الإنسان الذي يبني رؤيته وعقيدته انطلاقًا من التجارب التي يعيشها فقط، يتأثّر بهذه التجارب صعودًا وهبوطًا، زيادةً في الأمل أو اقترابًا من اليأس. لكنّ الذي يبني عقيدةً قائمةً على البراهين المحكمة، يمتلك إطارًا محكمًا يفسّر من خلاله التجارب المعاشة فيكون حاكمًا عليها لا محكومًا لها، ومستفيدًا منها لا تابعًا لها.
وممّا قام عليه الدليل القاطع، أنّ مسيرة الحقّ تسير باتّجاه محطّةٍ نهائيّةٍ لا شكّ في الوصول إليها، هي ظهور مولانا صاحب العصر والزمان عجّل الله فرجه وانتصار الحقّ على الباطل انتصارًا نهائيًّا.
اشتدّ البلاء أم ضعف، تقدّمنا أم تراجعنا، ازداد العدوّ طغيانًا أم قلّت حيلته.. هذه مجرّد محطّاتٍ في مسارٍ طويلٍ معلوم الخاتمة.
هنيئًا لمن يوفّق لتسجيل اسمه في سجلّ الممهّدين. هذا لا يهمّه أن يرى النصر النهائيّ بعينه أو لا، لأنّه سيرى بعد الموت ثواب عمله الجزيل مهما كانت ظروف المقطع التاريخيّ الذي عاش فيه.
وثّقتما لنا طريق الجنّة، ولدقائق قليلة أخذتما بنفوسنا نحو فضاءٍ رحب لا يشبه ضجّة أيّامنا. ليس عبثاً أن ترى عيوننا بعض مشاهد رحلتكما الأخيرة قبل العروج، وأنتما أنتما، يعرف إخلاصكما وجمال صفاتكما كل من عرفكما. باللهِ عليكما هل سنعرف يوماً اُنس نهاراتكما ولياليكما الأخيرة! يقولون ان الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، وأنتما لم تسلكا طريقاً واحداً، بل لم تهدأ روحاكما، طرقتما طريق العلم وطريق الاخلاص وطريق الصفاء وطريق القرآن وطريق الثورة وطريق التواضع وطريق التبيين وطريق الخشوع وطريق الطيبة وطريق البسمة وطريق الهمّ الديني و.. يوسف، أحمد، لم تنتهِ رسالتكما، لا زلنا بحاجة لكما، لا زال شبابنا ينتظرون الكثير من عطائكما