[رؤية الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله- في دراسة الفقه مذهبيًا]:
ويجب أن تدرس المذاهب على أنها وجهات نظر متساوية القيمة وأن تناقش الأدلة وتوزن الاتجاهات بحياد علمي وصدر مفتوح لا مكان فيه للخصومة والجفاء وتفريق الأمة.
وأرى أن يوضع حد للتقطع القائم بين آراء الفقهاء الكبار، وأن يدرس الأزهر ابن تيمية، وابن حزم وغيرهما إلى جانب الأئمة الأربعة .. إننا نواجه طوفانا من الأفكار والموازين الشائعة للحقوق والمصالح ولا مساغ لمقابلة هذا الطوفان بفكر إسلامي واحد، بل يجب أن يقابل بجميع المدارس الفقهية عندنا.
ثم إن الخلود لكتاب الله وسنة رسوله لا لاجتهاد بشر، ويعنى هذا ألا نتحرج من وزن الاجتهادات القديمة وأن ننفض يدنا من بعضها إذا بدا أن لا مجال لبقائه.
لست مع فكرة إشاعة أخبار الفاحشة والفساد في المجتمع، ومن يتابعني يعلم موقفي من هذا؛ لكن المجتمع الذي يتنكر للفساد الظاهر فيه هو مجتمع أحمق لا يُرجى أن يفكر يومًا بما يصلحه، هذه الدكتورة أخطأت ولا ريب وستعاقب -بحق أو بباطل- لكن دا لا ينبغي أن يجعل الناس تتعامى وتتغافل عن فساد هذا المجتمع وانحلال أخلاقه، وأن واجب العقلاء أن يبحثوا في أسباب هذا بحثًا حقيقيًا، وألا يجعلوه ساحة لإثبات أفكارهم اللوذعية من أسباب سطحية لا تعالج المشكلة.. وربنا يهدي الحال
عجلة الزمان لا ترجع إلى الوراء، وقد حفر الشيخ الألباني اسمه في تاريخ علم الحديث وخط بيده جهده، ومهما انتقده الناس وتمحلوا المقالات لمحوه والغض منه؛ فلن يمحى اسمه…أمرٌ منتهٍ…وأما العلمُ والقول بحقٍ وعدلٍ فيقبل من كل أحدٍ وكلٌّ يؤخذ من قوله ويترك..
في مديح المهندسين المره دي: كنت أتحدث مع صديقي وجاء سيرة المهندسين فأخبرني أنه يؤخذ عليهم مسالة التفكير الرياضي الحدي.. فقلت لهم: هم يفكرون تفكيرًا رياضيا، غيرهم مش بيفكر أصلًا
بما أننا في وقت قليل اللي صاحي فيه: فالذي أعتقده أن مشكلة (بعض) الدعاة أو بمصطلح العامة الشيوخ أو المثقفين ثقافة دينية، -مش لازم يكون شيخًا محضا- أو يتبنون خطابًا إصلاحيًا عمومًا أنهم يظنون أن بمحض انتمائهم لخطاب شريف كالدين أو التكلم بالعلم الشرعي فإنهم قد تخلصوا من الآفات الإنسانية كالغباء وضحالة التفكير وفساد النفس، والحقيقة أن هؤلاء ناس من الناس، بل إنك لو تأملت في حال قطاع ليس بالقليل خاصة ممن عندهم جرأة ووثوقية شديدة على التصدر ستجد عندهم الآفات دي عادي جدًا..فإذا انضاف لهذا ضعف الثقافة وقلة العلم كان الفساد عريضًا بأن يقود الناس أحمق غبي..هيلبسهم في الحيطة ! ولا حول ولا قوة إلا بالله
يقول الطاهر بن عاشور: لشيوع أخبار الفواحش بين المؤمنين بالصدق أو بالكذب مفسدة أخلاقية، فإن مما يزع الناس عن المفاسد تهيبهم وقوعها وتجهمهم وكراهتهم سوء سمعتها، وذلك مما يصرف تفكيرهم عن تذكرها؛ بله الإقدام عليها رويدا رويدا حتى تنسى وتنمحي صورها من النفوس، فإذا انتشر بين الأمة الحديث بوقوع شيء من الفواحش تذكرتها الخواطر وخف وقع خبرها على الأسماع فدب بذلك إلى النفوس التهاون بوقوعها وخفة وقعها على الأسماع فلا تلبث النفوس الخبيثة أن تقدم على اقترافها وبمقدار تكرر وقوعها وتكرر الحديث عنها تصير متداولة. [التحرير والتنوير]
فكرت في هل سيسعفنا العمر لنقرأ ما نريد ونشتهي ونتعلم ما نريد تعلمه؟ ثم أجبت نفسي: أن هذا السؤال وإن كان سؤالا حسنًا، إلا أنه يستبطن نوعًا من البطالة، فالمهم ألا يضيع الإنسان وقتًا في الفاضي وخلاص، ساعتها سيقرأ ما يريد ويكون عمل ما ينفعه!
يقول ابن حزم رحمه الله في احتجاجه على بعض طوائف المخالفين:
"لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا فهم لا يصدقونا، ولا معنى لاحتجاجهم علينا بروياتهم فنحن لا نصدقها، وإنما يجب أن يحتجَّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدقه الذي تقام عليه الحجة به سواء صدقه المحتج أو لم يصدقه؛ لأن من صدق بشيء ملزمه القول به، أو بما يوجبه العلم الضروري فيصير الخصم يومئذ مكابرا منقطعا أن ثبت على ما كان عليه".
مؤخرا لم تعد تستهويني بعض كتابات من ينقلون من يزعمون أنها شهادات لغربيين على عظم حضارة المسلمين، لا لأنها لا قيمة لها ولا لأن الحضارة لم تكن عظيمة، لكن لأن من يفعل ذلك غالبًا إنما ينقلها من موقع ضعف بشكلٍ انتقائي، وأسلوب خطابي لزغزغة مشاعر العوام، ولو أنه كان قويًا لما احتاج لنقل شهادة أحد ليثبت للناس أي حاجة لا لنا ولا لهم..
إن الدين - من أفواه بعض الدعاة - مر المذاق كريه التناول: لأنهم يضيفون إليه من نفوسهم المعتلة ما تعافه الطباع السليمة، ولأمر ما يقول الله في كتابه: ﴿ قل يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل﴾ .
وهزائم الدين فى بيئات شتى ترجع إلى هذه الإضافات الأرضية لا إلى أصوله السماوية، وعلى المسلمين المعاصرين الالتفات إلى هذه الحقيقة وهم يتصورون دينهم ويصورونه للناس أن فتانين كثيرين انتشروا هنا وهنالك يتحدثون باسم الإسلام وبصرهم بحقائقه كلیل.
كثير من استحضار الخطاب الفقهي بمفاهيمه التعاقدية والقضائية في مسائل العلاقات والتعامل فيها كتلك التي بين الرجل وامرأته وجعل تلك النصوص مشاعًا للتراشق بين العامة -من نحو هل يجب علي أن أفعل لزوجي كذا- ترسخ أزمة الزواج ولا تحلها، وإنما الذين ينبغي أن يكون خطابًا عامًا هو معنى الإحسان والعشرة بالمعروف، وأما المفاصلة فلا تكون إلا عند التنازع الفردي، وتلك المفاصلة إن لم تكن شيئًا عارضًا ينتهي إلى الأصل الثابت الإحسان والمعروف فمآلها علاقة مؤذية إن ظلت قائمة ، أو انفصال..
إذا كان الإنسان الغربي قد اكتشف على مضض أن الأرض ليست مركز الكون، فسرعان ما عوّض عن هذا الإذلال النرجسي بأن جعل من ذاته ومن حضارته ومن قارته مركز الأرض.
ليه الخطابات المغرقة في السوداوية وقرب نهاية العالم والتكلم بها -بكثرة وبغير علمٍ وحكمة- مؤذية ومضرة؛ لأنها ببساطة تُقعِدُ كثيرًا من الناس عن العمل والفاعلية فيما بين أيديهم منتظرًا النهاية، والإنسان كدا كدا ضعيف العزم، بيتلصم… ولذلك حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الحث على العمل ولو بشيء قليل وإن رأى الإنسان القيامة رأي العين وشهدها، ففي الحديث: إنْ قامتْ على أحدِكُم القِيامةُ، وفي يَدِه فَسيلةٌ فَليَغْرِسْها.