#الزهراء (عليها السلام)
#الكوثر_المتدفق:
بعد أن توفي أبناء الرسول في مكة الواحد تلو الآخر، شَمَت الشامتون - الذين انحصرت الفضائل عندهم في المال والثروة والأولاد والجاه والجلال الدنيوي - برسول الله ونعتوه بالأبتر؛ أي الذي لا عقب له ولا ذرية، وأنه إذا مات ستندثر بموته كل معالمه وآثاره، فأنزل الله عليه هذه السورة لسلوى قلب الرسول ولإيضاح حقيقة كبرى له وللمسلمين، فقال سبحانه وتعالى ﴿إنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾([3]) أي تلك الحقيقة العظيمة والكثيرة والمتزايدة.
ومصداق الكوثر بالنسبة للرسول (صلى الله عليه وآله) يمثل أشياء مختلفة، وأحد أبرز المصاديق هو الوجود المقدس لفاطمة
الزهراء التي جعلها الله خلفاً مادياً ومعنوياً للرسول.
وخلافاً لأوهام الأعداء الشامتين أصبحت هذه الإبنة المباركة والوجود السخي سبباً لتخليد اسم الرسول وذكره ونهجه ومعارفه بشكل لم يشهد له نظير لدى أي ولد بارز وعظيم؛ فمن ذريتها أحد عشر إماماً وكوكباً مشرقاً شعّوا بالمعارف الإسلامية على قلوب أبناء البشرية، وأحيوا الإسلام، وبيّنوا القرآن، ونشروا المعارف الإلهية، وأزالوا التحريف عنها، وأغلقوا سبل استغلالها.
أحد هؤلاء الأئمة الأحد عشر هو
#الإمام_الحسين بن علي (عليه السلام) الذي قال عنه رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أنا من حسين"([4])، و"الحسين سفينة النجاة ومصباح الهدى"([5])، الذي ترتّبت على شخصيته وثورته وشهادته آثار وبركات جمّة في تاريخ الإسلام.
هو أحد ذراري
#فاطمة_الزهراء (عليها السلام)، ومن جملة تلك الشموس المُنيرة
#الإمام_الباقر (عليه السلام)، والآخر هو
#الإمام_الصادق (عليه السلام) اللذين يعود إليهما الفضل في نشر المعارف الإسلامية، لا المعارف
#الشيعية فحسب، بل حتى أن مشاهير أئمة أهل
#السنة قد اقتبسوا من فيض علومهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأخذ هذا
#الكوثر المتدفق الذي يزداد تألّقاً يملأ أقطار العالم الإسلامي بنسل الرسول؛ حيث توجد اليوم آلاف بل آلاف الآلاف من الأُسر البارزة المعروفة في العالم الإسلامي كلّه، وهي تعكس بقاء ذرية تلك العظيمة، كما أن وجود الآلاف من مشاعل الهداية في العالم ينمّ عن البقاء المعنوي لهذا النهج وذلك الوجود المقدس، إنها
#كوثر_فاطمة_الزهراء، فسلام الله وأنبيائه وأوليائه وملائكته وخلائقه عليها إلى قيام يوم الدين.
*
#الإمام_الخامنئي (حفظه الله)
المصدر: شبكة المعارف الإسلامية
([3]) سورة الكوثر.
([4]) كامل الزيارات، ص 53.
([5]) بحار الأنوار، ج36، ص 205.