"إنها القساوات الصغيرة التي توجعك، ليس الأذى الكبير أبدًا، الأوجاع التي تستطيع أن تؤشر عليها وتقول "أوه، أرى تلك الكدمة" لكنها الجراح التي لا تعي وجودها حتى يومًا ما بينما تشرب حساء شمّار أو تستلقي متشمسًا على حافة مسبح ولا تستطيع أن تتحرك، لا تستطيع أن تفعل أي شيء، لأنك تفكر: حسنًا، ثمة شيءٌ ميتٌ فيّ، مالذي أُقترف بحقي، ولماذا سمحت لذلك أن يحدث؟ والآن، والآن، والآن…"
لم أعد أخذ الحياة على محمل الجد فلا شيء ثابت فيها الأيام تتقلب كل يوم أطول وأتعس من الأخر والرفاق يتغيرون كل فترة يرتدون وجه مختلفا والأحبة يرحلون ويتركونك كل صباح تقف أمام المرآة تتحسس التجاعيد والهالات السوداء المحيطة بعيونك التي خلفتها الليالي وغيابهم والمشاعر تتلون بلا نهاية بين اللحظة والأخرى يحدث أن تنام حزينا وتستيقظ سعيدا تبدأ نهارك بشعور خفيف وتلعن الحياة عند الظهيرة وتراودك رغبة بالهروب من كل شيء عند نهاية النهار بكل بساطة الحياة ملهاة وكوميديا سوداء سرك ومسرح نحن رواده ونحن الممثلون نؤدي أدوارنا بإتقان لا تأخذ الحياة على محمل الجد فلم يحدث أن خرج منها أحد حيًّا
لم يحدث أن تصرفت أو تحدثت بعدوانية أو قسوة مع إنسان ، سواء كان قريب مني أو بعيد ، صديقا أو غريبا ، مهما كانت مساحة الخلاف شاسعة بيني وبينه ودرجة الخصومة عالية ، أميل دائما للتصرف بحكمة ومراعاة الأخر ؛ ليس ضعفا مني أو خوفا ، إنما سلوك تعلمته منذ الطفولة إثر حادثة في طفولتي ارتكبتها بحق أحد أقراني في لحظة خصام ، شعرت بالذنب كثيرا بسببها وتحول هذا الشعور إلى سلوك ، أصبحت بعد ذلك أحاول ألا يكون رد فعلي مساويا للفعل ، بل أصبحت أقيس ردة فعلي بمقياس خاص وذاتي ، أضع نفسي في مكان الشخص الذي ستتوجه نحوه ردة فعلي حتى إذا كان فعله سيء ، فإذا وجدتها تنطوي على أذى ، إتجاوزها بحكمة واتجاوز معها الشخص وفعله السيء!
حين تبدو السماءُ رماديّةً وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً من شقوق جدارْ .. لا أقول : السماء رماديّةٌ بل أطيل التفرُّس في وردةٍ وأَقول لها : يا له من نهارْ ..
ذلك الشخص الذي قصم الأحبة ظهره ومرغت كواسر الحياة عمره في وحل خيبات الأمل وجرعته الأقدار من السيناريوهات والتوقعات والإحتمالات أسوءها قد يكون الجحيم بالنسبة له في هيئة ذاكرة لا تخون
في صدري تنهيدة ثقيلة جدا مستغرقة في نوم عميق منذ شهور ، أيقظها قبل أيام موقف مشابه للموقف الذي تمخضت منه تلك التنهيدة ، هاهي منذ لحظة استيقاظها قبل أيام لا تكف عن الركض والاندفاع داخل صدري مثل وحش جامح، ولا تتوقف عن خدش جدران صدري بأظافرها الحادة بحثا عن مخرج طوارىء ولم تجد ، لم أعد استطيع تحمل الألم الصادر من خدوش أظافرها ، حاولت تقديم يد المساعدة لها لكن ليس في يدي ولو قليلا من الحيلة... أنا أكتب الأن لإنني لا أضطر إلى الكتابة إلا بعد نفاذ كل الحلول والحيل الممكنة ؛ فدائما ما كانت الكتابة بالنسبة لي الحيلة الأخيرة ومخرج الطوارىء الأخير!