"هل ستذهبين الآن؟" سألني بنبرة صوت حادة كالمعتاد، نظرت لعينيه وكانتا مختلفتين تمامًا عن نبرة صوته كما هي العادة... عيونه تخبرني بكل شيء وصوته مجرد نبرة لكي يخفي حبه وإشتياقه لي. قلت بهدوء وأنا أنظر لعينيه وأشعر بالإنجذاب أكثر إليهما مما أنا بالفعل: "أجل سأذهب..." قال بنفس نبرة الصوت الحادة: "حسنًا، اذهبي." أبعد نظره عني، لم أرد الذهاب، لا أريد أن اتركه؛ لكن هكذا هي الحياة... أحيانًا تجبرنا على ترك ما نُحب حتى لو كان لفترة قصيرة من الزمن. "هل ستتركني أذهب؟" نظر لي مرة أخرى بتعجب وعيونه تبحث في عيناي عن أي علامة علي عدم ذهابي. "لا أريدُكِ أن تذهبي." قالها بنبرة هادئة لأول مرة، نبرة هادئة لطيفة، ثم أبعد نظره عني مرة أخري فضحكت. "لماذا تضحكين الآن؟" قلت وأنا أبتسم له: "لأنك لطيف للغاية." "ماذا؟ لطيف! أتقولين أني لطيف؟" تحولت أُذنيه للون الأحمر وتوترت عيناه لكن نبرة صوته عادت لتكون حادة يخفي بها مشاعره. "صحيح،أنت كالقط.. قط أسود لطيف، يخاف من ترك صاحبه له، وفي نفس الوقت يخاف من قرب صاحبه له؛ لكني أحب ذلك، وأحب كيف تكون مشاعرك في عينيك، وكيف أستطيع قراءتك بسهولة." قال بنفس نبرة الصوت: "ماذا؟ أتُشبهينَني بالقطط؟ قط أسود؟ وماذا بشأن عيني ومشاعري! أنتِ تقولين بعض الهراء فقط." ضحكت مرة أخرى وقلت: "أجل أنت قط لطيف، وبشأن عينيك فهما المُفضلتين لدي... للأبد." ثم أكملت حديثي وأنا أبتسم له: "سأراك غدًا." أنهيت حديثي بابتسامة لطيفة واتجهت لأذهب لكنه أوقفني بنبرة صوته الهادئة: "كوني حذرة، راسليني عندما تصلين للمنزل." أكمل بنبرة صوته الحادة: "وهذا أمر يجب تنفيذه." ضحكت وذهبت.
لا أعلم ماذا أفعل الآن غير أنني ألهث بسرعة كبيرة، يَكادُ قلبي يخرج من جسدي، هل هو بخير؟ أسرعي للسيارة حالًا، هل هو بداخلها؟ لماذا لا أري أي شيء من خلال الزجاج! لم أستطع التحمل وحاولت كسر الزجاج مرةً تلو الأخري، لم يكن بداخلها غير السائق، ساعدته علي الخروج وفقد وعيه، بحثت بداخل السيارة عليه ولم أجده! أين ذهب! ماذا حدث له! فقدت أعصابي لحظتُها وبكيت وصرخت من داخلي إلى أن نزف حلقي الكثير من الدماء، وعند سماع صوته إلتفتُ إليه كان يقف مذهولًا مِمَا يراه! أنا أنزف مِن فمي، ويدي مليئة بالدماء؛ لكني سعيدة لرؤيته بخير.
نظرتٌ لهم مِن بعيد، رأيتهم يستمتعون بوقتهم، والآن حان وقتٌ الوداع، تحركتُ قليلًا ثم إنحنيت كأني على مسرح كبير وها قد انتهت المسرحية وأنا أُحيِّ الجميع على مشاهدتهم لي وصبرهم عليّ، كنت أرتدي فستان أزرق بنفس لون البحر الذي خلفهم، انحنيت قليلًا وابتسمت ثم نزلت دموعي تفرٌ من عيناي الحزينتين.