وبعد. أما مِن مخرَج لنا من هذا السجن الأيديولوجي المطبِق؟
أيكون فرضًا على كل مجدِّدٍ أن ينتظر تفريخ جيلٍ جديد حتى يجد له مؤيِّدين منذ البداية دون عَنَت؟ إن تقدمَ البشريةَ في كل مجال مرهونٌ بتراكم التفسيرات الأفضل للعِلَل الأساسية للمعلولات (الظواهر) الفيزيائية والبيولوجية والاجتماعية، وإن المجتمع الذي سيترك مناعتَه الأيديولوجية على رسوخها وتصلبها سوف يتخلف عن العالم ويدوسه رَكْبُ التقدم. إن مجرد إدراكنا لخطورة المناعة الأيديولوجية قمينٌ بأن يخفف من وطأتِها ويهَدِّئَ من شِرَّتِها، فالمعرفة قوةٌ محرِّرة. ومادامت الفكرةُ الجديدة مؤيَّدةً بالأدلة العلمية الصحيحة فإن من واجبنا، الفكري والأخلاقي، أن نثبط لها من جهاز مناعتنا الأيديولوجية ونتقبلها كتفسيرٍ أفضل للظاهرة. علينا أن نَعِي بجهاز مناعتِنا الأيديولوجية ونشدَّ به إلى حيز الشعور، فنحکمه ولا يحکمنا، ونملکه ولا یملکنا.
[د. عادل مصطفى، جهاز المناعة الأيديولوجية]