة، وذلك لكون جميع رواتها من الثقات، كما أنّ مضمونها مطابق لسيرة المعصومين سلام الله عليهم، وهذا المضمون يشير إلى أنّ لظهور الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في قلوب الناس عامّهم وخاصّهم، صغيرهم وكبيرهم محبةً وشوقاً كبيرين.
فعن رسول الله صلّى الله عليه وآله في الحديث الشريف المتّفق على روايته بين الخاصّة والعامّة أنّه صلى الله عليه وآله قال:
«نبشّركم بالمهدي، رجل من قريش يسعد بخلافته سكّان السموات والأرض».
وعنه صلّى الله عليه وآله أيضاً:
«أبشرّكم بالمهدي الذي يرسل إلى الناس... فيسعد به سكّان السموات والأرض».
كما جاء في رواية أخرى عنه صلّى الله عليه وآله:
رجل من أمّتي، يحبّه أهل الأرض والسماء.
وعن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
«أبشّركم بالمهدي يُبعث في أمّتي على اختلاف من الناس وزلازل، يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً».
فقال رجل: ما صحاحاً؟
قال صلى الله عليه وآله:
«بالسوية بين الناس، ويملأ الله قلوب أمّة محمد غنىً، ويسعهم عدله، حتى يأمر منادياً ينادي؛ يقول: من له في المال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل واحد فيقول: أنا. فيقول: ائت السادن يعني الخازن فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً، فيقول له: احثُ، حتى إذا جعله في حجره و أبرزه، ندم، فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً؛ أعجز عما وسعهم. فيردّه ولا يقبل منه. فيقال له: إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه»
وفي حديث آخر:
«يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض»
ومعلومٌ أنّ حبّ أهل الأرض إنما يجتمع مع الرفق وما أشبه.
وعن أمير المؤمنين سلام الله عليه يصف سيرة ولده الحجّة الموعود بعد ظهوره:
«.. وتُخرج الأرض أفاليذ كبدها، وتلقي إليه سلماً مقاليدها، فيريكم كيف عدل السيرة، ويحيي ميت الكتاب والسنة».

من كتاب
#عبير_الرحمة ص٣٥_٣٧
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بيروت

#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
تكملة

#الرواية_الثانية:
رواها بأسانيد عديدة جمهرة من المتقدمين والمتأخرين أمثال الصدوق والخزاز القمي والطبرسي والإربلي وآخرين قدّست أسرارهم :
عن ابن عباس عن النبي صلّى الله عليه وآله قال:
«التاسع منهم ]من أولاد الحسين سلام الله عليه [ من أهل بيتي ومهديّ أمّتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله»
يظهر من كلمة (أفعاله) أنّه علاوة على شبه الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف بالنبي صلى الله عليه وآله في شمائله وأقواله فإنّه شبيهه بالأفعال أيضاً.
تعليق أمين الإسلام الطبرسي
وأورد العلاّمة المجلسي رحمه الله تعليقاً للشيخ الطبرسي - من كتابه إعلام الورى - على هذه الرواية جاء فيه:
« تذييل:
قال شيخنا الطبرسي في كتاب إعلام الورى:
فإن قيل: إذا حصل الإجماع على أن لا نبي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و أنتم قد زعمتم أن القائم عجّل الله تعالى فرجه إذا قام لم يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقّه في الدين، وأمر بهدم المساجد والمشاهد، وأنه يحكم بحكم داود عليه السلام لا يسأل بيّنة، وأشباه ذلك مما ورد في آثاركم، و هذا يكون نسخاً للشريعة وإبطالاً لأحكامها، فقد أثبتّم معنى النبوّة وإن لم تتلفّظوا باسمها، فما جوابكم عنها؟
الجواب: إنا لم نعرف ما تضمّنه السؤال من أنه عجّل الله تعالى فرجه لا يقبل الجزية من أهل الكتاب، وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين؛ فإن كان ورد بذلك خبر، فهو غير مقطوع به.
فأمّا هدم المساجد والمشاهد؛ فقد يجوز أن يختصّ بهدم ما بُني من ذلك على غير تقوى الله تعالى وعلى خلاف ما أمر الله سبحانه به، وهذا مشروع قد فعله النبي صلى الله عليه وآله.
وأما ما روي من أنه عجّل الله تعالى فرجه يحكم بحكم آل داود لا يسأل عن بيّنة؛ فهذا أيضاً غير مقطوع به، وإن صحّ، فتأويله أن يحكم بعلمه فيما يعلمه، وإذا علم الإمام أو الحاكم أمراً من الأمور فعليه أن يحكم بعلمه ولا يسأل عنه، و ليس في هذا نسخ الشريعة...»
فالطبرسي ـ الذي يعدّ من أشهر علماء الحديث ـ يردّ اعتبار الروايات التي تفيد استخدام الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف للعنف بتلك الصُّور الفظّة.


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٣٢_٣٤
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي

#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بیروت

#للاشتراك_في_القناة_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
تكملة

الروايات الصحيحة
ثمّة أدلة تدحض هذه الأقاويل، وهي الأحاديث الصحيحة والمعتبرة الواردة في هذا الشأن، والتي تنقل صورة مغايرة تماماً لما أوردته الروايات السابقة، حيث تؤكّد بما لا يقبل اللبس والغموض على مطابقة نهج الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في الحكم لنهج جدّيه النبي المصطفى صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليّ سلام الله عليه، ونستعرض هاهنا بعضاً من هذه الروايات:
الرواية الأولى:
وهي رواية موثّقة وحسنة عن كتاب الغيبة للنعماني، وهذا نصّها:
«عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن (ابن فضّال) عن أبيه، عن رفاعة عن عبد الله بن عطاء قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام فقلت: إذا قام القائم عجّل الله فرجه بأيّ سيرة يسير في الناس؟ فقال عليه السلام:
«يهدم ما قبله كما صنع رسول الله صلّى الله عليه وآله ويستأنف الإسلام جديداً»
أي كما أنّ رسول الله هدم أركان الشرك واليهودية والنصرانية والمجوسية من قبل، فإنّ الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه كذلك سيزيل عن الدنيا كلَّ ما ينطق ظاهره باسم الإسلام ويستبطن خلافه، ليؤسّس بعد ذلك للإسلام الحقيقي الأصيل دولته الحقّة.
ومن المعروف أنّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله وتنفيذاً لأوامر القرآن الكريم، في
قوله تعالى: (فَبِما رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَليظَ القَلْبِ لانْفَضّوا منْ حَوْلكَ) هدّم ما قبله بالحسنى واللين، مستخدماً هذا النهج مع جميع الناس، حتى المشركين، وليس مع المسلمين وحدهم، وكذلك الأمر بالنسبة للإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الذي سيطبّق النهج ذاته مع المشركين، فكيف بالمسلمين؟!

من كتاب
#عبير_الرحمة ص٣١_٣٢
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بيروت

#للاشتراك_في_القناة_التلغرام
https://t.center/alshirazzilib
#محاضرة
تكملة

قال يونس: وافيت العراق ، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام، وقال لي:
«إن أبا الخطاب كذب على أبي عبدالله عليه السلام، لعن الله أبا الخطاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب، يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليه السلام...
وعن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول:
«كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه...»

الإشكال الدلالي
بغض النظر عن الإشكالات في أسانيد هذه الروايات، فهي أيضاً تتناقض وأساسيات الدين والشرع، ولا يمكن تبريرها بأي حال.
فمن المعلوم أنّ مهمّة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه هي إقامة العدل وطيّ بساط الظلم والجور، وعلى هذا الأساس؛ فمن غير المعقول أن يحقّق المهدي الموعود العدل بسلوك طريق الظلم، أو أن يحيي سنّة جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين علي سلام الله عليه بإحياء البدع. فسنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله تحرّم بوضوح إقامة الحدّ على المرأة الحامل، في حين يُنسب إلى الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه (والعياذ بالله) أنّه يفعل ذلك مع المرأة الحامل التي تضطرّ للدخول في الدين المسيحي خوفاً ورهبة منه؛ وذلك حسب رواية محمد بن علي الكوفي.


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٢٩_٣٠
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي

#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بيروت

#للاشتراك_في_القناة
https://t.center/alshirazzilib
#محاضرة

تكملة

الرواية الرابعة:
عن محمد بن علي الكوفي, عن البزنطي, عن عاصم بن حميد الحنّاط, عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام:
«ليس شأنه إلا بالسيف، لا يستتيب أحداً»(١).

المناقشة:
أفهكذا كانت سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟!
والمسألة المثيرة هنا أنّ محمد بن علي الكوفي هذا كان ينسب أكاذيبه إلى الثقات من الرواة حتى يضفي عليها بعض المصداقية، وهو ما يظهر جلياً من خلال دسّ أسامي بعض الثقات في سلسلة أسانيده، كما ذكر الحنّاط هنا في هذه الرواية.

الرواية الخامسة:
هذه المرّة: محمد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة البطائني عن أبي بصير عن أبي عبد الله سلام الله عليه أنه قال:
«ما تستعجلون بخروج القائم! فوالله ... و ما هو إلا السيف, والموت تحت ظلّ السيف».(٢)

الرواية السادسة
عن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله سلام الله عليه أنّه قال:
«إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف ما يأخذ منها إلاّ السيف»(٣)

كان ما تقدم بعض الروايات الواردة في هذا الشأن تنتهي كلها إلى محمد بن علي الكوفي والبطائني، وعدا محمد بن علي الكوفي والبطائني، هناك غيرهما من الرواة لهذا النوع من الروايات، التي لا اعتبار لها.

دوافع الوضع
من أساليب أعداء أهل البيت سلام الله عليهم جعلهم للأحاديث وتحريفها ونسبتها إلى الأئمة الطاهرين، ليقع التحريف في المعارف والمفاهيم الإسلامية، وليسوقوا الناس بالشكل الذي يبتغونه وإلى النهاية التي يتوقّعونها؛ بالإضافة إلى نيّتهم المبيّتة في إسقاط العترة الطاهرة من أعين الناس عبر إلصاق المفاهيم المزيّفة بهم، وبالتالي يحدث ما يريدونه، وهو إبعاد الناس عن التمحور حول آل البيت النبوي الشريف.
وما أكثر الأكاذيب التي افتراها الوضّاعون ونسبوها للأئمة الأطهار عليهم السلام وخاصّة للإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام، والتمعّن في الروايات أدناه يكشف عن ذلك:
روي عن الإمام الصادق سلام الله عليه أنه قال:
«فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي، فاتّقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإنا إذا حدّثنا قلنا: قال الله عزّ وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم»


يتبع . . . .
ـــــــــــــــــــــ
(١) مختصر بصائر الدرجات ٢٣٠
(٢) الغيبة للطوسي ٤٨٠
(٣) الغيبة للنعماني باب١٣ ح٢١

من كتاب
#عبير_الرحمة ص٢٦_٢٨
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي

#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بيروت

#للاشتراك_في_القناة
https://t.center/alshirazzilib
تكملة

الرواية الثانية:
عن كتاب الغيبة للنعماني وطبقاً للأسانيد التالية:
«عن علي بن الحسين(١) عن محمد بن يحيى العطار, عن محمد بن الحسن الرازي (غير معروف) عن محمد بن علي الكوفي, عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي, عن عبد الله بن بكير, عن أبيه, عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أيسير (الحجّة) بسيرة محمّد صلّى الله عليه وآله؟ فقال:
هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته!
إنّ رسول الله سار في أمّته باللين كان يتألّف الناس، والقائم يسير بالقتل»(٢).

المناقشة:
علاوة على ضعف سند هذه الرواية ، فإنّها تناقض الروايات الصحيحة التي تتحدث عن محاكاة سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه لسيرة جدّه الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله والتي سنذكرها لاحقاً إن شاء الله تعالى.

الرواية الثالثة:
وهي عن محمد بن علي الكوفي, عن البزنطي, عن العلاء، عن محمد؛ قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
«لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج، لأحبّ أكثرهم أن لا يروه؛ ممّا يقتل من الناس».(٣)

المناقشة:
هذا الكلام المنسوب إلى الإمام المعصوم من قِبل أحد الوضّاعين مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنّنا لو فرضنا أنّ وضّاعاً افترى على مؤمن بشرب الخمر، فإن هذا الافتراء
لن يقع موقع القبول في نفس العاقل، ولا يسمح بنقله، فما بالك إن كان الافتراء بتهمة إعمال القتل الفظيع على الإمام المعصوم سلام الله عليه ؟!
نتابع سرد بقية الرواية أعلاه، فقد جاء فيها:
«حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل محمد صلّى الله عليه وآله. لو كان من آل محمّد صلّى الله عليه وآله لرحم»؛
وذلك بسبب إسرافه في القتل!
فيا ترى عمّن تتحدّث الرواية؟ هل تتحدّث عن الحجاج بن يوسف الثقفي؟!

ــــــــــــــــــــ
(١) والد الشيخ الصدوق
(٢) الغيبة ص٢٣١ ح١٤

من كتاب
#عبير_الرحمة ص٢٥_٢٦
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي

#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بيروت

#للاشتراك_في_القناة
https://t.center/alshirazzilib
#في_روضة_المهدي
#محاضرة

البحث الثاني
سيرة الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في الحكم
١- نهج الإمام عجّل الله تعالى فرجه في تأسيس الدولة
٢- أساليب الإدارة عند الإمام عجّل الله تعالى فرجه
٣- قضاء الإمام عجّل الله تعالى فرجه.

(أ)
نهج الإمام عجّل الله تعالى فرجه في تأسيس الدولة
دأب بعض الناس مع الأسف على رسم صورة عنيفة وفظّة عن الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه في عصر ظهوره، معتقدين أنّه سيؤسّس دولته وينشر سلطانه بإعمال السيف في أعدائه وإهراق دمائهم، مستندين في ذلك إلى ما تضمّنته بعض الروايات ذات الصلة والتي ستعرف حالها و حال رواتها لاحقاً، كما تناهى ذلك إلى علم الناس عن طريق بعض الخطباء وبعض الكتب حيث تذكر بعض الروايات، على سبيل المثال, أنّ الإمام المهدي عجّل الله فرجه عند ظهوره سيأخذ الناس بالشدّة والعنف لدرجة أنّهم يتمنّون لو كان بينهم وبينه أمد بعيد حتّى لا يتسلّط عليهم!! بينما البعض الآخر منها تذكر أنه سيشكّك الكثير منهم في انتسابه حقّاً إلى الدوحة المحمدية بسبب سيرته العنيفة في الحكم.

الأحاديث الموضوعة
كثيرة هي الأحاديث الموضوعة عن أسلوب الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف في إقامة دولته، ناهز عددها الخمسين حديثاً، نُسب سند أكثر من ثلاثين منها إلى شخص يدعى محمد بن علي الكوفي، وهو وضّاع سيّئ الصيت اشتهر بعدم الثقة لدى العلماء، وكان معاصراً للإمام الحسن العسكري سلام الله عليه.
ويستدلّ على عدم وثاقة محمد بن علي الكوفي هذا من قول الفضل بن شاذان (١) فيه: بأنّه «رجل كذّاب»(٢).
وقال فيه في مناسبة أخرى: «كدت أن أقنت عليه»(٣) أي أوشكت أن أدعو عليه في قنوتي.

يتبع
ــــــــــــــــــــــــــ
(١) وهو من أعاظم الرواة الشيعية والذي لا تشوب عظمة منزلته وجلالة قدره أية شائبة حتى روي عن الامام الحسن العسكري (عليه السلام) قوله (أغبط أهل خراسان لمكان الفضل وكونه بين أظهرهم) راجع ترجمته في اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي ج٢ ص٨٢٠ رقم ١٠٢٧
(٢) اختيار معرفة الرجال ج٢ ص٨٢٣ رقم ١٠٣٣ وعده من أشهر الكذابين
(٣) خلاصة الاقوال للعلامة الحلي ص٣٩٨ رقم٢٩


من كتاب
#عبير_الرحمة ص٢١_٢٢
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي

#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بيروت

#للاشتراك_في_القناة
https://t.center/alshirazzilib
تكملة

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا غيّر الله تعالى الأسلوب في الحالة الثالثة، فعندما تحدّث عن بعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وآله قال: ((لقد منّ الله على المؤمنين)) ولكن عندما وصل الدور في هذه الآية إلى صاحب العصر والزمان المهدي الموعود عجّل الله تعالى فرجه الشريف وسّع من إطار منّته (تعالى) حتى شملت كلّ الكرة الأرضية؛ إذ قال: ((ونريد أن نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض)) مع أنّ لكلّ كلمة واستعمال في القرآن غاية وأبعاداً ينبغي التوقّف عندها؟!
والجواب واضح، وهو أنّه لم تعمّ منّة الله على أهل الأرض كلّهم حتى اليوم، فمازال حتى الآن وفي كلّ مكان وزمان أُمم وألوف بل ملايين من الناس لم تبلغهم حجّة الله وأحكام دينه ولا عرفوا الله عزّ وجلّ. فهناك اليوم حوالي خمسة آلاف مليون شخص غير مسلم على وجه الكرة الأرضية، فهل تمّت منّة الله عليهم؟ كلاّ بالطبع؛ إذ بأيّ شيء منّ الله عليهم؟ هل بالمال ولا قيمة له عند الله تعالى ولا ذُكِر بعنوان المنّة؟ أم بالوجود البحت ولا قيمة له عند الله أيضاً، وكذا الصحّة وكلّ الدنيا؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله يخبرنا: «إنّ الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة».
إنّ الشيء الذي له قيمة عند الله تعالى ومنّ به على البشر هو معرفته سبحانه وتعالى؛ وأن يعرف الإنسان لماذا خُلق ومن أين أتى، ولماذا جاء إلى هذا الوجود، وإلى أين سينتهي!
ولذلك؛ نلاحظ أنّ الله تعالى لم يمنّ على الناس لأنّه أعطاهم الصحّة، ولا يمنّ على من يدخلهم الجنة رغم كبير نعمته عليهم وسعة رحمته بهم، بل قال تعالى: ((فمَن زُحزِح عن النار وأدخِل الجنّة فقد فاز))، في حين نراه منّ على المؤمنين ببعثة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله).
فحقّ لنا أن نسأل: ما هو هذا الأمر الذي يستوجب منّة الله على الناس كلّهم كما استوجب المنّة على المؤمنين خاصة ببعث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله؟ أليس في هذا إشارة إلى الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، وأنّه كجدّه الرسول صلى الله عليه وآله تماماً إلاّ في مقام النبوّة؟!

فإن قيل: لماذا يمنّ الله على مستضعفي الأرض كلّهم بظهوره؟

نقول: لأنّ المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف يحقّق الغاية النهائية التي أرادها الله تعالى من وراء بعثة الرسل والأنبياء كلّهم، من لدن آدم حتى الخاتم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. ومن الطبيعي أن تقرن هذه النتيجة العظمى بالمنّ كما قرنت ببعثة الرسول صلى الله عليه وآله.

خلاصة الدليل
تبيّن إذن أنّ الله تعالى لم يذكر المنّة في القرآن الكريم إلاّ في عدّة مواضع؛ الأوّل على أنبيائه في آيتين، والثاني على المؤمنين وكلها وردت بصيغة الماضي (لقد منَنّا.. ولقد منَنّا.. لقد منّ الله على المؤمنين..) لكن هنا (في آية القصص) تبدّلت الصيغة إلى زمان المستقبل، وكانت المنّة شاملة لكلّ أهل الأرض.
وهكذا نرى أنّ هذه الآية المباركة هي من الآيات الواردة في شأن الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، كما تؤيّد ذلك الأحاديث الشريفة.


من كتاب
#عبير_الرحمة ص١٥_١٧
مجموعة من محاضرات السيد صادق الشيرازي

#المرجع_الشيرازي
#مكتب_بيروت

#للاشتراك_في_القناة
https://t.center/alshirazzilib
More