«فاعلَم أنَّ عملَك لن يؤدِّيَه غيرُك، وأنَّك مسؤولٌ عن تأديةِ مهامِّك على النَّحو الذي يُرضي الله عنك، وأنَّ بدايةَ الرِّضى عن النَّفسِ خديعةٌ ومهلَكة، وأنَّ المؤمنَ في سعيٍ دائمٍ حتى لو لم يرَ النَّتائج، وأنَّ ما شاء الله كان، بغمضةِ عينٍ والتفاتتِها، وما لم يقدَّر له الوقوعَ فلن يأخذَ مجراهُ بالحدَثِ لو قُرِضَتِ البشريَّة بالمقاريض. مَن وطَّن نفسَه عند قدرةِ الله ومشيئتهِ ارتاحَ واطمأنّ، ومَن حاربَ في غيرِ معركتِه لن يحصُدَ غير الأسف، فازهد فيما مضى، واعرف قدْرَ ما تبقَّى، وتعلَّم، يرفعِ العلمُ صاحبَه درجات»
بِسم الله نبدَأ جلسَة سَعيٍ من السَّاعَة 22:00 إلى السَّاعة 00:00 بتَوقِيت القُدس.
«خلال انشغالِكَ بالعِلم؛ اسأل الله تعالى بصيرةً تُجلّي لك الطّريق، وبَصَرًا يُريكَ المَسار، فَكَمْ مِن ساقطٍ على وَجههِ لمّا حُرِمَ البصر والبصيرة في سبيل العلم!
واسأله عزّ وجل صبرًا على السّير، فَكَمْ مِن سائر أُنهِكَ قبل البُلوغ، أو تَعِبَ قبل الوصول، أو أُثنيَ عن هدفِهِ قبل التمام!
واسأله سبحانه إخلاصًا في السّريرة، وتمامًا للمَسيرة، فكُلّ جُهدٍ دون إخلاص تعب، وكلّ رحلةٍ تتوقّف في مُنتصفِها نوع مِن النّصَب.
واعلم أنّا نعيشُ في زمان إعدادٍ وابتعاد، المُوفّقُ مَن أعَدَّ للآخرة نفسَهُ، والمَخذولُ مَن ابتعد»
«تذكَّروا السُّودان، هذا الشَّعب الطّيب الذي يُباد بصمتٍ، لأنَّ مجازر أخرى أخذت منه الأضواء! عليهم أن يُقتلوا ليلاً ونهاراً، لأنَّ المعادلة لم تستقِمْ بعد! لهذا ترى أن القتلة يحصلون على السِّلاح من بعضنا، بينما يستكثرون على القتيل رغيف الخبز! تذكَّروا ميانمار التي أُحرق أهلها أحياءً لا لسبب غير أنهم قالوا: ربُّنا الله! تذكَّروا الشيشان التي سُفكَ دمها دون أن يُحرّك أحد ساكناً، القتلى هناك مسلمون فلا بأس، أما أوكرانيا فعلى دينهم، والعلمانيون لا يتركون صليبهم وإن تركنا نحن قرآننا! تذَّكروا البوسنة، خمسون ألف مسلمة اُغتصبت في أحضان أوروبا المتحضرة، وحين ملُّوا قتلوهم في سيبرينتشا شرَّ قتلة! تذكَّروا اليمن، وليبيا، وكل مكانٍ سُفكَ فيه الدَّم لأن نتيجة صناديق الاقتراع لم تعجبهم! تذكروا ديمقراطيتهم التي تُشبه أصنام العرب المصنوعة من تمرٍ في الجاهلية، يعبدونها حيناً ويأكلونها حيناً آخر! لا تنسُوا القتيل وإن واراه التُّراب، ولا تنسوا القاتل وإن غسلَ يديه ولبس بذلة أنيقة! من ينسى ستجبره الأيام على أن يتذكر، ولكن وقتها لن يكون قد بقي له الكثير، سيموت وغصته في قلبه لأنه نسي!»
«لا تنسُوا غزَّة! لا تنسُوا القتيل، ولا تنسُوا القاتل! احفظُوا وجوه شهدائكم جيِّداً، واحفظُوا أيضاً وجوه القتلة! تذَّكروا لأيِّ شيءٍ قُتلَ القتيل، ولأيِّ شيءٍ قتله القاتل! تذكَّروا شُهداء العبور المجيد، الثُّلة الصَّادقة التي لا تُشبه عفن هذه الدُّنيا! هؤلاء الذين تربُّوا في حلقات القرآن الكريم حين كنَّا على غفلة! هؤلاء الذين حفروا الأرضَ بينما كنَّا نلهو! هؤلاء الذين صنعوا سلاحهم بأيديهم حين كنَّا نستورد كلَّ شيءٍ من الإبرة حتى الصَّاروخ! تذكَّروا نساء غزّة اللواتي تفتت أجسادهن بقذائف الغرب الذي يُحاضر فينا بحقوق المرأة! تذكَّروا أطفال غزَّة الذين تبخَّرتْ أجسادهم بصواريخ الغرب الذين يُحاضر فينا بتغيير المناهج، كي يكون أولادنا كيوت، ولا مخالب لهم، كي يضعوا الحِبال في رقابهم ويقتادوهم إلى المعالف أو الذَّبح! تذكَّروا العائلات التي مُحيت من السِّجلات! كلهم أهاليكم، وأنتم أولياء الدَّم، وأصحاب الثَّار!
لا تنسُوا سوريا! تذكَّروا كيف قُتلَ الأطفال بالكيماوي في الغوطة، فثارت حفيظة الغرب خوفاً على البيئة، اقتلوهم بالبراميل المتفجِّرة فهي أقل ضرراً بطبقة الأوزون! تذكَّروا صيدنايا مسلخ هذا الزمان! تذكَّروا اللحوم التي قُطعت وأصحابها أحياء! تذَّكروا الأجساد التي أُذيبت بالأسيد! تذَّكروا أخواتكم اللواتي اُغتصبنَ على مرأى ومسمعٍ من حضارة فاجرة لأن البديل لم يكن يومذاك مقنعاً لهم، ولأن الذي تعرفه أفضل من الذي لا تعرفه ولو كان سفَّاحاً! نحن في عيونهم مجرَّد أرقام، مئة ألف بالناقص ليست مشكلة كبيرة! هؤلاء الذين يبكون لقطة تُدهس في الشارع، لم يذرفوا دمعةً على أكوام جثثنا!
لا تنسوا العراق! تذكَّروا كيف أُحرقت الفلوجة، لأنَّ النِّفط أثمن من الدَّم! تذكَّروا سجن أبي غريب، وفظائع الفاتحين الجُدد الذين جاؤوا على صهوات الدَّبابات، يُحاضرون فينا بالديمقراطيَّة وحقوق الإنسان!»