"أقفُ على عتباتِ الدعاءِ وفي ظهري حسنُ الظنِّ، وأمامي كلُّ العوائقِ والعقباتِ وسننِ الكونِ التي لا تتغيرُ، والعلمُ الواصلُ لحدِّ اليقينِ يتناقضُ داخلي مع التسليمِ الكاملِ وتفويضِ الأمرِ لمن له الأمر، فأرفعُ يدي ولا ينطلقُ لساني، أقولُ يا رب.. ثمَّ أتوقفُ، وأعاودُ فأقولُ يا رب.. ثمَّ تأتي ألطافُ اللهِ تمسحُ على قلبي، وأتذكرُ أنَّ في كلِّ بلاءٍ نعمة، وفي كلِّ دعاءٍ منحة، وكلُّ أمرِنَا خيرٌ بإذن الله...🤍
للّٰهِ دَرّكَ كم سرت في دربِ التعافي مترنّح الخطى ومُهتّز البصر غير أنّ إيمانك بوصلتك وإرادتك عكّازك وقوّتك رغبتك في أن تواجه الحياة وتطبِّب جراحك، لأنّك أهلٌ للحياة، فأبشر لعلّ ساعة التعافي تكون قريب.
يعجبني "الإنسان الطيب الفطِن"، ذاك المهضوم حقه بين الناس وهو يدري ذلك، لكنه آثر حسن الخُلق والخِفة على قلوب من حوله وإن فاته بسبب ذلك حظ أو حظوظ من الدنيا، غير أنه ينظر إلى ما عند الله.
حين ننظر في الوصايا القرآنية والنبوية نجد أن أعلى مرتبة قد يصل إليها الإنسان هي مرتبة "الإحسان"، والإحسان في التعامل مع الناس هو أن تكون متفضِّلًا بحقك عليهم رجاء في إبقاء الود، فالمُحسن هو الذي يعفو عمن ظلمه ويتواضع لغيره وينفق على من حرمه، وكما قال نبي الله عيسى عليه السلام: "إنما الإحسان أن تُحسن إلى من أساء إليك، ليس الإحسان أن تُحسن إلى مَن أحسن إليك".
أصحاب الوجود الهادئ، والرضا بالقضاء، والعمل في غير صخب، والاهتمام بمن يعولونهم من غير مَنٍّ ولا أذى، المتواضعون من غير ذلة .. أولئك أهل الإحسان الذين إن خفتت أصواتهم في الدنيا عَلَت في الآخرة.
"في نهايةِ كلِّ يومٍ عَصِيب.. أدعُو الله أن يَرزقني رحَابة الصَّدرِ، وأن لا تَنطفىء الدُّنيا في عَيْنِي حتّى لا أملَّ السَّيرَ، أو تقِلُّ مُحاولاتِي نَحْوَ السَّعي؛ حتّى لا تَغلِبُني الأشياءَ حَوْلِي أو تهزِمُني
أدعوكَ يا ربّ أن لا تَغلِبُني هذه الدُّنيا أكثر، أو تُشقِيني مُكَابدتها.. أنا الَّذِي لا حَول لي ولا قُوَّة بها
أتجول في شوارع دمشق مساءً، فأسمع صوت سب للرب، من فتيات يمشين في الطريق وأصوات ضحكاتهن تملؤه، يذهب صديق كبير في السن ليسمعهن مالا يحببن ثم يعود مستشيطاً، ندخل إلى المحال لنشتري شيئاً نأكله فنشاهد مالا يسر، مشاهد يندى لها الجبين، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به، حمل تنوء به الجبال، هل سيقتنع العبيد بالحرية؟ وهل سيقتنعون بالدين الجديد؟ أسئلة تعصف في ذهني ولا أجد لها جواباً، ربما أنا الذي كنت أمسك زمام الأيام أن تفلت من يدي، أرخيه حتى تُطوى بسرعة لأرى ماذا سيحدث؟ تطوف بي حادثة فتح مكة والطلقاء، ثم ارتداد العرب قاطبة، ثم تسخير الله للإسلام أجناداً كأبي بكر وعمر، يستأصلون شأفة البغي ويعيدون للإسلام هيبته. أبا بكر قم فانهض فإن الحمل ثقيل، من لليالي الحالكات والدروب الطوال؟ وقد خلت السماء من النجوم، ربنا هيء لنا من أمرنا رشداً واهدنا وسددنا والحمد لله رب العالمين.
"ويمُرُّ العُمر، ويبقى مطلبي الوحيد ألا تخيب اختياراتي، وألا أفقد السكينة في كلِّ شيءٍ أقصده، في المكان وفي الرفقة، في البقاء وفي الرحيل، في الحركة وفي السكون. ألا يمسَّني فزعٌ ولا شكٌ ولا خيبة، وأن تغمر الطمأنينة قلبي وتحفّه كشيءٍ يحميه من نوائب الدَّهر!"
«في مجتمعاتٍ غير متزنةٍ، ووسط سيلٍ جارف من التكرار والتشابه، والجهل، والتعصب والكبت والزيف، هناك أشخاص يسعون لاستعادة أنفسهم، لإسترداد فطرتهم السوية، لتهذيب انفعالاتهم ورغباتهم، بعيداً عن الأضواء في صمت وعُزلة، هؤلاء هم الأبطال، هم الصفوة، هؤلاء هم الحقيقيون»..
المُتْعَبون في دروب الدنيا! بين يديكم مستراح القلوب في السجدات! المُثقلون بجراحات الذنوب:دونَكُم كوثر العفو فانهلوا منه سلسبيل الشفاء! القلوب التي أنهكها انتظار الإجابة: أطلَّت عليكم نسائم البشرى بالكرم! يا من هو مثلي! ضعيفٌ مسكينٌ مذنبٌ فقير: تعالَ نتكئ على طمعنا في رحمته وعفوه!
الحياةُ صعبة، لكنك يا ربُّ ترى عبدَك يعيشها بمواساة نفسه بأن نهاية الطريق إليك، بتعويد عينيه على الانشغال بما أنعمت به عليه عما منعته عنه، وبتهدئة قلبه بأنه تحت سمعك وبصرك ورعايتك وحنانك.