كتب أبو ناصر رحمه الله مع مرور عام على الطوفان:محمد بن ناصر مصطفى
الحمد لله وحده..
#عام على الطوفـ.ـان ..
(1)
#سنة_كاملة رأينا فيها من لطف الله ورحمته وحكمته ما لا ينقضي منه العجب، وما لم يكن لنا أن ندركه في بطون الكتب والمؤلفات؛ عشناه واقعًا وفعلًا لا قالةً.
(2)
#سنة_كاملة عشنا فيها مع آيات الكتاب، وسور المـ.ـلاحم في القرآن، تذوقنا فيها معاني الأدعية العظيمة: (ربنا ولا تُحملنا ما لا طاقة لنا به)، (ربنا لا تجعلنا فتنة)، (ربنا أفرغ علينا صبرًا)، وغيرها الكثير مما أرجو أن يتيسر بيانه عن قريب.
(3)
#سنة_كاملة مرّت على حـ.ـربٍ ضروسٍ، قاسينا فيها ألوان العذاب، والخوف، والجوع، والقـ.ـتل، والجراح، والمجـ.ـازر، والنزوح ..
(4)
#سنة_كاملة مَرَرْنَا فيها بجوار الموت -حقيقةً لا مجازًا- ومَرَّ بنا مراتٍ كثيرةٍ لا نُحصيها، حتى صِرنا نعرفه في وجوه من نُحب، ونشمُّ رائحته عن قُرب..
(5)
#سنة_كاملة ذابت فيها قلوبنا من ألم الفراق، واكتوت بنار الفقد، وودعنا خلالها قوافل من الشهداء؛ من خيرة من نُحب، ودّعْنَا الأخوة، والأعمام، والعمّات، وأبناء العمومة، والأصدقاء المقربين، ورفقاءَ الدرب، ودَّعْنَا من لحمنا الحي، اقتطعنا من أجسادنا وأودعناهم التراب بشق الأنفس، ومنهم من تبخر؛ فلم نميز له جسدًا نواريه الثرى، وما اعتدَنا ولا ألِفْنَا تلك المشاهد.
(6)
#سنة_كاملة ومئات آلاف أطنان القـ.ـنابل وحمم النـ.ـار؛ قد أُلقِيَتْ على شمال غزة خصوصًا، وعلى القطاع عمومًا، والفلسطيني ثابت في أرضه، متجذرٌ فيها، يغرس عامود خيمته على أنقاض منزله، ولا يتراجع، يصبر على الجوع والنزوح والجراح، ولا يتقهقر، حتى حُقَّ أن يُقال في سِيَرِ أهل الشمال: شهد معـ.ـركة طـ.ـوفان الأقـ.ـصى، وبقي ثابتًا في شمـ.ـال غـ.ـزة.
(7)
#سنة_كاملة كابَدْنَا فيها أهوال الحياة وشَظَفَ العيش؛ حَمَلْنَا جالونات المياه مسافاتٍ طويلة، وعطشنا فلم نجد ماءً صالحًا نشربه؛ سوى المالح، ونحن الآن في معسكر جباليا مُحاصرون؛ لا نجد ماءً صالحًا للشرب.
سنة كاملة ونحن نجلسُ بشكل يومي أمام موقد النـ.ـار في حر الصيف اللاهب قريبًا من أربع ساعاتٍ؛ حتى رَقَّتْ عظامُنا، وذهبت أبصارُنا، ناهيك عن مهمة الاحتطاب الشاقة .
سنة كاملة عانينا فيها الجوع؛ حتى سالت دمـ.ـاءٌ عظيمة من أجل حفنة دقيق بالكاد تقيم الصُّلب .
(8)
#سنة_كاملة علا فيها صوتُ الأذان، ودوّت المآذن -رغم قصفها مرارًا حتى نُسِف كثيرٌ منها-، وبقي شعاعُ النور المنبعثِ من حِلَقِ الذِّكْرِ وتحفيظ القرآن يبعثُ الأملَ في جسد الأمة المحشوّ بالوهَن، وخطباءُ مساجدنا -التي صارت خيامًا كبيرة- ينادون في المسلمين بصوت البشير النذير: صبّحكم ومسّاكم، أنا النذيرُ العُريان ..
(9)
#سنة_كاملة خَبِرَ الناسُ فيها هشاشة هذا العدو المـ.ـجرم، وإزدواجية النظام الدولي المقيتة، وخيانة الأنظمة العربية، وثباتَ المـ.ـقاتلِ العنيدِ، صاحبِ الأرض، الذي تحضتنه في أحشائها وبين جنبات ركام منازلها، ثم يخرجُ للرتل يجندلهم، وكله أملٌ بلقاءِ الله والآخرة.
(10)
#سنة_كاملة تيقنّا فيها أن الجـ.ـهاد شرف أمة محمد وعِزُّهَا وجَذوةُ نارِها، وأن هذا العدو المجرم، ومِن ورائه تحالف الكـ.ـفر ماضٍ في قتلِنا وإبادَتِنا، لا لشيءٍ إلا لأننا نقول ربنا الله؛ في عالمٍ ظالمٍ يقول حُكامُه بلسانِ الحالِ أو المقال: ربنا أمـ.ـريكا وإسـ.ـرائيل، وأن ضريبة العزة أكبرُ بكثيرٍ من ثمن الذلة، وأننا إن لم نكن أسودًا نُهاجِمْ؛ فسنعيشُ خرافًا تتنظرُ دورها في المسلخ.
(11)
#سنة_كاملة سوّت غـ.ـزة المحاصرة فيها سمعة النظام الدولي بالأرض، ومزقت صورة الـ.ـردع المتآكل لإسرائيل، وصارت تـ.ـل أبيب الكبرى وضواحيها ممسحة يتمندلُ بها كل حرِّ شريف على وجه هذه البسيطة.
(12)
#سنة_كاملة غيّرت فيها معركة طـ.ـوفان الأقـ.ـصى المباركة وجه العالم، وأرست قواعد نظام دولي جديد، أيقنّا فيها أن طريق تحـ.ـرير فلسطـ.ـين قد بدأ، وأنها محطة فاصلة في تاريخ القضية، وأن تضحياتنا الجسام؛ عزيزةٌ كريمةٌ على الله، ولا يمكن إلا أن يكون التحـ.ـرير هو الثمن = عاجلًا أو آجلًا، وأن هذا الطـ.ـوفان سيُغرق كل متخاذل وقف متفرجًا على ذبـ.ـحِنا وقتلِنا.
🖋 محمد بن ناصر مصطفى
الإثنين 07.10.2024، بعد مرور عام على العبـ.ـور المجيـ.ـد، الموافق 04 ربيع الآخر 1446 هـ، من معسـ.ـكر جباليـ.ـا المُحاصـ.ـر، تحت أزيـ.ـز الطائرات ووقع القنابل والمدافع.