فمتى حظيَ العبدُ بمعيَّة الله؛ هانَت عليه المشاقّ وانقلبَت المخاوفُ في حقّه أمانًا، فبِاللهِ يهون كُلّ صعبٍ، ويسهلُ كُلّ عسير، ويقربُ كُل بعيدٍ، وبالله تزولُ الهُمومُ والغُموم والأحزَان، فلا همّ مع الله ولا غم ولا حُزن، وإنما الحُزن كُلّ الحُزن لمن فاتهُ الله، ومن فاتهُ الله فبأيِّ شيءٍ يفرح؟!
قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} ..
عَلَّقَ سبحانَه الهدايةَ بالجهادِ ؛ فأكملُ النَّاسِ هدايةً أعظمُهم جهادًا، وأقرضُ الجهادِ جهادُ النَّفس و جهادُ الهوى و جهادُ الشَّيطان و جهادُ الدُّنيا؛ فمنْ جاهدَ هذه الأربعةَ في الله هداه الله سُبلَ رضاهُ الموصلة إلى جنَّتِهِ، ومن تركَ الجهادَ فاتَهُ من الهُدى بحسب ما عطَّلَ من الجهاد.
"إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السَّائل عليه، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له، وفيها هلاكه وشقوته، ويكون قضاؤه له من هوانه عليه، وسقوطه من عينه، ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له".
من أسباب زوالِ الهُموم وغفرانِ الذُّنوب .. الصَّلاة على النَّـبي ﷺ ويـوم الجمعة يكون أثر الصَّلاة أعظم، قال النَّبي ﷺ للمصلِّي عليه : " تُكفى همُّك ويُـغفر لك ذنبك " ..! ﷺ
من طلب الله بصدقٍ وجده، ومن وجده أغناه وجوده عن كلِّ شيء. ومن وصل إلى هذا الغنى قرّت به كلّ عين؛ لأنَّه قد قرّت عينه بالله والفوز بوجوده، ومن لم يصل إليه تقطّعت نفسه على الدُّنيا حسرات.
وقد قال النَّبي ﷺ: «من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللّه غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ» رواه التِّرمذي.
فهذا هو الفقر الحقيقي والغنى الحقيقي، وإذا كان هذا غنى من كانت الآخرة أكبر همّه، فكيف من كان الله عزَّ وجلَّ أكبر همّه؟! ».
إذا حملت على القلبِ همومَ الدُّنيا وأثقالَهَا، وتهاونتَ بأورادِهِ التي هي قُوتُهُ وحياتُهُ؛ كنتَ كالمسافرِ الَّذي يُحمِّلُ دابَّتَهُ فوقَ طاقتِها، ولا يُوفِّيها علفَها؛ فما أسرع ما تَقِفُ به!