- مما لا تجدُه إلا في النفوسِ العِظَام أنها مهما تطاول عليها العُمُرُ تكون على ما كانت عليه من المجد والشرف والمكارم والمحامد، حتى أنها لا تقنع بأن يقال عنها: ضعيفةٌ لا تقدر على شيء.
• قال المَرَّارُ بن مُنْقِذٍ يخاطبُ الصَّاحبةَ: إن تَرَيْ شَيْبًا، فإنِّي ماجِدٌ ذو بلاءٍ حَسَـنٍ غيـرُ غُمُـرْ
• وقال ذو الإصْبَعِ العَدْوانِيُّ يخاطبُ صاحِبَيْه: إن تَزعُما أنَّنِي كَبِرتُ، فَلَمْ أُلْفَ بخيلًا نِكْسًا ولا وَرَعَا [النِّكسُ: الرديء. الوَرَع: الضعيف، لا غناء عنده]
= كن كأبي الطيب إذ قال: وفي الجِسمِ نفسٌ لا تشيبُ بِشَيبِه ولو أنَّ ما في الوَجه منـــــه حِرَابُ
لها ظُفُـــــــــــرٌ إن كَلَّ ظُفْـــرٌ أُعِدُّهُ وَنَابٌ إذا لَم يَبْقَ في الفَـــــــمِ نابُ
يُغَيِّرُ مِنِّي الدَّهرُ ما شـــاءَ (غَيْرَها) وأبلُغُ أقصى العُمْــــــرِ وهْيَ كَعَابُ
كلمة جامعة لكل معنًى تكون به المودة والرحمة بين الزوجين؛ فاللباسُ له معانٍ حِسِّيَّةٌ وأخرى معنوية، وكلها يدور حول السِّترِ والحفظ والتقوى والزينة، ثم تَنسَرِبُ معانٍ أخرى من هذه الأَربَعِ، منها العفاف، والكفاف، والرعاية، وحفظ السر، ومُوَارَاة العورَة، واللباس القلبُ، ومعان أخرى تنسَرِبُ من هذه وتلك، وسبحان الله الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى. ثم تَنَبَّه أنت وزوجُك إلى أنّ غرضَ الشيطان أن ينزع عنكما لباسَكمُا، فاستعيذا بالله منه؛ إنه نعم المولى ونعم النصير.
قالَ الجَعْدِيُّ: إذا ما الضَّجِيعُ ثَنى جِيدَها تَداعَتْ فَكـانَتْ عَلَيْهِ لِباسًا
للمفسرين كلام كثير في هذه الكلمة، وهو مما يَرُوقُ وَيُعجِبُ.
انظر كيف فَسَّرَ الأصمعي كلمة الخليل، وهو التفسير الظاهر القريب، ثم انظر كيف فسَّرها ابن الأعرابيّ وكيف دلَّلَ على وجهه إذ كان غريبا، ثم انظر كيف أتى الأنباري بهما معا في قِرَانٍ واحدٍ حتى يعلمك كيف تُحَلِّلُ البيان، وأنه قد يكون هناك ظاهر ليس مرادا، وأن المراد هو الباطن. وانظر إلى أدبه؛ فلم يقل لك مثلا، ووجه الأصمعي لا يلائم السياق، بل سكت سكوتا تامًّا.