◽عن العباس بن عبدالمطلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ذاقَ طَعْمَ الإيمانِ مَن رَضِيَ باللَّهِ رَبًّا، وبالإسْلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا . رواه مسلم (٣٤) .
▫يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث عن خاصية أختص بها الله المؤمن بأن جعله يشعر بلذة الرضا والإيمان بما يعبده ويتبعه من شرائع الدين . ▪ فيخبر ﷺ أنه "ذاق(أي أيقن في نفسه) طعم الإيمان"، وأدرك فحصل له ما حصل من حلاوة ولذة بالشعور بالإيمان، ▪ "من رضي بالله رباً" أي علم بهذا فأيقن به وقبلته نفسه، فرضي بأن الله تعالى هو الإله تعالى الواحد الحق، المتصرف في ملكوته وفي خلقه المدبر أمورهم، والذي بيده الخير، وكفر بكل ما يعبد سواه من المعبودات، ورضا بقضائه وقدره،
▪ "وبالإسلام ديناً" أي ورضي بدين الإسلام الذي شرعه الله تعالى بما فيه من الشرائع التي جاءت على لسان أنبيائه عليهم السلام وخاتمهم محمد ﷺ، وبشريعته الخاتمة للشرائع كلها، قال تعالى : ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ . [الجاثية: ١٨]، وأقر بما حرمه الله تعالى من المحرمات، ورفض ما غيره من الأديان والمذاهب السابقة .
▪ "وبمحمد رسولاً" أي رضي وأطمئن قلبه بأنه رسول الله وخاتم أنبيائه عليهم السلام، وأن الشريعة الذي جاء بها هي الدين الحق الصحيح من الله تعالى الناسخة لما كان قبلها من الشرائع، وأن هذا الدين لا تبديل له إلى قيام الساعة، لأنه شريعة خاتم النبيين ورسالته خاتمة الشرائع .
▫وفيه أن المؤمن المتيقن المطمئن لهذا الدين الذي شرعه الله يحظى بلذة بالعبادة والإيمان، وفرغبة بأدائها لأن من أحب الشيء أتاه وقام به .
⇠ *الفضـــل:* مائَةُ درجةٍ، أعدَّهَا اللَّه للمُجَاهِدينَ في سبيل ﷲ.
▪︎عَنْ أبي هريرة، أنَّ رسولَ اللَّهِ -ﷺ- قالَ: «إنَّ في الجنَّةِ مائَةَ درجةٍ أعدَّهَا اللَّه للمُجَاهِدينَ في سبيلِ اللَّه، مَا بين الدَّرجَتَينِ كَمَا بينَ السَّمَاءِ والأَرضِ». 📘[رواهُ البخاري].
▪️ *قال الشيخ ابن باز -رحمه ﷲ-:* "المجاهد في سبيل ﷲ، الصادق المخلص، قد وعده ﷲ الجنة والكرامة... ﷲ أعد للمجاهدين في الجنة مائة درجة؛ ما بين كل درجتين مثل ما بين السماء والأرض، وهذا فضل عظيم وتشريف كبير للمجاهدين، خصهم ﷲ بهذه الدرجات في الجنة، مائة درجة تخصهم، ما بين كل درجتين مثل ما بين السماء والأرض، يعني مسيرة خمسمائة عام، وهذا يدل على شرف الجهاد وعِظَم فضله...".
◽قال صلى الله عليه وسلم : أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى . رواه الترمذي (٣٣٧٣) وابن ماجه (٣٧٩٠) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
▫ذكر الله تعالى له فضائل كثيرة وأجور عظيمة، وفي هذا الحديث يخبر النبي ﷺ عن فضل ذكر الله وأنه خير من أنفاق المال ومن ملاقاة العدو، وبدوام ذكر الله تعالى يلين قلب العبد ويزداد قرباً من الله فيكون أكثر إيماناً وأصدق نية وأخلاصا، ولاريب أن قوة إيمان العبد وصدق نيته من أهم مطلوبات مقومات الدين وبها تكتمل مجاهدة النفس ودفع وساوس الشيطان، فمن عجز عن أنفاق المال أو مكابدة العدو، فلا يغفل عن هذا العمل العظيم الذي عده النبي ﷺ خيراً منهما ترتيبا! لأن دوام الذكر يأتي بصفاء النفس فأيهما خير ؟ .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة، قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة» قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: «لأن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا».
[صحيح] - [متفق عليه]
شرح الحديث: روى عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الشجر الذي في الدنيا شجرةً لا تتساقط أوراقها مثل معظم الأشجار الأخرى، وهي مثل المسلم أي تشبه المسلم، حدثوني ما هي؟ أي أخبروني ما هي؟ والأمثال تقرب المعاني للفهم، وتجعله في صورة المحقق، والغائب كأنه مشاهد، فوقع الناس في شجر البادية، أي: ذهبت أفكارهم إلى شجر البوادي وذهلوا عن النخلة، فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع، قال عبدالله بن عمر: ووقع في نفسي أنها النخلة أي ظننت أنها النخلة، فاستحييت أي أنه خجل أن يجاوب؛ لأنه كان صغيرًا وفي المجلس من هم أكبر منه، فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها؟ ما هي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة، قال عبد الله: فحدثت أبي وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما وقع في نفسي من أنها النخلة، فقال عمر بن الخطاب: إن كنت قلت الإجابة لكان أحب إلي من أشياء أخرى.
لأن الأب يفرح بإصابة ابنه، وهذا شعورٌ حسنٌ لا يلام عليه الإنسان.
ووجه الشبه بين المسلم والنخلة هو كثرة خيرها، ودوام ظلها، وطيب ثمرها، ووجودها على الدوام، وليس كالنباتات الموسمية، وأنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى يجفف ويؤكل تمرًا، وبعد أن تيبس النخلة أيضًا يُتخذ منها منافع كثيرة، من خشبها وجذعها وسعفها، فيستعمل جذوعا للبيوت والسقوف وحطبًا وعصيًّا وحُصُرًا وحبالًا وأواني، وغير ذلك مما ينتفع به من أجزائها، ثم آخرها نواها -وهو الفصم الذي في داخل التمرة- ينتفع به علفًا للإبل وغيره، ثم جمال نباتها وحسن ثمرتها وهي كلها منافع، وخير وجمال، وكذلك المؤمن خير كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه ومواظبته على صلاته وصيامه وذكره والصدقة وسائر الطاعات.
اصطَفى اللهُ تعالى هذه الأمَّةَ بِأنْ أرسلَ إليها خاتَمَ الْمُرسَلِين، وسيِّدَ النَّبيِّينَ، صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وجعلَهم شُهداءَ له في الأرضِ ويومَ القيامةِ يَشهدونَ لِأنبياءِ اللهِ إذا ادَّعتْ أُممُهم إنَّهم لم يقوموا بِتبليغِ رِسالاتِ ربِّهم. وفي هذا الحديثِ: أنَّه لَمَّا مرَّتْ جِنازةٌ فَأُثْنى عليها الصحابةُ رضوانُ الله عليهم خيرًا قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وَجَبَتْ» أي: ثَبَتَتْ له الجنَّةُ، ثُمَّ مرَّتْ جنازةٌ أُخرى، فَأَثْنَوا عليها شرًّا، يعني وَصَفوها بما فيه ذمٌّ وانِتقاصٌ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وَجَبَتْ» يعني: وَجَبَ له العذابُ بما شَهِدْتم عليه، فقال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه: ما وَجبَتْ؟ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «هذا أثْنَيْتم عليه خيرًا، فَوجَبتْ له الجنَّةُ، وهذا أَثنَيْتم عليه شرًّا، فَوجَبَتْ له النَّارُ، أنتم شُهداءُ اللهِ في الأرضِ» أي: يُقبلُ قولُكم في حقِّ مَن تَشهدونَ له أو عليه.( الدرر السنية)
❍ قال النووي في "شرح مسلم" : " قاتل الله واضعها ومخترعها , فإنها بدعة منكرة من البدع التي هي ضلالة وجهالة وفيها منكرات ظاهرة . وقد صنف جماعة من الأئمة مصنفات نفيسة في تقبيحها وتضليل مصليها ومبتدعها ودلائل قبحها وبطلانها وتضليل فاعلها أكثر من أن تحصر " انتهى .
❍ وقال ابن عابدين في "حاشيته" (٢/٢٦) : " قال في "البحر" : ومن هنا يعلم كراهة الاجتماع على صلاة الرغائب التي تفعل في رجب في أولى جمعة منه وأنها بدعة . . .
❍ وسئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله : هل تجوز صلاة الرغائب جماعة أم لا ؟ فأجاب : " أما صلاة الرغائب فإنها كالصلاة المعروفة ليلة النصف من شعبان بدعتان قبيحتان مذمومتان وحديثهما موضوع فيكره فعلهما فرادى وجماعة " انتهى . "الفتاوى الفقهية الكبرى" (١/٢١٦) .
❍ وقال ابن الحاج المالكي في "المدخل" (١/٢٩٤) : " ومن البدع التي أحدثوها في هذا الشهر الكريم (يعني شهر رجب) : أن أول ليلة جمعة منه يصلون في تلك الليلة في الجوامع , والمساجد صلاة الرغائب , ويجتمعون في بعض جوامع الأمصار ومساجدها ويفعلون هذه البدعة ويظهرونها في مساجد الجماعات بإمام وجماعة كأنها صلاة مشروعة . . . . وأما مذهب مالك رحمه الله تعالى : فإن صلاة الرغائب مكروه فعلها ، لأنه لم يكن من فعل من مضى , والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم " انتهى باختصار .
❍ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما إنشاء صلاة بعدد مقدر وقراءة مقدرة في وقت معين تصلى جماعة راتبة كهذه الصلوات المسئول عنها : كصلاة الرغائب في أول جمعة من رجب ، والألفية في أول رجب ، ونصف شعبان . وليلة سبع وعشرين من شهر رجب ، وأمثال ذلك فهذا غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام , كما نص على ذلك العلماء المعتبرون ولا ينشئ مثل هذا إلا جاهل مبتدع , وفتح مثل هذا الباب يوجب تغيير شرائع الإسلام , وأخذ نصيب من حال الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله " انتهى . "الفتاوى الكبرى" (٢/٢٣٩) .
❍ وسئل شيخ الإسلام - أيضاً - عنها فقال : " هذه الصلاة لم يصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة , ولا التابعين , ولا أئمة المسلمين , ولا رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا أحد من السلف , ولا الأئمة ولا ذكروا لهذه الليلة فضيلة تخصها . والحديث المروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بذلك ; ولهذا قال المحققون : إنها مكروهة غير مستحبة " انتهى . "الفتاوى الكبرى" (٢/٢٦٢) .
❍ وجاء في "الموسوعة الفقهية" (٢٢/٢٦٢) : " نص الحنفية والشافعية على أن صلاة الرغائب في أول جمعة من رجب , أو في ليلة النصف من شعبان بكيفية مخصوصة , أو بعدد مخصوص من الركعات بدعة منكرة . . .