#في_روضة_المهدي#في_روضة_القصصقصة الرجل المحبّ للضيف
ولإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع نستعين بالرواية القائلة:
يحكى أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه يحبّ إقراء الضيف لكن زوجته تكره ذلك وتعكّر عليه، فقال صلى الله عليه وآله قل لها: «إنَّ الضَّيْفَ إذَا جَاء؛ جَاء بِرِزْقِهِ، وإذَا ارتَحَلَ؛ ارتَحلَ بِذُنُوبِ أَهْلِ البيت»(١)
أي أن الله سيبارك ويضيف
في رزق أهل ذلك البيت ما ينفقونه
في إقرائه، ثم إذا انصرف عنهم بعد ذلك وارتحل ارتحلت ذنوبهم معه.
يقال: إن الرجل عاد ثانية إلى النبي صلى الله عليه وآله وأخبره أن ذلك لم يُجدِِ نفعاً مع زوجته. فأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يمسح بيده على وجهها إذا حلّ الضيف.
وفعَل الرجل ذلك، فأصبحت المرأة تتمنى إقراء الضيف بعد ذلك؛ لأنها رأت الأمور التي أخبرها بها زوجها عن النبي صلى الله عليه وآله على حقيقتها، بعد أن مسح على وجهها بأمر النبي صلى الله عليه وآله، أي رأت الضيف عندما يدخل الدار ترافقه أنواع الأطعمة والفواكه، وعندما يخرج تخرج معه الأوساخ والعقارب والحيّات مثلاً.
نستفيد من هذا الحديث أموراً عديدة؛ منها أمران لهما صلة بموضوعنا، وهما:
الأمر الأوّل: الولاية التكوينية لرسول الله صلى الله عليه وآله. فمع أنّه صلى الله عليه وآله لم يقم هنا بفعل، فلم يمسح بيده الشريفة على وجه المرأة مثلاً، بل أمر الزوج أن يمسح هو بيده على وجهها، ولكنه مع ذلك أثّر
في تكوين المرأة، أي أنّ أمر النبي صلى الله عليه وآله وكلامه يكفي لتغيير الكون، ولا حاجة حتى لفعله المباشر، بل تكفي إرادته وقوله. والإمام كالنبي
في هذا.
الأمر الثاني: أنّ الذنوب قاذورات وأوساخ وحيّات وعقارب تحيط بنا من الرأس إلى القدم وهي مانع حقيقيّ دون تشرّفنا بلقاء صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، أي أننا لا نكون جديرين بلقائه عليه السلام فنحرم هذا التوفيق بسببها.
ويمكن تقريب هذا الموضوع بمثال:
لو أنّ رجلاً طرق عليك الباب وأنت
في غرفتك. وعند فتحك الباب رأيته كريه المنظر والرائحة لكثرة ما علق به من قاذورات ونجاسة وأوساخ وديدان وعقارب وحيات.. فهل ستسمح له بالدخول إلى المكان النظيف الذي تجلس فيه؟ كلاّ بالطبع.
هذا يعني أنّك لو كنت
في مكان صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف لما أذنت بلقاء رجل يحمل كلّ القاذورات العالقة بلسانه وعينه وأذنه وأنفه ويده ورجله وبطنه وفكره، وهي الذنوب.
عرفنا إذن لماذا لا نرى الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فكلّ المشكلة تكمن هنا.. فينا نحن.
إنّ ذلك العالِم الديني تهيّب للقاء الإمام فلم يره. ولكن كثيراً منا لم يصل حتى إلى هذه الدرجة، فذلك الرجل العالِم كان قد قطع شوطاً للقاء الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف وفينا من لم يضع قدمه على حافة الطريق بعد.
وكما أنّك تطلب من الشخص المنتن الذي أتى لزيارتك أن يذهب أوّلاّ ويزيل عنه الأوساخ والقاذورات ويرمي العقارب والديدان عنه ثم تقول له: تفضّل أهلاً وسهلاً فبابنا مفتوح لك، فكذلك الإمام صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف فاتح بابه لكلّ إنسان، ولكنه يطلب منّا أن نتطهّر أوّلاً ثمّ نأتي للقائه.
ـــــــــــــــــــــــــ
(١) مستدرك الوسائل ج١٦ ص٢٥٩
من كتاب
#عبير_الرحمة ص٧١_٧٣
#المرجع_الشيرازي#مكتب_المرجع_الشيرازي_في_لبنان #القناة_الرسمية_لمكتب_المرجع_السيد_صادق_الشيرازي_في_بيروت #للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام https://t.center/alshirazzilib