الصدقة من أسباب علاج الأمراض
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّى الصدقة)
فإن الصدقة وصنائع المعروف من أسباب علاج الأمراض، ودفع البلاء وتفريج الكرب، ولا مانع من أن ينوي المتصدق ذلك كله عن نفسه وعن غيره من الأقارب وغير الأقارب من المسلمين، وهو مأجور على ذلك إن شاء الله تعالى، بشرط أن يكون المراد بالصدقة وجه الله تعالى أي لا رياء ولا سمعة.
مع التنبيه على أن الصدقة سبب لحصول الشفاء ودفع البلاء ولو لم ينو ذلك المتصدق.
قال المناوي في فيض القدير عند كلامه على حديث: داووا مرضاكم بالصدقة: فإن الطب نوعان جسماني وروحاني، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأول آنفا، وأشار الآن إلى الثاني، فأمر بمداواة المرضى بالصدقة، ونبه بها على بقية أخواتها من القرب كإغاثة ملهوف وإغاثة مكروب، وقد جرب ذلك الموفقون فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية
أليست هذه الصدقات هي التي تطهرنا؟ ألم تسمع قول الله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [التوبة:103]، مَن الذي يقول لنا: "داووا مرضاكم بالصدقة" حسَّنه الألباني. مَن؟ أليس هو نبينا وناصحنا ومعلمنا؟ هل جربت أن تداوى مرضاك بالصدقة؟ هل جربت البركة في مالك بالصدقة؟ نعم يا أخي، إنها الصدقة، فهي الدواء لكل مريض، هي الدواء بنية الشفاء، فربما تكون تصدقتَ كثيراً، ولكن هل فعلتَ ذلك بنية صادقة بنية أن يعافيك الله من مرضك؟ فجرب الآن! جَرِّبْ، وَلْتَكُنْ واثقاً مِن أنَّ الله سيَشْفِيك، أَشْبِع فقيراُ، اُكفل يتيما، تبرَّعْ لوقف خيري أو صدقة جارية.
يقول الشيخ بن عثيمين -رحمه الله- تعالى وهو يفسر قول الله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا): إن الصدقة وقاية، وقاية من المرض، ودواء لكل مرض؛ إن الصدقة لترفع الأمراض والأعراض من مصائب و بلايا (انتهى كلامه).
وقد جرب ذلك الموفقون فوجدوا العلاج الروحي أنفع من العلاج الحسي، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعالج بالأدعية الروحية و الإلهية، وكان السلف الصالح يتصدقون على قدر مرضهم و بليتهم، ويُخرجون من أعز ما يملكون. جاء رجل يسأل عبد الله بن المبارك -رحمه الله- عن مرض أصابه في ركبتيه منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع؛ فقال له ابن المبارك: اذهب واحفر بئراً، فإن الناس بحاجة للماء، ففعل الرجل ذلك؛ فبرأ مما كان يعانيه.