#استشارة حتى نستوعب مفهوم الطاعة، نحتاج أن ننظر إليها من منظور بعيد عن الزواج
ففي أي مؤسسة ودولة، وشركة، ومدرسة، يوجد قائد له الكلمة العليا ويتبعه جميع الموظفين حتى لو كانت قرارته مخالفة لرغباتهم وهواهم
ولو خالفوه، تعرضوا للمسائلة القانونية، وحدثت فوضى بالمكان وانهار بكل من فيه.
والرابط بين المؤسسات وموظفيها عقد له ضوابط وقوانين يسيرون عليها.
والقائد دوره إداري وإشرافي، وقرارته هدفها المصلحة العامة للمؤسسة، ولا يحق للموظفين التمرد أو التعدي على سلطاته لمجرد أنهم غير راضيين عن قرارته،
ولا يحق لهم مجادلته في كل قرار ومطالبته باستشارتهم لأنه ليس من صلاحياتهم.
أما الحياة الزوجية، فهي تعتبر نفس الشيء لكن مع فارق كبير
أولها أن علاقة المؤسسات علاقة عمل ومصالح
في حين الحياة الزوجية الأساس فيها المودة والرحمة
إن كان دور المدير في المؤسسة، هو القيادة من أجل المصلحة العامة والنفع للشركة
أما دور الزوج في الحياة الزوجية أنه راعي ويقوم على شئون أسرته، وله القوامة ليقوم على أمور بيته بما يحقق مراد الله،
ولذلك وجبت له الطاعة كدلالة على أنه القائد الوحيد ولا يحق لغيره القيادة، وأن الزوجة تحت رعايته وقوامته
وإن كانت المؤسسات كتبت دور كل فرد بالتفصيل ووضعت له قوانين
فالحياة الزوجية تختلف، لأن الشرع وضع الصورة العامة للزواج ولم يفرض تفاصيل المعاملات حتى لا تكون العلاقة بين الزوجين علاقة روتينية جافة
فالشرع علمنا أن الزوج مسئول عن السكن والمأكل والمشرب فقط،
ولم يذكر باقي التفاصيل حتى تكون ناتجة عن الحب والمودة والرحمة ولأنها تختلف من أسرة لأخرى على حسب الظروف المادية والاجتماعية وغيرها
فلم يفرض الشرع على الزوج أن يتحمل نفقة علاج الزوجة، ليكون اهتمامه ورعايته لها ليس لأنه ملزم، بل من باب المودة والرحمة
وكذلك لم يفرض على الزوجة تنظيف البيت
فهناك من هي مريضة ولا يتيسر لها الاهتمام بمنزلها
وهناك من تسمح ظروفها المادية بتأجير خادمة تهتم بشئون البيت
وحتى يكون ترتيبها لبيتها نابع عن حب واهتمام
ولنا في قدواتنا مثل فاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله، لم يعطها الرسول خادما رغم مشقة العمل، ونصحها بذكر قبل النوم لتتقوى به ويكون عونا لها
ونحن كما نعلم، الأنثى قد تحول بيتها إلى جنة حينما تعمل فيه وترتبه بحب
وإذا انعدم الحب، صار البيت كئيبا موحشا
والآن نعود لمسألة الطاعة،
فقد منح الشرع الزوج حق الطاعة، ووضع الضوابط العامة لمواطن الطاعة، مثل طاعته فيمن يدخل البيت، وطاعته في عدم الخروج إلا بإذنه
وبعض المواضع الأخرى المعدودة، إلزامي طاعة الزوج فيها.
ثم ترك للزوج حق القرار في طلب الطاعة في المواقف الأخرى على حسب ما يرى الزوج من مصلحة الأسرة.
وعلى الزوجة طاعة الزوج فيها طالما أنه لم يأمرها بمعصية ولم يكن في طلبه ضرر عليها.
طيب هل بعض الأزواج يتوسعون في طلب الطاعة وقد يتحول إلا رغبة في السيطرة والتحكم؟
نعم صحيح
فهل يجب على الزوجة طاعته هنا؟
نعم، لأنه حق أعطاه الشرع له حتى لو أساء استخدامه
ولكن أيضا من حقها أن تحدثه بالحسنى وتوضح له بالأسلوب والطريقة التي تناسب شخصيته أن الله عز وجل وهبه حق الطاعة لتكون من وسائل رعاية الأسرة والقيام على شئونها، وأن الله جعل الطاعة المطلقة له سبحانه فقط
حتى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمر بالطاعة المطلقة في الأمور الحياتية سواء مع أمهات المؤمنين أو الصحابة رضي الله عنهم جميعا
وإن لم تستطيعي إقناعه، فاعتبري هذا اختبارك في الدنيا لتحقيق معنى العبودية لله
فطاعتك لزوجك هي ليست من أجل الزوج نفسه، بل هي طاعة لله في المقام الأول، ونؤديها حبا في الله بغض النظر الزوج تمادى أم لم يفعل.
وتذكري أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيفما شاء،
فعليك بالدعاء أن يهدي الله قلب زوجك لمراد الله من حق الطاعة وأن يستخدمه كما يحب الله ويرضى حتى لو كان ذلك فيه مخالفة لهواك ورغباتك.
ولفتة أخيرة،
إذا درست علم الأنماط خاصة البوصلة الشخصية
ستجدين أن سمة السيطرة والتحكم هي سمة أساسية في بعض الأنماط، فهو يعتبر الزوجة والأولاد ملك له، وله كامل الحق فيهم وواجب عليهم طاعته مطلقا
هذا بعيدا عن الشرع وينطبق على المسلمين والكفار سواسية لأنه سمة شخصية، وربما يكون ترسخ فيه بسبب المجتمع الذي تربى فيه
وعلى المؤمن المحب لله أن يعرف تفاصيل الحكم الشرعي في ضوابط التعامل مع النساء عامة والزوجة خاصة ليقوم بتهذيب سلوكه على حسب مراد الله منه
وهذا ملف للشيخ الدكتور عبد العزيز بن سعد الدغيثر بعنوان
طاعة الزوجة لزوجها فقها وقضاءونصيحة أخيرة، كثير من الأمور بين الزوجين لا تتحقق إلا بالتقدير والحب والمودة
أسأله سبحانه أن يرزقني وإياكن الحكمة واللين وحسن التصرف كما يحب الله منا ويرضى
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان
💞