في قصة أصحاب الأخدود؛ أجرى الله للغلام آيات تكسر قانون الأسباب حينما كان داعية طور التكوين:
- قتل الدابة بإذن الله، حتى تيقن من خيرية أمر الراهب ودعوته، ومن الشر المبير المستطير في أمر الساحر!
- أعطاه الله من الآيات ما يكسر قانون الأسباب مثل (القدرة الشفائية بإذن الله)، وذلك حين كان المجتمع على الكفر والضلال، فكان بحاجة إلى عون إلهي عيني مُعجز يحبب الغلام إلى الناس ويرفع قدره بينهم ليقدر على إبلاغهم دعوته!
- ومن الآيات: (رد البصر لجليس الملك الأعمى)!
ثم عزز الله أمره بأن حطم له قانون الأسباب مرات أخرى:
- نجَّاه الله من الجبل، إذ صعده الجند به ليردوه من أعلاه!
- ونجاه الله من الغرق، إذ توسط به جند آخر البحر ليغرقوه!
في كل مرة، رجع الغلام يمشي إلى الملك، يدفع إليه خبر جنده الذين هلكوا، ويعلمه بنجاته التي تحال في عالم العقل والسبب!
- ثم كان (عجز الملك الظالم عن قتل الغلام، إلا بسهم من كنانته، وبقول: بسم الله رب الغلام) معجزة أخرى تخرق قانون الأسباب!
فلما قُتِلَ الغلام، وآمن الناس، وشق لهم الملك الظالم أخدودا عظيما، وأضرم فيه النيران، وألقاهم به - لم يكسر الله قانون الأسباب لينجيهم هذه المرة!
بل حينما حدث ذلك الكسر مجددا لقانون الأسباب - لم يكن لينجيهم، بل ليحثهم على الصبر - في حادثة الرضيع الذي تكلم ليحث أمه على الصبر والإقدام على الموت في سبيل الله!
ندرك من هذا: أن النجاة الحقيقية هي في ذلك الموت النبيل في سبيل الله، لا في البقاء الدنيوي الذي ينهيه الموت ولو بعد حين.
وما كانت تلك الخوارق لقانون الأسباب ونجاة الغلام في الدنيا إلا بالقدر الذي يمكنه من بلوغ مراده في دعوته وهي نجاة المجتمع الحقيقية التي تكمن في الموت في سبيل الله فتتحقق بذلك نجاتهم وفوزهم في الآخرة، فلما تم له ما شاء الله أن يتم - قبضه مقتولا في سبيله، ثم قبض تلك الثلة المؤمنة مقتولة - قتلة دنيوية شاقة - بالحرق في سبيله.
فالنجاة الحقيقية (الموت في سبيل الله) فقد نجا من نالها وإن توهم الناس موته!
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).