في حدود عام (922هـ ـ 1516م):
اجتمع علماءُ وأعيانُ وأشرافُ بلادِ الشام سرًّا في مدينة عينتاب شمالَ حلب، ثم قرَّروا أنْ يتولى قضاةُ المذاهبِ الأربعةِ كتابةَ عريضةٍ يُخاطبون فيها السلطانَ العثمانيَّ (سليم الأول).
ومما جاء في هذه العريضة:
إنَّ أهاليَ بلادِ الشام قد ضاقوا ذرعًا مِن ظُلم المجرمينَ والباطنيةِ الذين تَسلَّطوا عليهم، فانتهكوا حرماتِ الدينِ ودماءَ المسلمين، وإنَّ السلطانَ إذا قرَّر الزحفَ على هؤلاء الطغاةِ فإنَّ أهلَ الشامِ سيُرحِّبون به ويُؤازرونه ...
فدخل السلطانُ سليم بلادَ الشام، فنَصَر المستضعفينَ وأعزَّ أهلَ الإسلام، وأوَّلُ ما فعله عندَما وَصَل إلى دمشقَ أن اغتسل شرقَ حيِّ العمارةِ، ثم ذهب لصلاةِ الجمعةِ بالجامع الأموي، وبعدَ الصلاة أكرم الخطيبَ والأئمةَ والمؤذِّنين، ثم أقام بسوق الخياطين، وأمر بإكرام جميعِ الأئمة والعلماءِ والمدرِّسين، واستمر في الإنفاق على أهل دمشقَ وضواحيها ثلاثةَ أيام، ورفع المظالمَ ونادى في دمشقَ بالأمان ...
ثم كان أولُ الأوامرِ التي أصدرها السلطان سليم ببلاد الشام تنظيمَ أمورِ الفتوى، وترتيبَ مناصبِ العلم والسياسةِ فيها، ونصَّب قاضيًا لكلِّ مذهبٍ مِن المذاهب الأربعة.
هذا ما شاهده ودوَّنه الأئمَّة المؤرِّخونَ والمحدِّثون، فدعْ عنك ـ أيها العاقل ـ ما افتراه الصليبيونَ وأتباعُهم القوميون!
ومَن أراد الاستزادةَ فعليه بكتاب (العثمانيون في التاريخ والحضارة) للمؤرخ البروفسور محمد حرب: ص140، وبالتتمَّةِ الحاديةَ العشرةَ التي ألحقتُها بتحقيقي لكتاب (قلائد العقيان): ص199.
وكتبه الفقير إليه تعالى محمد وائل الحنبلي الدمشقي