فمرتكب الكبيرة ينقص إيمانه ولا يكفر ولقد جاءوا بشارب الخمر وجلد فى عهد النبى ﷺ مرات ولما لعنه البعض نهاهم ﷺ؛ فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: «أُتِيَ النبيّ ﷺ بسَكْرَانَ، فأمَرَ بضَرْبِهِ. فَمِنَّا مَن يَضْرِبُهُ بيَدِهِ ومِنَّا مَن يَضْرِبُهُ بنَعْلِهِ ومِنَّا مَن يَضْرِبُهُ بثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: ما له أخْزَاهُ اللَّهُ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ علَى أخِيكُمْ» رواه البخارى.
- القاعدة الثالثة: من مات على المعاصي كان تحت المشيئة؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا﴾(النساء: ٤٨)،
-
القاعدة الرابعة: الكفر نوعان أصغر وأكبر؛ فالجحود والإنكار المتعمد يُخرج من الملة، ويوجب الخلود فى النار، وأما المعاصي فهى لا تخرج من الملة ولا توجب الخلود فى النار.
- القاعدة الخامسة: قد يجتمع بعض شعب الإيمان مع بعض شعب الكفر كقوله ﷺ: «من قال لأخيه يا كافر فقد باء بهما أحدهما» فسماه أخا.
- القاعدة السادسة: لا بد من التفريق بين النوع والشخص المعين فى قضية التكفير، فلا يجوز تكفير المعين إلا بضوابط معينة كإقامة الحجة وإنتفاء الشبهات.
-
- وعليه فإن تكفير المسلم أو تفسيقه ليس بالأمر الهين؛ ولذلك يجب التثبت فيه غاية التثبت، وليس لآحاد الناس أن يكفر مسلماً، وإنما الحكم على مسلم بكفر أو ردة من إختصاص أهل العلم، ويجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين:
-
أحدهما: دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق.
الثاني: انطباق هذا الحكم على القائل المعين، أو الفاعل المعين، بحيث تتم شروط التكفير أو التفسيق في حقه، وتنتفي الموانع.
فمن كفر أحداً؛ فإن كان كما يقول، وإلا فقد افترى إثماً مبيناً، وصار على خطر عظيم ؛ فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله ﷺ: «أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» رواه البخاري، ومسلم.
فاتقوا عباد الله: واعلموا أن سباب المسلم فسوق فما بالكم بتكفيره؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ» رواه البخارى.
أقول قولي هذا واستغفر الله لى ولكم.
*الخطبة الثانية*
الحمد لله وكفى وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى أما بعد؛ فيا عباد الله: إن قضية تكفير المسلمين ورميهم بالكفر من أخطر القضايا التى ينبغى التصدى لها من خلال تبصير الأجيال الصاعدة بصحيح الدين، وتعريفهم بسماحة الإسلام، ولقد كان للتكفير أسباب متعددة.
أهم الأسباب المؤدية لظاهرة التكفير قديماً وحديثاً.
- الجهل المركب بظاهرة التكفير فالجهل وقلة العلم من أخطر أسباب التكفير.
- التقليد الأعمى واعتماد المذاهب الشاذة بالهوى، فليغى الإنسان عقله ويقلد البعض فى تفكير المسلمين بدون علم.
- التعصب المقيت للجماعة أو المذهب أو الطائفة فنجد أن المتعصب للأفكار التكفرية لا يقبل من العلم ولا الدين ولا الاجتهاد أو الرأى إلا وجهة نظره.
-
- ضعف المخزون المعرفى الشرعي مع حداثة السن لدى بعض الشباب فاخذوا بالمتشبهات دون المحكمات ويأخذون بالجزئيات ويتركون القواعد الكلية، لذا يفهمون النصوص فهماً سطحياً
-
- التكفير هو الحكم على الإنسان المسلم بالردة، ولقد وسع التكفيريون السبيل إلى الحكم به بينما ضيق الشرع الحكم به؛ فمن الأصول المتفق عليها عند أهل السنة والجماعة أنه لا يجوز الحكم على المسلم بالردة أو الكفر ما دام هناك احتمال لبقاءه مؤمناً، لكن الفكر التكفيري يذهب إلى أنه لا يجوز الحكم ببقاء الإيمان ما دام هناك احتمال واحد لتحوله إلى الكفر موجوداً.
-
- ثم إن الغلو التكفيري يسرى إلى غلو آخر شر منه وهو الحكم بالكفر ومن ثم القتل على من تورط فخرج عن حكم الكتاب والسنة؛ وفي قصة حاطب بن أبي بلتعة نقيض ذلك فقد نقل أخبار الرسول ﷺ وتحركات الجيش إلى المشركين وهذا خطأ عظيم ورغماً من ذلك قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾(الممتحنة: ١)،
فوصفه بالإيمان.