" ذكر الله تعالى يُذهب عن القلب مخاوفه كلها ، وله تأثير عجيب في حصول الأمن ؛ فليس للخائف الذي قد اشتد خوفه أنفع من ذكر الله عز وجل ، إذ بحسب ذكره يجد الأمن ويزول خوفه " .
"العربيُّ لا يهجُو امرأةً أحبَّها.. قَد يُعاتبها وبرفقٍ، وأحيانًا بِشِدةٍ، لكنَّه لا يَنُمُّها أبدًا ولا يهجُوها؛ فهذا ليس من طبع العربيِّ ولا من شيمته!".
ولأنَّ النَّاقة تقطع الفلوات والتي عادة ما تكون غير مستوية فهي، تنخفض براكبها تارة وترتفع به أخرى فتبدو وكأنَّها ترقص براكبها، كما أنَّها تُوجب اضْطِراب راكبها لتمايُلِه عليها يمينًا وشمالًا.
قال الشَّاعر : بزجاجةٍ رقصَتْ بما في قعرها رقْص القلوص براكبٍ مستعجل
والقلوص هي الإبل، فهو يشبّه الشَّراب الذي يَضطرب ويتمايل في قعر الكوب الزّجاجي باضطرابٍ وتمايُلِ الرَّاكب فوق النَّاقة إذا كان سيرها على عجل.
كان أبو العبّاس السّفاح متزوّجًا بأمّ سلمة بنت يعقوب المخزوميّة، وكان قد تزوّجها قبل أن يَلي الخلافة، وقد حلف ألا يتزوّج عليها، وألا يتّخذ سراري.
فقال له خالد بن صفوان ذات يوم: "يا أمير المؤمنين، إنّي فكّرتُ في حالك، وأنت على سعة مُلكك، وقد غلبتك امرأة واحدة، إن مرضت مرضت لمرضها، وإن غابت غبتَ، فحرمت نفسك لذّة الاستمتاع بالجواري ومعرفة جلالتهنّ. فإن منهن الطويلة الغيداء، والفضّة البيضاء، والرقيقة السمراء، يُفتنّ بمحادثتهنّ، ونأت عنك بنات الأحرار والنظر إليهن.
فقال له أبو العبّاس: "ويحك يا خالد! ما طرق مسامعي كلام أحسن مما قلتَ"، وبقي متفكرًا في حديثه.
فدخلت عليه أمّ سلمة، فرأته مغمومًا، فسألته عن السبب، فزوى وجهه عنها، فلم تزل تُلحّ عليه حتى أخبرها. فقالت له: "فما قلتَ لابن الفاعلة؟" فقال: "سبحان الله! ينصحني وتشتمينه؟"
فخرجت أمّ سلمة غاضبة، وأمرت مجموعة من عبيدها، يحملون مقامع من حديد، أن يضربوا خالدًا ولا يتركوا فيه عضوًا سالمًا.
يقول خالد: "خرجتُ مسرورًا بإعجاب الخليفة بما قلتُ، ولم أشكّ أنّ جائزتي ستأتيني قريبًا. وبينما أنا جالس على باب داري، إذا بالعبيد يقبلون نحوي، فظننتُ أنهم يحملون الجائزة، فسألوا عنّي، فقلت: أنا خالد. فأهوى أحدهم بهراوة نحوي، ففررتُ إلى منزلي، وعلمتُ أنّ أمّ سلمة هي من أرسلتهم".
ثم أرسل أبو العبّاس في طلب خالد، فلما حضر بين يديه سأله: "يا خالد، أين كنتَ منذ ثلاثة أيام؟" فقال خالد: "كنت عليلًا".
فقال أبو العبّاس: "لقد وصفتَ لي من أمر النساء والجواري كلامًا لم أسمع أحسن منه قطّ، فأعده عليّ!" فقال خالد: "نعم يا أمير المؤمنين، ولكن أخبرتك أيضًا أنّ العرب اشتقّوا اسم الضّرة من الضّرّ، وأنّ أحدهم لم يكن عنده أكثر من واحدة إلا كان في جهد!" فقال أبو العبّاس: "ويحك! لم يكن هذا في حديثك!" فقال خالد: "بلى والله، وأخبرتك أن الثلاث من النساء كأثافي القدر، يغلي عليهنّ." فقال أبو العبّاس: "برئتُ من قرابتي من رسول الله ﷺ إن كنتَ قلتَ هذا!" فقال خالد: "بلى والله قلتُه."
فقال أبو العبّاس: "ويحك! وتكذبني؟" فقال خالد: "وتريد أن تقتلني؟!"
ثم سمع خالد ضحكًا من وراء السّتر، فقال: "وأخبرتك أنّ بني مخزوم ريحانة قريش، وعندك ريحانة منهنّ، وأنت تطمح إلى غيرها من الإماء!" فقالت أمّ سلمة من وراء السّتر: "صدقتَ والله يا عمّاه، وبررتَ، وبهذا حدّثته، ولكنه غيّر وبدّل!"
فقال أبو العبّاس: "ما لك قاتلك الله وأخزاك!"
يقول خالد: "ثم خرجتُ من عنده، فإذا برسُل أمّ سلمة قد أتوني بعشرة آلاف درهم، وتخت، وبرذون، وغلام، فقبضتها وانصرفتُ."