🔆 التفكر في الموت والقيامة
«يا أبا ذر، لو نظرتَ إلى الأجل ومصيره لأبغضتَ الأملَ وغرورَه.
يا أبا ذر، كنْ كأنّك في الدنيا غريب، أو كعابر سبيل، وعدَّ نفسَك من أصحاب القبور».
إنّ الأجل هو اللحظة التي يغادر فيها الإنسان دنياه. فهو بعد طيّ مسيره الدنيوي يصل إلى مصيره الأخروي، وهذه خاصيّة الإنسان، إذ الحيوانات لا (مصير) لها.
فالأجل هو أوّل الآخرة وخاتمة الدنيا، وتبدأ عمليّة الحساب بعد الممات مباشرة، والقبر هو المصير الأوّل:
«القبر إمّا روضةٌ من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النيران» .
والمصير الذي يلي القبر هو يوم القيامة. أما المصير النهائي فهو إمّا الجنّة أو النار.
هناك كثير من الناس يبذلون ما يستطيعون من الجهد خلال فترة شبابهم وقوّتهم، ولا يريحون أنفسهم إلا قليلاً، ولكنّهم يضحّون بـ (مسيرهم) لحساب (مصيرهم)، كما أنّ كثيراً من الناس يقضون (مسيرهم) باللهو واللغو ويقولون: ليكن (المصير) ما يكون!!
إنّ الطفل الذي يعِدُه أبوه بالجائزة إن استحمّ وتنظّف، يدرك على مستواه معنى وضرورة التضحية بالمسير لصالح المصير، أي أنّه يتحمّل إزعاج الاستحمام من أجل الوصول إلى الجائزة الموعودة، إلا أنّ كثيراً من الكبار ـ مع الأسف ـ يضحّي بالمصير من أجل المسير.
إذا فكّر ابن آدم في عاقبة الأمر وتساءل مع نفسه عمّا سيكون مصيره؛ الجنّة أو النار، حيث مطلق النعيم أو مطلق العذاب والسخط، فإنّه لن يغفل بعد ذلك عن ذكر الله تعالى، ولن تخدعه أمانيه، وسيقول لنفسه: إنّ أولئك الذين قضوا نحبهم كانت لهم آمالهم، الصغير منهم والكبير، ولكنهم رحلوا جميعاً مع أمانيهم وآمالهم.
وحين يفكر الإنسان بهذه الطريقة المتعقّلة، سيهجر أمانيه. لاشك أنّ مجرد التمنّي ليس أمراً معيباً، ولكن ما يعتوره من الكذب والغرور يجرّ ابن آدم إلى حيث وادي الغفلة والجهل والضياع.
#مقتبسات من كتاب
#ياأباذر#المرجع_الشيرازي #مكتب_بيروت #للاشتراك_في_القناة_على_التلغرام https://t.center/alshirazzilib