²⁰²¹-⁰¹-²⁹
••
كالجُنديّ الذي لا يُفارق بندقيّته أنا هُنا لا أفارقُ القَلم!
للنّقد البنّاء ...
http://1996339711194.sarhne.com
طالبة سنة ثالثة تغذية علاجيّة، مُحبّة للأدب!
••
كنتُ أواظبُ على قيام اللّيل، أصحو قبل عائلتي، أناجي ربي، أدعوه بجلّ الأماني التي أودعها في صدري، وبعضاً مما أردتهُ وأسأله التوفيق واليُسر والإعانة علىٰ مشقات الطريق، و ألّا تضلّ وجهتي، أو تتوه خُطاي.. وفي يومٍ لا أذكُره، يشهدُ اللّه أنّه ماكانت نيّتي الرّياء، ولا مُباهاةً في العمل، سألتني إحداهنّ عن سبب التّوفيق الذي أنا به، وسبب النّور الذي حلّ في وجهي، وسبب رِضاي ومحاولاتي في نيل رضَا الله، أبتغي في ذلك وجهه الكريم، لا مرضَاة خلقه. فأجبتها، وأخبرتُ كثيراتٍ من بابِ النّصح والإعانة وإرشادٍ لطريقٍ يتقاعسُ عن سلكه كثير، ويجهلُ خيراته وبركته كثر، وتشجيعاً علىٰ قلّة الهجوع في اللّيل، و الاستغفار بالأسحار.
ومنذ ذلك اليوم، فقدتُ إعانة اللّه على إيقاظي، أجزمُ أنه كان يصطَفيني لمناجاته، وكنتُ أفعل حبّاً و تضرعاً قبل كلّ شيء، ولكن لسبب لستُ أعرفه ماعدتُ أقوىٰ على النّهوض، لستُ واثقةً من عدم خوضِي في ذنب أو ارتكاب معصية لكنّني متيقّنة من جهادي في عدم الخوض في هذا الباب، وجهدي في ألّا أقعَ في ذنبٍ يفسد عليّ طاعتي، ورجائي في الفردوس الأعلىٰ.
ولكنّه الجهر بالعبادات، يفسدُ على المرء جهاده، فيُخفِق في أداء ما اصطُفي إليه، لأنّ العين حقّ، وكثيرٌ ممّن لا يوفّق، يحسدُ الموفّق دون إدراكٍ منه، أو تعمّد لذلك، أو حتى بُغضاً وكراهية.
لذلك قرّرت عازمةً، ألا أخبر أحداً عن عباداتي، لا صلاتِي، ولا قيامي، ولا ذكري، ولا كمُّ حفظي، ولا مقدارُ وردِي، مُستعينة علىٰ سرّ صلاحِي بصلاحِ سرّي.
لثلاثة أسباب :
- أولهما خوفاً من الرّياء. - وثانيهما بطلان العمل والحرمان منه. - وثالثهما ألا أقع في تزكية النّفس أو إدلالٍ بالعمل : « فلا تزكّوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقىٰ».
لذلك، نصيحتي لنفسي أولاً، ثمّ لكم، لا تخبروا أحداً عن سريرتكم، ولا تحدّثوا عن سبب الصّلاح، فنحن مقصّرون في عبادته مهما اجتهدنا، قولوا : هذا اصطفاء الله وإعانةٌ منه، بلُطفه لا بعلمنا ولا بعملنا.
أتأمّلُ البارحة في باحة الذّكرى، و أبكي، أبكي كثيراً على ما حلّ بنا، أردنا حياةً، ولكن : ماهكذا كُنّا نريدُها، شمسُ الصّباح تأبى الإشراق، كلّ شيء في هذا الوطن يدعو المرء للانهيار .. على ما فاته، وعلى ماعاشه، وعلى ما ينتظره آهٍ، ليت الذي عشناه مجرّد فيلم، نقف عند اللّقطة السعيدة منه، حيث نلقىٰ الأحبّة، يعودُ المسافر، تشرقُ شمس الصّباح وتعمّ السكينة في البلاد، حيث كلّ دمعةٍ ذرفتها الأحداقُ هماً، تُذرفُ جبراً، ولا نجدُ فؤاداً يئن، ونعودُ كما كنا، ننعمُ بحياةٍ هنيئة، لا نفكّر فيها بأمس ولا غدٍ، نعيشُ فقط لأجلِ أن نستشعر دفء اللّحظات.
على خطىٰ أمّهات المؤمنين، والصّحابيّات، و من بعدهِم نساء التّابعين، ويقيناً منّي بل و إيماناً أنّ كمال الحِجاب بتغطيَة الوجه، وأنّ الخلاف حولَ فرضيّته، لا حول فضيلَته، فهو ممّا لا شكّ فيه فضيلةٌ من الفضائِل وسُنّة من السّنن، وفرضٌ في زمنٍ كثُرت فيه المعاصِي والفِتن، هأنذا أعقدُ عقدَة النّقاب، مُلتحقة بركبِ الصّالحات، المصونات، اللّواتي أخفَين زينَتهنّ عن العالمين، وأظهرنَها أمام من يستحقّها وكنّ في سترهنّ درّات لا يحظىٰ بهنّ عابر، أو يرمقُهن بنظرَة، وكنّ في الجمال آيةً، وفي العفّة حديثاً، الحمدللّه الذي هدانا لهذا وماكنّا لنهتدي، الحمدللّه الذي أصلَح ذواتنا، وفطَر قلوبنا على حبّ السّتر والتّعفّف، وزادَنا فوق الوقَار وقاراً، نسألُ اللّه من فضلهِ وكرمهِ أن يكون جلّ سَعينا لإصلاحِ هذه الرّوح التي تتأرجَح بين ذنبٍ واستقَامة، خالصَاً لوجهه سُبحانه وتعالىٰ، وأن يجعلنا مؤمِنات قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائحاتٍ، مُلتزمات بما شرّع الله ورسوله..
أحمدُ الله دائماً على نعمة الانشغال، وعلىٰ نعمة اليوم الذي لا يخلو من المهام، وعلى محاولاتي المتكرّرة رغم الفشل، سعيي الدّائمُ لئلا أضيّعَ شبابي في التّفاهات، أو أقضيه في جمع الحصىٰ، أحمد الله على ازدحام أيّامي وانشغالي فيما ينفعُني، وإنّها والله لأيّامٌ غداً سأذكُرها وقد بلغتُ المرام وأبتسمُ ابتسامةَ المحاربِ المُنتصِر، فما هذه الحياة إلا معرَكة، نحنُ جنودُها، وسيفُها المقاومة، فللّه مانحنُ به من كدّ، وللّه مانضحّي لأجلِه ونجُدُّ.