View in Telegram
Forwarded from احسان الفقيه
نتنياهو الذي دأب على رفع خريطة شرق أوسط جديد في كل مناسبة، توضح حدود دولته المزعومة، قام بتوسيع رقعة الحرب، ونقل مركز ثقلها إلى الشمال والجبهة اللبنانية. كثّف الاحتلال غاراته على مدن سورية، كدمشق وحمص وحماة وحلب وطرسوس في سبتمبر المنصرم، ما يؤكد ما تضمنته تقارير روسية من أن الهدف التالي للاحتلال بعد لبنان هو سوريا لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، وفقا للتقرير. الولايات المتحدة تقدم الدعم المفتوح والمستمر للكيان الإسرائيلي عسكريا ولوجستيا واستخباراتيا، إضافة إلى الغطاء السياسي في المحافل الدولية. إذن، عمليا على الأرض، ووفقا لهذه المعطيات الواقعية، نبدي الأسف لعدم نجاح فكرة أنسنة القضية الفلسطينية، وربما يعود ذلك للأسباب التالية: *أولا: أصحاب هذه الرؤية افترضوا أن استنادها إلى القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة سيكفل لها النجاح، مع أن الواقع ينبئ بأن هذه المسميات محض شعارات، وأن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجنائية الدولية إنما هي منظمات مسيرة وفقا للمصالح الأمريكية. *ثانيا: هذه الرؤية لم تضع في الاعتبار طبيعة المجتمعات الغربية، فهي ضحية الرأسمالية الليبرالية التي حولتها إلى مجتمعات استهلاكية تتمحور حول المادة والمنفعة، وأن هذه المجتمعات الاستهلاكية لن تصمد في صراخها بوجه أنظمتها لفترة طويلة، وبيان ذلك أن الحرب على غزة تمس العاطفة لديهم وليس المنفعة، وطبيعة هذه المجتمعات أن يغلب عليها ترجيح المنفعة والمادة مع ديمومتها، على العاطفة التي تنطفئ جذوتها بعد فترة، وهذا ما يفسر خفوت وهجها مؤخرا، إضافة إلى أن انطفاء الوهج أمر طبيعي مع طول الأمد لا يسلم منه شعب بما في ذلك الشعوب العربية والإسلامية، مع كامل اعترافنا بأن هذه الشعوب كانت أفضل حالا منا في الحراك من أجل غزة بما لديها من مساحة رحبة من الحريات. *ثالثا: ظهور تغوُّل الأنظمة الغربية وسيطرتها على شعوبها، ولو عن طريق القمع كما ظهر في أمريكا وفرنسا ودول أخرى، في تجاهل تام لكل شعارات الحرية واحترام الحقوق، التي ترنمت بها هذه الدول دهرا. هذه الأنظمة مدت مساحات من الحريات للجماهير نعم، ولكن ظهر أن ذلك في إطار الحياة العامة، أما ما يتعلق بالمصالح السياسية، فإنه لا صوت يعلو فوق صوتها، وكما هو معلوم وزاد وضوحا، أن دولة الاحتلال هي رأس الحرب للإمبريالية الغربية، وهو ما صرح به الرئيس الأمريكي بايدن حين قال: لو لم تكن دولة إسرائيل، لعملنا على إقامة إسرائيل». تحويل قضية غزة وفلسطين إلى قضية إنسانية أشبه بجمهور الشاشات الذي يشاهد المباريات من خلالها، يهتف ويهتف ويهتف، لكنه في واد واللاعبين في واد آخر. إن من شأن أنسنة القضية الفلسطينية أن يُرضي العالم ضميره من خلال بعض المساعدات الإغاثية التي تدخل غزة وبإذن الاحتلال. الفلسطينيون ليسوا متسولين لنقف بقضيتهم على الأبواب نستجدي تعاطف هذا أو ذاك، وينبغي أن نستدعي وبقوة الأبعاد الدينية والسياسية والقومية أيضا للقضية الفلسطينية، نُجيّش حولها الجماهير. نتوجه بالخطاب لا للإنسانية، بل نتوجه به لأبناء أمتنا، ليكون بعثا جديدا تنال به حريتها وتحرر به أراضيها، فكما قيل: ما حكّ جلدَك مثلُ ظفرك، فتولّ أنت جميع أمرك، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ==== إحسان الفقيه https://www.alquds.co.uk/%d8%b9%d8%a7%d9%85-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%87%d9%84-%d8%a3%d8%ae%d9%81%d9%82%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b9%d9%88%d8%a9-%d9%84%d8%a3%d9%86%d8%b3%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84/
Telegram Center
Telegram Center
Channel