هذه مدينة ترصد دائماً حركاتك، تتربّص بفرحك، تؤوّل حزنك، تحاسبك على اختلافك. ولذا عليك أن تراجع خزانة ثيابك، وتسريحة شعرك، وقاموس كلماتك، وتبدو عاديًا، وبائس المظهر قدر الإمكان، كي تضمن حياتك. فهي قد تغفر لك كل شيء، كل شيء عدا اختلافك. و هل الحرية في النهاية سوى حقّك في أن تكون مختلفا؟!
يستغرب الناس من برود الأطباء في المواقف الصعبة، نحن لا نتعامل ببرود يا صديقي، لكننا رأينا الموت ألف مرة ما تعتبره أنت حدثًا طارئًا في حياتك هو حياتنا اليومية، لقد احترقت أعصابنا منذ زمن بعيد صارت رمادًا، والرماد لا يحترق مرتين!!
كلما تقدم العمر بالإنسان يتفاقم حنينه إلى ما مضى، لهذا ينتشر البرد في داخله. كتبت مرة عن الفرق بين الحنين والشوق أن الحنين لا يكون إلا للأشياء للتي لا يمكن أن تعود، والشوق لتلك التي تحتمل الرجوع لذلك للحنين برودة اليأس، وللشوق حرارة الرجاء.