هل يجوز إهلاك النفس جزعاً و تأسّفاً و حَسْرةً و لوعةً على الحُسين حتى الموت؟!
:
لنتأمّل سويَّـاً في هذا المَقطع مِن الخُطبة السابعة و العِشرين في نهْج البلاغة الشريف، لنرى ماذا يقول
#سيّد_الأوصياء حين هجمت خيولُ معاوية لعنةُ الله عليه على أرض الأنبار الَّتـي كانتْ في دولة أمير المؤمنين وتحت خلافته..
يقول "صلوات الله وسلامه عليه" مُعلّقاً على هذا الحدث الإجرامي المُؤلم:
(ولقد بلغني أنَّ الرجُلَ منْهم - أي مِن أتباعِ مُعاوية - كانَ يدخلُ على المرأةِ المُسْلمة والأُخرى المُعاهَدة، فينتزِعُ حِجْلَها و قُلْبها و قَلائدَها، و رُعْثَها - أي قُرْط الأذن -
ما تمتنعُ منهُ إلَّا بالاسترجاع و الاسترحام.. ثُمَّ انصرفوا وافرين ما نالَ رجلٌ منْهم كَلِم و لا أريقَ لهم دم!
فلو أنّ امرئً مُسلماً ماتَ مِن بعْد هذا أَسَفاً ما كان بهِ مَلَوماً، بل كان بهِ عندي جَديراً - أي لهُ مِن المنزلة العالية مِن المنزلة الشريفة-).
👆🏻هــل تأمّلنـا جيَّداً :
سيّد الأوصياء "صلواتُ الله عليه" هُنـا يتحدّث عن عُموم نساء المُسلمين.. و عن عُموم نساء اليهود والنصارى،
حين هجم رجالٌ مِن أتباع معاوية بن أبي سفيان"لعنة الله عليه و عليهم" فدخلوا على هؤلاء النساء العوام،، و سلبوهنَّ الحُلي و القلائد.. فالإمام هنا يستنكر هذا الحال و يقـول:
(لو أنّ امرئً مُسلماً ماتَ مِن بعْد هذا أسفاً ما كان بهِ ملوماً بل كانَ بهِ عندي جديراً)
يعني لو أنَّ امرىءً مُسْلَماً ماتَ حَسْرةً و جَزَعاً و تأسُّفاً على ما جرى على هَؤلاء النساء (العَـوام و منهم نساء اليهود و النصارى) و سَلْبهُنَّ ظُلْماً وعُدواناً لَما لُمْتهُ على مَوتهِ أسفاً.. بل كان بهذا الموت جديراً عندي.
إذاً ماذا يقول سيّدُ الأوصياء و أبو الأئمة النُجباء عَن الَّذي جَرى على أرْض الطُفوف...؟!!
و هل هناك وجه للمُقايسة أو المُقارنة أصــلاً بينَ ما حصلَ مع نساءِ اليهود و النصارى، و بينَ ما جرى في أرْض كربلاء على مُخدرات عليّ و فاطمة "صلوات الله عليهم أجمعين" مِن السَلْب و النَهْب و الضَرْب و التَعذيب والظُلم والجور العدوان..!!!!
،
القضية واضحةٌ جدّاً.. لا تحتاجُ إلى استدلال..
لكن البصائر حين تَعمى، تتبدَّل الأمور و تُنْكَـر الحقائق..!
:
❂ أيضاً يقولُ إمامنا و مولانا
#سيّد_الساجدين "صلوات الله و سلامهُ عليه":
(إنَّه لَمَّا أصابنا بالطفِ ما أصابنا، و قُتِلَ أبي، و قُتِلَ مَن كانَ معهُ مِن ولْدهِ و إخوتِهِ و سائرِ أهْله، و حُمِلتْ حرمُهُ و نِساءُهُ على الأقتاب يُرَادُ بنـا الكوفة، فجعلتُ أنظرُ إليهم صَرْعى و لم يُوارَوا، فعَظُمَ ذلكَ في صَدْري، و اشتدَّ لِمَا أرى مِنْهم قَلَقي، فكادتْ نفسي تخرج - أي كاد الإمام أن يـموت –
و تبيّنتْ ذلكَ مِنّي عمَّتي
#زينب_الكبرى بنتُ عليّ "صلواتُ الله وسلامه عليهما" فقالتْ:
ما لي أراكَ تجودُ بنفسكَ يا بقيّة جدّي و أبي- يعني تنازع الحياة و كأنّه يحتضر – فقلتُ:
و كيفَ لا أجزعُ و أهلع؟! و قد أرى سيّدي و إخوتي و عُمومتـي وولد عمّي وأهلي مُصَرّعينَ بدمائهم مَرَمّلينَ بالعَراء، مُسلّبينَ، لا يُكفّنون ولا يُوارون ولا يُعرّجُ عليهم أحد ولا يقربُهم بشر، كأنَّهم أهْلُ بيتٍ مِن الديلم و الخَزَر..)
● الجزع أعلى مِن الحُزن.. الجزع هو الُخروج عن حُدود الصبر.. وأمّا (الـهَلَع) فهو أعلى مِن الجزع (يعني أن الهَلَع درجةٌ فوق الجزع)
موطن الشاهد من الرواية الشريفة هنا.. حين قالت
#عقيلة_بني_هاشم للإمام "صلواتُ الله عليه":
(ما لي أراكَ تـجودُ بنفسك؟! والإمام يقول : فكادت نفسي تـخرج..!)
❂ و أمَّا بيانُ إمام زماننا "صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليه" في هذه المسألة فهو أوضحُ مِن الشمْس.. إذْ يقول "صلوات الله عليه" في زيارة الناحية المُقدّسة:
(فلئن أخّرتني الدُهور، وعاقني عن نَصْركَ المَقدور، و لم أكنْ لِمَن حَاربَكَ مُحَارباً، وَ لِمَن نَصَبَ لكَ العَداوةَ مُنَاصباً، فلأندبنّك صباحاً و مساءً، و لأبكينَّ لكَ بدلَ الدُموع دَماً، حَسْرةً عليك، و تأسُّفاً على ما دَهاك، و تلهُّفاً حتَّى أموتَ بلوعةِ المُصاب، وغُصّةِ الإكتياب)
👆🏻الإمام الحُجّة "صلوات الله عليه" يُصرّح ويقول: حتَّى أموتَ بلوعةِ المُصاب، وغُصّـةِ الاكتئاب..!
يعني أجزع و أجزع و أجزع وأتجاوز حدود الجزع و الهَلَع (حتَّى أموت) حُزْناً و تأسّفاً ولوعةً على ما دهاك يا حُسين..
** مقتطفات مُستفادة من برنامج ملف
#الشعائر_الحسينية لسماحة
#الشيخ_الغزّي**
#الثقافة_الزهرائية#ويبقى_الحسين