🎤*خطبة مكتوبه بعنوان:*
*
محاسبة.النفس.tt*
للشيخ / أمير بن محمد المدري
عناصر الخطبة
1/ الحسيب سبحانه يحاسب الخلق على كل شيء 2/ ضرورة مطالبة النفس ومحاسبتها على الأنفاس والحركات 3/العاقل يحاسب نفسه 4/ فوائد محاسبة النفس 5/ السلف ومحاسبة النفس 6/ الاستغفار ليس للعاصين فقط 7/ كما تدين تدان، وكما تُزرع تحصد
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌 االخطبة الأولى:
الحمد لله الكريم الفتاح أهل الكرم والسماح المُجزل لمن عامله بالأرباح، سبحانه فالق الإصباح وخالق الأرواح. أحمده سبحانه على نعمٍ تتجدد بالغدو والرواح، واشكره على ما صرف من المكروه وأزاح، وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له شهادةً بها للقلب انفساح وانشراح.
وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي أُرسل بالهدى والصلاح، اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ما بدا نجم ولاح.
وبعد:
عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأن نُقدّم لأنفسنا أعمالاً صالحة مباركة تبيض وجوهنا يوم نلقاه تبارك وتعالى. (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء:88-89]. (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) [آل عمران:106]. (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا) [آل عمران:30]. (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ) [التغابن:9].
نسأل الله تبارك وتعالى بمنه وكرمه أن يحبّب إلينا الإيمان ويزيّنه في قلوبنا، وأن يُكَرِّه إلينا الفسوق والعصيان، ويجعلنا من الراشدين.
عباد الله: يقول الله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47].
وقال تعالى: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) [الرعد:33].
أيها المسلمون: إن الله سيحاسبنا على كل شيء على الصغير والكبير والفتيل والقطمير، قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) [الزلزلة:7-8].
أصحاب القلوب السليمة والعقول الواعية عرفوا أن الله لهم بالمرصاد، فعرفوا أنه لن ينجيهم إلا لزوم المحاسبة، ومطالبة النفس ومحاسبتها على الأنفاس والحركات، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
تأمل يا عبد الله هذه الآية التي أشارت إلى تقوى الله فيما مضى من عمرك من أعمال، والنظر والمحاسبة فيما قدمت لأخرتك، والله خبيرٌ بما تعمل في هذه اللحظة.
قال عمر الفاروق -رضي الله عنه -: "أيها الناس! حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)"[الحاقة:18].
وقال الحسن البصري –رحمه الله تعالى-: "من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خفَّ في يوم القيامة حسابه، وحضر عند السؤال جوابه وحسن منقلبه ومآبه, ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته, وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته, وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها".
عباد الله: ينبغي للعاقل أن يكون له في يومه ساعة يحاسب فيها نفسه، كما يحاسب الشريك شريكه في شئون الدنيا, فكيف لا يحاسب الإنسان نفسه في سعادة الأبد وشقاوة الأبد، نسأل الله أن يجعلنا من الأبرار السعداء.
قال ميمون بن مهران–رحمه الله تعالى-: "لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه".
ومن فوائد محاسبة النفس أنها تُعرِّف الإنسان بنعم الله عليه فيشكرها، ويستخدمها في طاعة الله، ويحذر من التعرض لأسباب زوالها، قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم:7].
فبداية المحاسبة أن يقيس العبد ويوازن بين نعم الله عليه من عافية وأمن وستر وغنى, وبين ذنوبه فحينئذٍ يظهر التفاوت، فيعلم العبد أن ليس له إلا عفو الله ورحمته أو الهلاك.
حاسبت نفسي لم أجد لي *** صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد *** في الأمر إلا خفة الميزان
وبهذه المقايسة والمحاسبة يعلم العبد أن الرب رب بكرمه وعفوه وجبروته وعظمته, وأن العبد عبد بذله وضعفه وفقره وعجزه, وأن كل نعمة من الله فضل، وكل نقمة منه عدل.
وبهذه المحاسبة يسيء العبد الظن بنفسه؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال الصلاح والتقوى، فيرى المساوئ محاسن والعيوب كمالاً.
فعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة *** ولكن عين السخط تُبدي المساويا