طفلة الحسين عليه السلام - في رثائها
.
.
في ربى قاسيون قبرٌ صغيرٌ
فيه غصنٌ من البتول نظيرُ
تربةٌ هوّمَت رقيّةُ فيها
حضن الطهر رملُها والحفيرُ
عندها من محمّدٍ وعليٍّ
والحسين الشهيد شيءٌ كثيرُ
والسمات الطيّبات تراثٌ
يتجلّى به البشيرُ النذيرُ
يحمل العبرة الصريحة إنّ الـ
حقّ يبقى، ويذهب التزويرُ
والضريح الّذي يضمّ نسجاً
علويّاً بالاحترام جديرُ
يطل الورد عاطش الروح منه
وبيوت النبيّ نبعٌ نميرُ
_ حفلت بالشموخ مبنىً ومعنىً
فالمزايا جنباً لجنبٍ تشيرُ
أيه بنتَ الحسين يومكِ يُسرٌ
وأمام الطغاة يومٌ عسيرُ
_أُنظري خربةً أقمتِ بها بالشام
تُرُب فراشها وحصيرُ
إنّها عبرةٌ على شفة التاريخ
يشتارها السميعُ البصيرُ
أنتِ فيها رمزٌ وصرخةُ حقٍّ
عند سمع الطغاة منها هديرُ
صاح فيها صوت الضمير وعدلٌ
في الموازين لو أفاق الضميرُ
سيطال الخراب أروقة الظلم
ويجتاح صرحها التدميرُ
وسيبدو للتائهين بأنّ الله
في فعل ما يشاء قديرُ
أيّها الشجنة الّتي أذبلتها
لوعةُ الأسر والفلا والهجيرُ
فهي من زحمة القيود على الصدر
أنينٌ شهيقها والزفيرُ
طفلةٌ يكمن الذهول بعينيها
فيبدو بدمعها التعبيرُ
_فهي جسمٌ يدافع السوط بالكفّ
وعينٌ بدمعها تستجيرُ
يا لَوجدي وقد مررتُ عليها
وعلى القبر من أساها سطورُ
فبدى طيفها لعيني نِضواً
من سياطٍ حدا بهنّ الغرورُ
قد تعاورنها ودُرن عليها
وهي من وقعها الأليم تدورُ
وبراها السرى، ففي عودها الناحل
وهنٌ مبرّحٌ وضمورُ
تسأل الأُمّهات أين أبوها
كيف أغضى وهو الشفيق الغيورُ؟
كُنّ يوهمنها بأنّ أباها
غائبٌ، حان عوده والحضورُ
غير أنّ الغياب طال عليها
والعشيّ امتدّت بها والبكورُ
وألحّت تريده ذات يومٍ
فهو في قعر ذهنها محفورُ
فأتوها بالرأس أذيل خدّيه
هجيرٌ ونحره منحورُ
فهوت فوقه وأغفت كما
أغفى على دفء أُمّه عصفورُ
حضنت رأسه وأسلمت الروح
وجفّت كما تجفّ الزهورُ
أيّها الزائرون، في ودّ ذي القربى
سعيتم، فسعيكم مشكورُ
هل لمحتم شمائل الأُمّ في البنت؟
فللفرع ما روته الجذورُ
ما هو القبر، بل شعائر قدسٍ
في محاريبها يطوف الشعورُ
يُكتب السعي في المسير إليها
فهي آثار فضلها مأثورُ
الثمو تربها الطهور احتساباً
إنّ ترباً ضمّ الطهورَ طَهورُ
.
.
📚 أبيات مُقتبسة منسوبة للشيخ احمد الوائلي (رحمه الله) ، السیدة بنت الحسین علیه السلام رقیة علیها السلام ص ٤٥٩ - بتصرف.
.
.
_
#في_رثائها#طفلة_الحسين_عليه_السلام#صديق_الله#واقعة_الطف#محرم_1443#عاشوراء_1443