ثلاثة من كرام الصحابة ومن خيرة الناس، ويكفي للدلالة على فضلهم قول معاذ بن جبل رضي الله عنه عن أحدهم وهو كعب بن مالك رضي الله عنه، وذلك حين سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما فعل كعب بن مالك؟
فقال معاذ رضي الله عنه: والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه أصحابه باعتزالهم؛ فاعتزلهم المسلمون ولم يكلموهم، وحيل بينهم وبين أزواجهم، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم، كان ذلك لأنهم تخلفوا عنه صلى الله عليه وسلم في ساعة العسرة: (غزوة تبوك)، وهي غزوة لم يلق المسلمون فيها بأسا ولا حربا، وهؤلاء الثلاثة الكرام لم يخذِّلوا عن الخروج أحدا، ولم يلمزوا بأقوالهم أحدا، ولم تحبسهم نية سوء ولا رغبة في التخلف والقعود!
ثم تاب الله عليهم بعدما قعدوا خمسين يوما في عزلة شاقة من الناس، كل هذا لأجل غزوة لم يجد النبي ولا المسلمون فيها شيئا يكرهونه ولا عدوا يقاتلونه!
فكيف بهؤلاء القاعدين المثبطين المرجفين المغموص عليهم في النفاق الذين يخذِّلون المسلمين وهم في خضم ضراوة الحرب والبأس والقتال والشدة والزلزلة؟!
قد كان بعض المنافقين في هذه الغزوة يقولون للمسلمين: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم لبعض؟!والله! لكأنا بكم غداً مقرنين في الحبال!
وقد ذكر بعض أهل التفسير أن هؤلاء المنافقين هم الذين نزل فيهم قول الله تعالى:
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً)
اللهم إني أبرأ إليك منهم، وأشهد أنهم أهل النفاق الذين ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون!