آلاف الشهداء وأحياء سويت بالأرض! كيف يُسمى هذا "نصر"؟!
أهم ما فعله الإسلام في الصحابة أنه قوَّض كل الحسابات المادية في أعينهم، من ذلك فكرة "العدد"..
فحين تكلم عن العُدة قال: "كمْ من فئةٍ قليلة غَلبتْ فئةً كثيرة بإذن الله".. وحين تكلم عن الإنفاق قال: "أنفقْ بلالًا ولا تخشَ من ذي العرشِ إقلالآً".. وحين تكلم عن الشهداء قال: "ولا تقولوا لمن يُقتلُ في سبيل الله أمواتٌ".. وحين تكلم عن استنقاذ النفس المؤمنة قال: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناسَ جميعًا"
حين تكلم عن كل حسابات الدنيا قال: "متاعٌ قليل ثم مأواهمْ جهنم"
المقاييس في الإسلام مختلفة، لأنه عقيدة وإيمان قبل أن يكون سلوكًا وفعلًا، فالنصر ليس عددًا فقط..
إضعاف العدو نصر، مراغمته نصر، غيظه نصر، كسر هيبته نصر، الثبات نصر، الفتح لدين الله نصر، جعل كلمة عدو الله السُّفلى وكلمة أولياء الله هي العُليا نصر..
كل رزق للمؤمنين نصر من الله، كما قال الشنقيطي!
بل من عجيب ما سماه القرآن نصر؛ صدق وعد الله للمؤمنين "ويَومئذٍ يَفرحُ المؤمنونَ بنصرِ الله" فالنصر لم يكن لهم بل كان لعدوهم على عدو عدوهم، لكنه صَدق وعد الله لهم!
لذلك لاحظ كيف سمى العلماء حديث "لا تَزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم" حديث "الطائفة المنصورة"!
موازين المؤمن مختلفة.. لو كان للعدد قيمة ما بايع الصحابة تحت الشجرة، وما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة للمدينة، ولا خرجوا من المدينة لجزيرة العرب، ولا خرجوا من جزيرة العرب للفرس والروم..
لو كان للعدد قيمة ما وصلك هذا الدين.
#نقلا