من أعظم ما يقوم به المسلم في أوقات الشدة وضعف الأمة عامة: أن يحث إخوانه على حسن الظن بالله سبحانه مع حسن العمل، فحين الشدائد والضعف يدخل الشيطان مداخله، بين سوء الظن بالله وبوعده، وبين تعليق النصر على صورة معينة، وبين الشعور بالإحباط واليأس والانكسار، وهذه أمور يفرح بها العدو، وهذا الذي يريده.
ولا شك أن العجز عن نصرة إخواننا وجع في القلب وجرح لا بندمل إلا أن نكون معهم وفي خندقهم، ويبقى الأمل بالله العظيم.
﴿إِذْ جَآءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلْأَبْصَٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠* هُنَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا۟ زِلْزَالًا شَدِيدًا*وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورًا ﴾
يقول الشيخ السعدي: {وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠} أي: الظنون السيئة، أن اللّه لا ينصر دينه، ولا يتم كلمته.
{هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} بهذه الفتنة العظيمة {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} بالخوف والقلق، والجوع، ليتبين إيمانهم، ويزيد إيقانهم، فظهر -وللّه الحمد- من إيمانهم، وشدة يقينهم، ما فاقوا فيه الأولين والآخرين. وعندما اشتد الكرب، وتفاقمت الشدائد، صار إيمانهم عين اليقين، {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}
[أما] عادة المنافق عند الشدة والمحنة، لا يثبت إيمانه، وينظر بعقله القاصر، إلى الحالة القاصرة ويصدق ظنه.