في هذه الحياة، لا شيء يستمر إلا ما يُمنح ويُسترجع. كل شيء في الكون خُلق ليُعطى ويُأخذ، ليُعانق ويُحتضن، فلا وجود للثبات في أحادية. إن الزهور لا تتفتح إلا بلمسة ضوء الشمس، والشمس لا تشرق إلا لتغذي الأرض، وهذا هو سر الاستمرارية.
كل ما هو متبادل يتجدد. العطاء لا يُقاس بكمية ما نقدمه، بل بنبض القلوب التي تقابله. الحب الذي نسقيه يعود إلينا بطرائق لم نكن نتوقعها، ربما بلحظة، ربما بكلمة، وربما بابتسامة تُضيء عتمة الأيام.
لكن حين يتوقف التبادل، حين يصمت الصوت، وحين تنكسر الحبال التي تربطنا بالآخرين، كل شيء يتناثر في الفراغ، وتضيع المعاني كما تضيع الحكايات في أزقة الزمن.
فالحياة تعلمنا أن الاستمرار ليس في انتظار شيء لا يعود، بل في القدرة على إعطاء المزيد، دون أن ننتظر المقابل. الاستمرار يكمن في العطاء الذي لا ينضب، في الوفاء الذي لا يتوقف، في الصدق الذي لا يضعف.
في النهاية، كل ما هو متبادل مستمر. كل يد تمتد ستجد يدًا أخرى تنتظرها، وكل قلب يفتح أبوابه سيجد قلبًا يحمل مفاتيح جديدة، لأن الحياة لا تُبنى على ما نأخذه، بل على ما نُعطيه، وهذا هو السر الذي يجعلنا خالدين في ذاكرة الزمن.💙💙💙💙💙
هناك مسافات لا تُقاس بالكيلومترات، بل بالخذلان الذي يتركه الغياب في القلب. أنا لا أعد الساعات، فهي لا تمر، ولا أنظر إلى النوافذ، فهي لا تحمل وجهك. أعيش بين لحظة فقدك ولحظة أملٍ في عودتك، كأن الزمن انقسم إلى شقين: أحدهما أنا، والآخر أنت.
أتعلم؟ الغياب ليس انطفاءً، بل هو اشتعالٌ بطيء، يحرق أطراف الروح دون أن يُطفئ الشوق. كلما أغمضت عيني، رأيتك أقرب مما تظن، لكن يدي تظل معلقة في الهواء، تبحث عنك ولا تجد إلا الفراغ.
أكتب إليك لأن الكلمات لا تخونني كما فعلت المسافات. أكتب لأن البكاء وحده لا يكفي، ولأن الحنين صاخبٌ جدًا ليُحبس في الصمت.
أعود إلى ذكراك كما يعود الغريب إلى وطنٍ لا يعرفه، وأتوه في ملامحك التي لا تفارقني، وكأنك وعدٌ لم يُكمل رحلته إلى قلبي.
وحين يسألني الغياب عنك، أجيب: "هو هناك... بين الحلم والحقيقة، هو غائبٌ لا يُنسى، وقريبٌ لا يُمسك."💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙
أيها البعيد القريب، كم مرةٍ حاولت أن أخبر المسافات أنها لم تنتصر؟ أنك هنا، رغم كل هذا الغياب، تسكن في تفاصيل الوقت الذي يتباطأ كلما ذكرت اسمك. أحاول أن أتنفس دون أن أستحضر ظلك، فأجد أن الهواء مشبعٌ بك، وأن الصمت يحمل صوتك في أصداء الحنين.
لم يكن الفراق مجرد مسافة؛ كان خيطًا من حريرٍ يلف عنقي، يشدني كلما حاولت الانفلات من ذكراك. أنت لست بعيدًا عني، أنت غائبٌ في ملامحي، في ارتعاشة يدي حين أكتب، في ارتباك عيني حين أبحث عنك في وجوه العابرين.
كيف أشرح لهذا العالم أنني لم أفقدك؟ أنك صرت جزءًا من كل شيء؛ ضوء القمر الذي لا أستطيع لمسه، وصوت المطر الذي لا أستطيع إسكاته، ونسمة الهواء التي تلامسني لتخبرني أنك هنا.
أكتب إليك لأن الكتابة هي الشيء الوحيد الذي لم يغادرني، وأعلم أنك لن تقرأني، لكنني أكتب. لأنني إن توقفت، سأضيع بين واقعٍ لا أراك فيه وحلمٍ لا أستطيع استعادته.💙💙💙💙💙💙💙
لو جئتني، لوجدتَ الأرض تُبدّل وجهها، والسماء تُطري العابرين باسمك. لوجدتني قصيدةً شاخت في انتظار قافيتها، ونهرًا عطشًا يتوسّل قطرة منك. يا أنت، كيف للحزن أن يكون شفافًا إلا حين أكتبه باسمك؟ وكيف للفراق أن يُزهر صبارًا في حدائق الروح؟
لو جئتني، لوجدتني سحابةً أثقلها البكاء، وريحًا هائمة تبحث عنك بين جهات الكون الأربع. أعماني غيابك كما يعمى القلب عن النبض حين يضيع سبب الحياة. وأنت... أنت يوسفُ دهشتي، الحلمُ الذي أغلق بابه خلفي وتركني أترنّح في فراغ الغياب.
يا غائبًا يتكئ على أطراف الذكرى، كيف لي أن أخبرك أنني صرتُ وطنًا ينقصه سُكانه؟ أنني أرتقُ المسافات بحنينٍ يكبر كلما ظننتُ أنني نسيتك؟
لو جئتني، لوجدتني الحرف الذي لم يُكتب، النغمة التي خانها العزف، والبكاء الذي يسكن في صمت المقابر. لكنني، رغم كل شيء، لا زلتُ أنتظر... ففي الانتظار حياة، وفي عودتك خلاصٌ يليق بي.💙💙💙💙💙💙
"لن يهزم شخص متصالح مع نفسه.. يرى عيوبه بقبول ، يتعلم من العثرة التي وقع بها ، يعتذر إن أخطأ ويصلح إن كسر ، يحاول جاهدًا الا تحركه الكلمات ، يعطي بلا شروط ، يقاوم العواصف مؤمنًا أنها سَتمر ، يعيش متفهمًا أن الحياة لا كمال فيها وأن المرء لن ينال رغم سعيه إلا ما كتبه الله له 💙💙
أشعر بتخمة من الشعور، لدي فائض من الفرح والحزن والحب والمغفرة والعتب والأسى، أشعر أن على حادثة ما أن تثقبني، كي يتسرب هذا السيل، كي أتوقف عن التراكم فوق بعضي 💙
"تركض وتركض ، تظن أنك كُدت تصل ثم لا نهاية للطريق ، تسعى في الطُرقات كُلها ولن تجد لها نهاية ، هكذا تلهث بيأس والأمل يأخُذ بأرجُلك للأمام اللامُنتهي💙."