*تذكّر دائماً أصلك*أحد التجّار المؤمنين، توفّي قبل سنوات ودُعيت للصلاة على جنازته. وكنت قد شاهدته
في حياته وعايشته، ورغم أنه كان كاسباً عادياً ولم يكن من العلماء أو الشخصيات السياسية لكني لاحظت أنه كان يحظى باحترام العلماء والساسة والشباب بل جميع الطبقات ابتداءً من أكبر العلماء ورئيس الحكومة وانتهاء بعامة الناس؛ لأنه كان رجلاً متديّناً مؤدّباً يشهد صلاة الجماعة ويتحلّى بكثير من الفضائل
نقل لي بعض من عايشه ويعرف تاريخه أنه كان
في شبابه حمّالاً ولكنه كان يتحلّى بالأخلاق والذكاء والجدّ فترقّى وضعه المالي تدريجياً حتى أصبح تاجراً وصاحب نعمة، ولكنه استمرّ على أخلاقه وتواضعه حتى بعد أن تغيّر وضعه وتحسّن، فجمع المال إلى الخلق والدين فكسب احترام الناس لدرجة كبيرة
في حياته وبعد مماته، حتى إني عندما حضرت الفاتحة التي أُقيمت على روحه شاهدت حضوراً كثيفاً من مختلف الطبقات علماء وموظفين وكسبة وتجّاراً وشيوخاً وشباباً
ما يلفت النظر أن الرجل لم يكن من العلماء ولا من الزهّاد ولا من المتميّزين
في شيء سوى أنه كان تاجراً فاضلاً متديّناً عاديّاً، حتى أنني أحببت أن أسأله مرّة ـ وكنت
في داره ـ عمّا إذا كان هناك سرّ ينطوي عليه فرزقه الله هذه المحبّة والاحترام
في قلوب الناس، فامتنعت وصرفت النظر، ولكن نقَل لي بعد ذلك بعض أصدقائه القدامى عن أحواله فقال: كان هذا الرجل يحتفظ حتى آخر حياته بالوسيلة التي كان يحمل بها البضائع على ظهره أيام كان حمّالاً، ليس هذا فحسب بل كان ينظر إليها كلّ يوم قبل مغادرة البيت ويخاطب نفسه قائلاً: لقد كنتَ حمّالاً فلا تنسى!
فهذا الرجل كان يحفظ توازنه بهذا العمل، لأن الله وفّقه لأن يكون مصداقاً لما ورد
في دعاء الإمام السجاد «ولا ترفعني
في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي بمثلها، ولا تحدث لي عزّاً ظاهراً إلا أحدثت لي ذلة باطنة بقدرها»
هذا الأمر وإن كان صعباً
في الواقع وبحاجة إلى توفيق من الله تعالى، إلا أنّه حريّ بالإنسان ـ كائناً من كان ـ أن يتذكّر دائماً أصله وممَّ كان، ((أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى))
#القصص_والمواعظ ص١٢٤_١٢٥
#المرجع_الشيرازي
#مكتب_المرجع_الشيرازي_في_بيروت
#القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الشيرازي_في_لبنان
#للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام
https://t.center/AlShirazziChaneLibanon